بسبب مقاطعة الاحتلال.. لارا القاسم حبيسة مطار “بن جوريون”

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

وصلت لارا القاسم إلى مطار بن جوريون الأسبوع الماضي مع تأشيرة طالب صادرة من قنصلية الاحتلال الإسرائيلي في ولاية ميامي، ومنذ ذلك الحين وهي محتجزة من قبل السلطات داخل المطار ومطالبة بالاعتذار رسميا عن أراء وأفعال قامت بها في الماضي.. فماذا فعلت الأمريكية ذات الأصول الفلسطينية لارا القاسم لتصبح شخص غير مرغوب فيه من قبل سلطات الاحتلال؟.

تقدمت القاسم بالتماس إلى المحكمة الإسرائيلية من خلال محاميها، ضد قرار منعها من دخول الأراضي المحتلة، لكن محكمة الصلح في تل أبيب، رفضت التماسها، الخميس الماضي، فتقدمت بالتماس آخر إلى المحكمة المركزية الإسرائيلية، وهي ما زالت بانتظار قرار المحكمة وأمامها جلسة استماع الأحد المقبل.

يبدو أن مشاركات القاسم السابقة في حركة المقاطعة “BDS”، الرامية إلى مقاطعة إسرائيل أكاديميًّا وسحب الاستثمارات منها، لحين إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية عام 1967، وكذلك انضمامها في حركة من أجل العدالة في فلسطين أثناء دراستها الأكاديمية في جامعة فلوريدا، أسباب كانت كافية لحكومة الاحتلال لمنعها من تجاوز أعتاب مطار بن جوريون، بموجب قانون أقره الكنيست العام الماضي ويخول وزير الداخلية صلاحية منع النشطاء الحقوقيين من الدخول إلى إسرائيل في حال تأكد دعمهم لحركات مقاطعة أو أي أفعال معادية للسامية.

أخيرًا قدمت حكومة الاحتلال للطالبة ذات الـ22 عاما، خيارا إما الاعتذار والتخلي عن دعمها لحركة المقاطعة، أو التخلي عن خطتها لدراسة الماجستير في الجامعة العبرية والعودة إلى الولايات المتحدة.

صباح أمس، قال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد أردان، في تغريدة على حسابه في تويتر: أعلنت بالتنسيق مع وزير الداخلية أرييه درعي، أنه إذا قدمت لارا قاسم، بيانًا واضحًا وصريحًا بأنها أخطأت في الماضي، وتعتقد اليوم أن دعم مقاطعة إسرائيل وحركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها “BDS” كان خطأ وأمرًا غير شرعي، وأنها تأسف لولايتها السابقة في رئاسة فرع في منظمة المقاطعة، فإننا سنتراجع عن قرارنا فيما يتعلق بدخولها إلى إسرائيل.

وأضاف لارا قاسم ليست معتقلة، أنها هي مَن اختارت أن تبقى في مطار بن جوريون، يمكنها السفر والعودة إلى وطنها ومتابعة الأمر من خلال محامين.

من جانبها وصفت محامية تمثل القاسم تدعى لورا بيتشور لـ”نيويورك تايمز”، القضية بأنها “فضيحة لإسرائيل”، مستنكرة اتهام لارا بدعم المقاطعة الأكاديمية، في حين أنها قدمت إلى البلاد بغرض الدراسة، وقالت: إن ملف الحكومة الخاص بالسيدة القاسم استند إلى ملفها على موقع منظمة أهلية خاصة بتوثيق أسماء الأشخاص والجماعات التي تروج للكراهية للولايات المتحدة وإسرائيل والولايات المتحدة، ما يعني أنه لا يستند إلى دليل قانوني.

وأثارت قضية لارا القاسم جدلا حول “الديمقراطية وحرية التعبير” داخل إسرائيل، حيث يتهم مؤيدوها – بحسب تقرير لـ”نيويروك تايمز”- حكومة الاحتلال بالتمييز والعنصرية والاستناد إلى قوانين “فضفاضة” للتضيق على النشطاء الحقوقيين، فيما تقول آراء أخرى بأن مثل هذا التضيق يضر بالصورة الخارجية لإسرائيل أكثر من أي دعوة للمقاطعة.

وقال النائب بالكنيست يوسف جبارين من “القائمة المشتركة” – الذي يتابع القضية بناء على طلب محاضرين جامعيين بحسب مواقع فلسطينية- إن القرار الّذي يقضي باحتجاز الطالبة ومنعها من الدخول هو قرار جائر وتعسفي، ةهو تطبيق للقانون الجديد الذي يمنع الناشطين لصالح القضية الفلسطينية من الدخول هو تطبيق سياسي انتقامي من حكومة اليمين المتطرف، وعليه نطالب بإطلاق سراح الطالبة للالتحاق ببرنامجها التعليمي.

وبحسب وصف الصحيفة الأمريكية أوراق اعتماد القاسم كناشطة معادية لإسرائيل أبعد ما تكون عن الوضوح، فهي أعلنت رسميًا أنها لن تشارك في أي أنشطة مقاطعة أثناء وجودها في إسرائيل وأنها لا تنوي زيارة الأراضي الفلسطينية، وفقا لفريق الدفاع الخاص بها، فيما أكد أحد أساتذتها في جامعة فلوريدا لـ”هآرتس” أنها درست العبرية وجاءت إلى إسرائيل لأنها ترغب في دراسة العلاقات الدوليّة ومن ثم تطوير رأيها الخاص حول النزاع.

في خطوة غير مسبوقة، طلبت الجامعة العبرية الانضمام إلى الاستئناف الّذي تقدم به محامي القاسم، حيث استنكرت الجامعة هذا القرار الّذي أدى الى إعتقالها بدلًا من السماح لها بالدخول.

وفي اتصال هاتفي مع “نيويورك تايمز” قال رئيس الجامعة العبرية: لنكون واضحين، إننا نعارض بشدة حملة المقاطعة ضد إسرائيل، وعلى إسرائيل أن تحاربها، ولكن اعتقال أي شخص بناء على دعمه للمقاطعة يعد أمرًا عكسيًا.

مستشار وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي اعترف في تصريحات صحفية، بأن معلومات الوزارة عن السيدة القاسم أغلبها من مصادر عامة عبر الإنترنت، بما في ذلك موقع حركة المقاطعة الاكاديمية، مضيفا الطالبة حذفت حساباتها في وسائل التواصل الاجتماعي قبل مجيئها إلى إسرائيل ، وهو أمر بدا مريبًا.

الاحتلال الإسرائيلي غير خفي عن أحد أنه يمارس الاضهاد العنصري كل يوم في غزة والضفة وحتى داخل الأراضي التي يرفع علمه عليها وضد من يحملون جنسيته، كما دأب على وصم كل معارضيه بمعاداة السامية بكل فجاجة، لكن قضية لارا القاسم ربما حظيت باهتمام لكونها تحمل تأشيرة دخول مصدرها فلوريدا الأمريكية، وسلاما على جذورها الفلسطينية التي لا تشفع لها لتدخل أرض الأجدد، حتى وإن كانت من بوابات الجامعة العبرية.

ربما يعجبك أيضا