هل تستطيع هولندا السيطرة على مخاوف شعبها من شبح الفقر؟

سحر رمزي

رؤية – سحر رمزي

أمستردام – لعلها المرة الأولى التي تصرخ فيها هولندية من أصل أجنبي، مطالبة الشعب والمنظمات والمؤسسات الاجتماعية والحقوقية والخيرية بهولندا بالتكاتف للخروج في مليونية ضد الحكومة.

المواطنة الهولندية، طالبت الحكومة في بلادها بالتوقف عن سياسة التقشف التي أجهدت الشعب، وجعلته يشعر بأن الفقر أفقده الشعور بالراحة والاسترخاء ومُتع الحياة.

قالت: إنه جاء الوقت الذي يجب أن يتصدى الشعب الهولندي بنفسه للحكومة العاجزة عن تحقيق الرخاء للشعب وتوفير حياة كريمة لكل فرد يعيش تحت سقف البلاد

جاء ذلك خلال ندوة تثقيفية نظمتها كل من  “مؤسسة الفراون بازار وجمعية الرجال المغاربة” ببيت الحي فان دير بيك بشمال أمستردام، الخميس الماضي، بمناسبة الذكرى السنوية السادسة والعشرين للقضاء على الفقر والمحدد له عالميا 17 أكتوبر من كل عام.

ولا شك، كان هناك اعتراف ضمني من الحضور بأن نسب الفقر في هولندا، وخاصة في الأحياء الفقيرة في تزايد بشكل ملحوظ وأكثر المتضررين الأطفال، وأن هولندا تحاول معالجة ذلك، ولكن بشكل لا يجعلها تضطر إلى تغيير سياستها التقشفية، والتي يراها الشعب تؤثر سلبًا على الخدمات الخاصة بمجالات الصحة والتعليم وبالتالي ارتفاع نسب البطالة، وارتفاع الأسعار في كل شيء حتى في المواصلات العامة.

سمر شعلان -رئيسة مؤسسة الفراون بازار- تحدثت عن ضرورة تكاتف المنظمات مع أبناء الحي للقضاء معًا على الفقر، وذلك بتوفير المعلومات لمحدودي الدخل بالهيئات التي يمكنها أن تساعده في توفير حياة كريمة له ولأسرته.

وأشارت إلى أن الخدمات ليس بالضرورة أن تكون مادية، ولكنها يمكن أن تكون بالمعلومات والمساعدات والإرشادات حول الجهات التي تساعده، وهو دور القائمين على بيوت الحي بالمنطقة.

وعرض المستشار عزت عمار، تقديمه استشارات قانونية مجانية ساعة أسبوعيًّا بهدف التخفيف والمساهمة في حل مشاكل سكان الحي، وقد تم تكريم البارزين في العمل الاجتماعي، وأدار الحوار رئيس بيت الحي مصطفى نهاري.

جدير بالذكر، أن العالم يحيي الذكرى السنوية السادسة والعشرين لليوم الدولي للقضاء على الفقر، تنفيذًا لإعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة، بموجب قرارها 196/47، في 22 ديسمبر 1992، إعلان يوم 17 أكتوبر من كل عام ليكون يومًا دوليًّا للقضاء على الفقر.

نسب الفقر في هولندا
تصل نسبة الفقر في هولندا  إلى 7.9٪، رغم أن البلاد تشتهر بنظام ضمان اجتماعي مميز، الذي يوفر شبكة أمان قوية لأولئك الذين يعانون من مشاكل صحية مفاجئة، أو بطالة.

وأرجع ياسين هارتوغ -المشرف العام على مبادرة “معا لمقاومة الفقر بين المسلمين” في حديث صحفي- ذلك  إلى عوامل عدة منها المستوى التعليمي المتدني للجيل الأول من المسلمين، وعدم توفر الفرص المتكافئة للعمل، والسياسات الخاطئة للحكومات الهولندية المتعاقبة.

وأوضح، أنه في الوقت الذي لم تتجاوز فيه نسبة الفقر بين الهولنديين الأصليين 8%، وصلت هذه النسبة بين الهولنديين من أصول مغربية 32%، وبين الأتراك 28%، وأن 50% من الفقراء الذين تحل لهم الكنائس مشكلاتهم في هولندا هم من المسلمين، حسب البحث.

الفقر لدى الأطفال
بحسب دراسات جامعية على أطفال بمختلف المحافظات منذ الولادة إلى 12 سنة  للتعرف على نوع المعاناة لدى الأطفال في مختلف مراحلهم العمرية، وبعد نقاش مع الآباء، أكد البحث على ضرورة أنه يحق للأطفال التمتع بمستوى معيشي لائق، وفقاً لاتفاقية حقوق الطفل.

وأظهر البحث ارتفاعًا في نسبة الفقر بين الأطفال، حيث كانت آخر إحصائية في 2012، تؤكد أن هناك طفلًا بين كل عشرة فقير، والآن أصبح طفل بين كل 9 أطفال يعاني من الفقر. وهذا يعني أن هناك الآلاف من الأطفال يعانون من الفقر بشكل مستمر.

وقال مارك دوليرت، في بحثه، إن الخدمات التي تقدم للأطفال جيدة، ولكنها لا ترتقي لمستوى دولة غنية مثل هولندا، ولذلك يجب أن نتعامل مع الأطفال الفقراء بشكل ومفهوم آخر، يجعلهم أكثر سعادة وطموحًا من أجل مستقبل أفضل، وذلك وفقاً للمادة 27 من اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، يحق للأطفال التمتع بمستوى معيشي لائق. وأنه يجب على الآباء رعاية هذا في حدود إمكانياتهم  وعلى الدولة أن تدعمهم للقيام بذلك.

دراسات رسمية
أكدت دراسات رسمية، سابقة، أن نسبة الفقر ستستمر في الارتفاع خلال السنوات القادمة، وخاصة بالنسبة للأطفال، وإن كان ارتفاعها بشكل أقل حدة.

وقد بدأت منظمة “كورد إيد” الخيرية التي تتخذ من هولندا مقرًا لها، تقديم مساعدات للمواطنين الهولنديين المحتاجين.

وتشير المنطقة إلى أن نسبة الفقر في هولندا ارتفعت بعد الأزمة الاقتصادية، من 4 إلى 10 بالمئة.

من ناحية أخرى، زادت طلبات المساعدة المقدمة لما يعرف بـ”بنوك المساعدة الغذائية” والتي تقدم أيضًا مساعدات للمحتاجين.

ربما يعجبك أيضا