“القمر الصناعي المضيء”.. قفزة صينية نحو عالم بلا أعمدة إنارة

حسام السبكي

حسام السبكي

“قفزة صينية كبيرة.. نحو عالم جديد خالٍ من أعمدة الإنارة”، هكذا أعلنت تقارير إعلامية صينية، عن عزم وزارة الفضاء الصينية، إطلاق قمر صناعي جديد، يشبه انعكاس ضوء القمر، ولكن مع قوة إضاءة مضاعفة بأكثر من 8 مرات عن القمر الحقيقي، وله مميزات عدة، أضحت مثار اهتمام الصحافة العالمية في الآونة الأخيرة.

القمر الصناعي الصيني “illumination satellite”

يبدو أن الصين، باتت على أعتاب مرحلة جديدة، في دنيا الفضاء والاختراعات التكنولوجية المتقدمة، وهي ليست غريبة على البلد الذي اخترع من قبل أقمارًا صناعية للتجسس قادرة على مراقبة المحيطات والغواصات، وآخر للقيام بمهام تعليمية وتربوية، وغيرها، في إطار طموحات الصين المتنامية في استعمار الفضاء.

وفقا لصحيفة “People’s Daily” الصينية، كشف مسؤولون صينيون عن خطة لإطلاق “قمر صناعي” سيضيء السماء على ارتفاع 80 كم، ينطلق من مدينة مدينة “تشنغدو” في جنوب غرب البلاد، والتي يقطنها نحو 14.5 مليون مواطن، في عام 2020.

القمر الجديد، يُقدر له أن يكون أكثر سطوعًا بنحو ثمانية أضعاف من سطوع القمر الحقيقي، ومن المتوقع أن يكون بديلًا عن أعمدة الإنارة التقليدية في الشوارع.

المشروع الصيني، تم طرحه خلال فعالية “الأسبوع الوطنى للابتكار لعام 2018” الذي نظمته وزارة الفضاء، في 10 أكتوبر الجاري، ومن المرتقب أن يضيء القمر الصناعي مساحة تتراوح بين 10 و80 كم بعرض يتراوح بين 9 و80 كم.

ويخطط العلماء الصينيون لإرسال 3 أقمار اصطناعية إلى الفضاء في السنوات الأربع المقبلة، ومن المتوقع أن تدور الأقمار المصنوعة من مواد عاكسة مثل المرآة على مدار 500 كم فوق الأرض، وتضيء مساحة قطرها من 10 إلى 80 كم.

ومن المقرر أن الأقمار الصناعية الثلاثة ستعمل بالتناوب من أجل تقليل استهلاك الكهرباء في البنية التحتية للمدينة بشكل كبير، خاصة خلال فصل الشتاء، وأنه تم تصميم القمر الاصطناعي المشع لإكمال ضوء القمر ليلًا.

وعلى الرغم، من كون الفكرة، قد تبدو غير قابلة للتصديق، إلا أن “وو تشون فيند”، رئيسة معهد بحوث نظام تشنغدو للفضاء والتكنولوجيا والعلوم الدقيقة، ذكرت أن الخبراء يعملون على هذه التكنولوجيا منذ سنوات، وقد “نضجت” الآن لتصبح قابلة للتنفيذ.

واستفاضت “وو” في الحديث عن مزايا القمر الصناعي الجديد، للوكالة الحكومية للإعلام -في وقت سابق- فذكرت أن “سطوع الأقمار الصناعية ووقت الخدمة قابلان للتعديل، ويمكن التحكم بدقة الإضاءة على بعد عشرات الأمتار”.
 
وترجع حالة عدم التفاؤل حيال المشروع، لكونها ليست المرة الأولى، التي يحاول فيها البشر إطلاق الأجسام العاكسة للضوء في السماء، حيث إن المحاولات السابقة انتهت بفشل ذريع.

ومن المفيد هنا أن نذكر، أن فكرة مشروع القمر الصناعي الصيني المضيء، استلهمت من فنان فرنسي تصور قلادة من المرايا تتدلى فوق الأرض، يمكنها عكس أشعة الشمس في شوارع باريس على مدار السنة.

فوائد اقتصادية.. وانتقادات

تخطط الصين، من وراء الفكرة الجديدة لمشروع القمر المضيء، إلى توفير كلفة اقتصادية باهظة، تنفق سنويًا على البنية التحتية، فيما يخص قطاع الكهرباء والطاقة، وفي هذا تحدثت السيدة “وو تشون فنيد”، فأكدت أن الإضاءة القادمة من القمر الصناعي الجديد، سوف تغطي 50 كم مربعًا في مدينة “تشنغدو” التي تشهد الانطلاقة الأولى للمشروع، يمكن أن توفر حوالي 1.2 مليار ين (240 مليون دولار) من تكاليف الكهرباء كل عام.

كما أنه يمكن استخدامها لتضيء المناطق التي تعاني من انقطاع التيار الكهربائي، بسبب الكوارث الطبيعية كالزلازل.

وعلى الرغم من الفوائد الاقتصادية، فإن العديد من مستخدمي منصة التواصل الاجتماعي الصينية “ويبو Weibo” كانوا مهتمين بالآثار السلبية المحتملة، مثل تأثير ذلك على مواعيد نوم السكان، ومقدار تكلفة إنشاء المشروع.

في هذا السياق، علق أحد مستخدمي شبكة “ويبو Weibo” قائلًا: ”هذا بالتأكيد مشروع جيد لتوفير الطاقة، والحد من التلوث”.

وهناك ثمة مخاوف أخرى، تحدث عنها البعض، من أن تؤثر أضواء القمر الجديد سلبًا على الحياة اليومية لبعض الحيوانات، لكن مدير معهد البصريات في كلية الفضاء التابعة لمعهد هاربين للتكنولوجيا، “كانغ وين مين”، أوضح أن ضوء القمر الصناعي سيكون شبيها بـ “الغسق”، لذا ينبغي ألا يؤثر على حياة الحيوانات.

تقرير العربية:


اختراعات سابقة

في إطار الاستخدامات الغريبة للتكنولوجيا، تعتبر فكرة “القمر الصناعي المُضيء”، ليست الأولى من نوعها التي تقدم عليها الصين، حيث سبق لها إطلاق مشروع “جوانلان” لأقمار التجسس الصناعية في المحيطات وللغواصات، علاوة على قمر “شوين لاي” الذي أطلقته الصين لأغراض تربوية وتعليمية.

فقد كشف مجموعة من الباحثين الصينيين عن مشروع “جوانلان” لأقمار التجسس الصناعية، والذي سيزود بالقدرة على استخدام أشعة الليزر لرصد غواصات يصل ارتفاعها إلى 1600 متر تحت سطح المحيط، وستكون أجهزة الليزر قوية للغاية، بحيث تجعل الطبقة العليا من البحر “أكثر أو أقل شفافية”، وفقًا للعلماء مشاركين فى المشروع، إذ يدعى الباحثون أن أشعة الليزر المصطنعة هذه قد تكون أكثر سطوعًا بمليار مرة من أشعة الشمس، ومع ذلك يقول بعض الخبراء: إن هذا النوع من المراقبة في أعماق البحار “مهمة مستحيلة” لأن الليزر عاجز بشكل أساسي عن اختراق ذلك العمق.

وأطلقت الصين كذلك أطلقت أول قمر صناعي مصغر خاص بطلاب المدارس بأنواعها وطلبة العلوم المهتمين بعمليات التطوير والبناء، والذي يحمل اسم “شوين لاي”، وهو اسم رئيس وزراء الصين الراحل، وقد تم إرساله من مقر إنتاجه في قاعدة التنمية الشاملة للشباب في مدينة “هوايان” الواقعة في إقليم جيانجسو شرق الصين، إلى مركز “جينشوان” لإطلاق الأقمار الصناعية شمال غرب الصين في مقاطعة جانسو، حيث قام صاروخ من طراز (سي زد-11) يعمل بالوقود الصلب بإطلاق القمر التربوي إلى المدار الخاص به في يناير الماضي.

ربما يعجبك أيضا