حكومة “روحاني” في مهب عاصفة “الاستقالات”

يوسف بنده

رؤية

تعيش حكومة روحاني أزمة من التصدع بين أركانها، فهناك استهداف للوزراء وأدائهم من جانب البرلمان الإيراني الذي سحب الثقة عن عدد من الوزراء. إلى جانب الضغط من جانب المحافظين على حلفاء روحاني لتركه وحيدًا، إذا كانوا في حاجة للحفاظ على مستقبلهم السياسي.

فقد وافق الأحد الماضي، الرئيس الإيراني حسن روحاني، على استقالة وزيري الطرق وبناء المدن عباس آخوندي ووزير الصناعة والمناجم والتجارة محمد شريعتمداري، ليصل بذلك عدد الوزراء المقالين في غضون شهرين إلى 4 عقب سحب الثقة عن وزيري العمل والاقتصاد أيضًا على خلفية الأزمات الاقتصادية والمعيشية وتدهور العملة وتوقف الصناعات في البلاد.

كما ارتفعت أسعار السلع والمواد الغذائية، بين 50% و100% وفقا للأرقام الرسمية ما دفع بالحكومة أن تفكر في توزيع 10 ملايين بطاقة تموينية بقيمة 7 دولارات شهريًا على المواطنين وسط انتقادات بأنه إجراء غير كاف ولا يحل الأزمة المعيشية.

هناك أزمة

في صحيفة اعتماد، كتب غلام حسين كرباسجي، أمين عام حزب كارگزاران/ كوادر البناء، في مقال له أمس الثلاثاء، أن عدم وجود متحدث رسمي للحكومة، يعتبر أزمة كبيرة، مشيرًا إلى أن حكومة حسن روحاني تعمل دون متحدث رسمي، منذ ثلاثة أشهر، فبعد استقالة محمد باقر نوبخت من منصب المتحدث باسم الحكومة، لم يتم تعيين أي شخص آخر مكانه.

وأضاف كرباسجي أن “السلطة القضائية، التي لا يمكن مقارنة حجم أعمالها مع أعمال الحكومة – بغض النظر عن كيفية إجابتها على الأسئلة – لديها جلسة أسئلة وأجوبة كل أسبوع، ولكن يبدو أن الحكومة نسيت وظيفة المتحدث الرسمي، كما أن ظهور الرئيس في الإذاعة والتلفزيون ممل جدًا”.

وصرح كرباسجي أيضًا بأنه “إذا كانت الحكومة سعيدة بالجرائد المدافعة ووسائل التواصل الاجتماعي، فهي ترتكب خطأ كبيرًا؛ لأن وسائل الإعلام هذه لا تستطيع القيام بمهمة المتحدث باسم الحكومة”.

أما في صحيفة “جهان صنعت”، تساءل الكاتب نادر كريمي جوني: لماذا يتم إنذار نائب الرئيس، جهانجيري ولا يستقيل؟

واعتبر كريمي أن “سبب هذه المعاملة مع جهانجيري هي تصريحاته المثيرة للجدل التي أدلى بها، عندما قال إن الناس ليست لديهم ثقة كبيرة في الحكومة. هذه التصريحات من مسؤول حكومي لم تعجب المسؤولين الكبار في النظام. وقاطعوا جهانجيري في الحكومة، ولكن إذا كان جهانجيري لا يمتلك القرار، إلى هذه الدرجة، فلماذا لا يستقيل؟ هل نقده للحكومة صادق، أم أنه إلى هذا الحد لا يمتلك القرار بحيث لا يستطيع حتى الاستقالة؟”.

وكان جهانجيري قد شكا يوم الأحد، قائلا: “حتى هذه اللحظة لم أستطع حتى تغيير سكرتير مكتبي”، وقد قوبلت أقوال جهانجيري برد فعل بعض الشخصيات السياسية، ومنهم أمين عام حزب “كوادر البناء”، غلام حسين كرباسجي الذي يحمل جهانجيري عضويته أيضًا، حيث قال كرباسجي: “لو كنت مكان جهانغيري لتنحيت عن منصبي”.

وعقب تصريحات جهانجيري، قام ممثل طهران في البرلمان ورئيس تحرير صحيفة “اعتماد”، إلياس حضرتي، في مقابلة له مع وكالة “تسنيم” الإيرانية، بالحديث عن احتمالية تنحي جهانجيري، قائلا: “مجمل الأخبار وتحليلاتي تقول إن إسحاق جهانجيري ينوي مغادرة حكومة روحاني”.

ولكن حتى الآن، نفى كل من غلام حسين كرباسجي، والنائب مصطفى كواكبيان، أخبار استقالة جهانجيري.

جهانجيري باقٍ

وقد تحدث محمود واعظي، رئيس مكتب الرئيس الإيراني، في ختام اجتماع مجلس الوزراء، اليوم الأربعاء 24 أكتوبر (تشرين الثاني)، مفندًا خبر استقالة إسحاق جهانجيري، النائب الأول للرئيس، من منصبه.

وبحسب تقرير وكالة “إيسنا” الطلابية، أشار واعظي إلى أن جهانجيري له في الحكومات الحادية عشر والثانية عشر “دور بارز وحاسم”، نافيًا وقتها موضوع استقالة النائب الأول لروحاني، وقال:  “إن جهانجيري هو الشخص الثاني في الحكومة، وعلى جميع الوزراء وأعضاء الحكومة أن يكونوا منسجمين معه”.

وقد فسر محمود واعظي أقوال جهانجيري بشكل آخر. ووفقًا لما قاله واعظي، في ذلك الاجتماع، فإن “السيد شريعتمداري تحدث قبل السيد جهانجيري، مطالبًا بزيادة سلطات الوزراء بقوة، ورد عليه السيد جهانجيري، سواء بشكل جدي أو على سبيل المزاح: بقدر ما تطلبون منا زيادة في السلطات، فإننا لا نمتلك حتى سلطة إقالة سكرتيرنا، وأنتم على معرفة جيدة بمدى قوة السيد جهانغيري”.

وفي الوقت نفسه، كتبت صحيفة “سازاندكي”، وهي الصحیفة الرسمية لحزب کوادر البناء، إن إسحاق جهانجيري وحسن روحاني التقيا يوم الإثنين الماضي. ووفقًا للصحيفة، خلال هذا الاجتماع تعاتب الطرفان، وفي الختام “جددوا العهد” فيما بينهما.

ومع ذلك، ليست هذه هي المرة الأولى التي يتم الحديث فيها عن الحد من السلطات وإمكانية استقالة جهانجيري. فمع بداية الحكومة الثانية لحسن روحاني، ووجود محمود واعظي رئيسًا لمكتب روحاني، ترددت أخبار مختلفة حول الحد من دور جهانجيري في الحكومة.

روحاني غاضب من النقد

وقد التقى الرئيس الإيراني، حسن روحاني، أمس الثلاثاء 23 أكتوبر (تشرين الأول)، مع عدد من علماء الاجتماع والباحثين الاجتماعيين، وأشار إلى منتقدي حكومته قائلا: “الحقائق تختلف عن تفسيرات الناس ومشاعرهم”، وأحيانًا “هذه التفسيرات لا تتسق مع الواقع، وحتي بعيدة عنها كثيرًا”.

وشدد روحاني في هذا الاجتماع على أن الجامعة يجب أن “تتصرف باستقلالية”، لكن “أساتذة الجامعات يجب أن لا يفصلوا أنفسهم عن الحكومة، وعلينا جميعًا أن نتحمل عبء المسؤوليات الثقيلة التي تقبلناها”.

وحسب ما قاله روحاني، فإن الحكومة تقبل “استقلالية الجامعة والدراسات العلمية والبحثية”، لكن “أن تتنحوا جانبًا وتنتقدوا الحكومة دون تقديم أية حلول عملية، وأن تقولوا إن على الحكومة أن  تفعل أو لا تفعل ذلك، فهذا غير مقبول”.

يشار إلى أن روحاني التقى في الأسابيع القليلة الماضية مع مجموعات من مختلف القوى الاجتماعية، وتم نشر تقارير عن لقاءاته مع الإصلاحيين والأصوليين والاقتصاديين.

وقال روحاني أيضًا إن الولايات المتحدة “فشلت تاريخيًا في مجال الاتفاق النووي”.

وأضاف روحاني: “من خلال توحيد وتعزيز التماسك الوطني، سنكون قادرين على اجتياز المشاكل التي أوجدها الأمريكيون في الأشهر الماضية، ولن يكونوا قادرين على مواصلة المسار الذي يتخذونه”.

شائعة استقالة ظريف

وقد وصف مكتب العلاقات العامة في وزارة الخارجية الإيرانية، في بيان له صدر الإثنين الماضي 22 أكتوبر (تشرين الأول)، خبر استقالة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف من منصبه، بأنه “أخبار مفبركة وشائعات سخيفة”.

ونسبت وزارة الخارجية أيضًا نشر هذه الأخبار إلى “مرضى واهمين”، ينشرون “طموحاتهم غير الناضجة والسخيفة” تحت اسم “الأخبار”.

وقد كتبت العلاقات العامة بوزارة الخارجية أن “هذه المزاعم الكاذبة تمامًا لا تستحق حتى الإجابة  أو الاستنكار”.

وقد تزامن خبر استقالة ظريف من الحكومة، مع نشر خبر تنحي اثنين من وزراء حكومة روحاني؛ وهما: عباس آخوندي، ومحمد شريعتمداري، اللذان تنحيا عن منصبيهما هذا الأسبوع.

وفي وقت سابق، نفى بهرام قاسمي، المتحدث باسم وزارة الخارجية، خبر استقالة ظريف من الحكومة، مصرحًا لوكالة “إرنا” الإخبارية بأن هذه المسألة هي “فبركة أخبار وتسطير أكاذيب”.

ووفقًا للمتحدث باسم وزارة الشؤون الخارجية، فإن “دوائر ومراكز خاصة، تعمل بشكل رئيسي خارج الحدود، وتتبع أهدافًا واضحة ومعروفة، تسعى إلى إثارة القلق وتشويش أذهان الناس”.

وكانت بعض وسائل الإعلام، قد ذكرت، في وقت سابق، أن محمد جواد ظريف قد تنحى بسبب خلافات مع حسن روحاني.

ربما يعجبك أيضا