عندما يتحدث أردوغان عن دولة القانون

يوسف بنده

كتب ـ جاسم محمد
 
دعا الرئيس التركي أردوغان، إلى إجراء محاكمة بتركيا للأشخاص المتورطين في مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي… حزب اليسار الألماني متشكك من أردوغان ويرى أن الرئيس التركي له أغراض أخرى من تلك الدعوة، حسب رئيسته كاتيا كيبينغ، واتهمت كاتيا كيبينغ، رئيسة حزب اليسار الألماني المعارض، يوم 23 أكتوبر 2018 الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالقيام بــ”مناورة مكشوفة” في قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
 
وعلقت كاتيا كيبينغ -رئيسة حزب اليسار الألماني المعارض- بالقول: إن أردوغان يطالب بمحاكمة الأشخاص المسؤولين (عن مقتل خاشقجي) في تركيا “غير أنه لم يعد هناك (في تركيا) وجود لدولة القانون”. وأضافت رئيسة حزب اليسار الألماني المعارض أن “أردوغان المستبد يريد من خلال ذلك تبرئة قضائه الفاسد وتسويقه على المستوى الدولي”، حسب تعبيرها.
 
قضايا تورط فيها أردوغان
 
شهدت تركيا انقلابا عسكريا لبضعة ساعات يوم 15 يوليو 2015، وكانت نتيجتها فشل هذا الانقلاب الذي أثار الكثير من التساؤلات حول حقيقته. وفي أعقاب ذلك اعتقلت حكومة أردوغان أعدادا من “المتورطين” وعزلت قيادات عسكرية متقدمة في الجيش. زج أردوغان أعدادا كبيرة في السجون وفرض حالة الطوارئ.
 
استغل أردوغان قضية اللاجئين بالمساومة والابتزاز، وفتح حدودها عبر بحر إيجه لتدفق اللاجئين وتسريب عناصر تنظيم داعش إلى أوروبا، وشهدت أوروبا عمليات انتحارية أو عمليات منفردة محدودة، رغم الاتفاق الأوروبي التركي.
 
الاستخبارات التركية هي الأخرى تنشط خلف مجموعات من “جمعيات إسلامية” يصل عددها إلى 15 جمعية مسجلة في ألمانيا تعمل لصالح الاستخبارات التركية، وفقا لتقرير وكالة حماية الدستور الألمانية. ويعمل الاتحاد وفق أجندة الإسلام السياسي المرتبطة بحركة “الإخوان المسلمين” ويهدف إلى أسلمة المجتمع في ألمانيا عبر التربية الدينية في المدارس، والهيمنة على المساجد والمراكز الإسلامية ودعم سياسات تركيا الخفية ضد ألمانيا وضد المعارضة التركية، أبرزها الجماعات الكردية وجماعة ”كولن”.
 
طالب أردوغان الولايات المتحدة بتسليم المعارض رجل الدين التركي المقيم في الولايات المتحدة “غولن” وطالب أردوغان ألمانيا بحظر أنشطة جماعته.
 
كشفت صحيفة “إندبندنت” البريطانية خلال شهر فبراير 2018، أن تركيا دعمت التنظيمات الإرهابية من خلال التمويل وعقد صفقات شراء النفط المسروق من مصافى نفط في سوريا والعراق، خاصة خلال سيطرة داعش على الموصل والرقة بعد عام 2014، وتسهيل حصول تلك التنظيمات على مواد خطرة تستخدم في صناعة المتفجرات وتقديم العلاج لمصابي داعش في المشافي التركية، فضلا عن غض تركيا الطرف عن التواجد الداعشي المسلح في منطقة غازي عنتاب بجنوب تركيا وامتلاك داعش لمعسكرات تدريب فيها.
 
أوضح مسئول أمني بالأمم المتحدة أدلة تثبت تورط تركيا بدعم تنظيم “داعش”، بالأسلحة والمعدات العسكرية فى العراق وسوريا، وأن تركيا تستخدم المنظمات غير الحكومية لنقل الأسلحة عن طريق قوافل السيارات التي تحمل المساعدات الإنسانية”، موضحا أن “تنظيم داعش تلقى (2500) طن من نترات الأمونيوم، وتبلغ قيمتها نحو (788700) دولار، إضافة إلى (456) طنا من نترات البوتاسيوم البالغة قيمتها 468.700 دولار، وذلك خلال عام 2015 فقط عن طريق الأراضي التركية.
 
قدرت مجلة “إنتليجنس أون لاين”، المتخصصة في شؤون الاستخبارات، عدد الأجانب الذين انضموا إلى صفوف داعش عبر البوابة التركية بنحو 30 ألف متطرف أجنبي، على الرغم من زعم تركيا وقوفها في صف التحالف العالمي لمناهضة إرهاب داعش
 
وفي تطور آخر، كشفت السلطات المصرية في نوفمبر 2017 تفاصيل شبكة تجسس تركية، وبدأت الشبكة عملها منذ عام 2013 في إطار مخطط متكامل الأركان وضعته جماعة الإخوان داخل مصر وعناصرها المتواجدين على الأراضي التركية، وبتوجيهات وبتمويل ودعم من المخابرات التركية. وأفادت الحكومة المصرية أن الهدف الرئيسي من وراء تكوين هذه الشبكة، هو تسهيل التخطيط والتنفيذ لعمليات إرهابية من خلال جماعة الإخوان، بتنفيذ عمليات عدائية في شمال سيناء والوادي في وقت واحد، والعمل على رجوع جماعة الإخوان إلى السلطة في مصر.
 
أما في ليبيا، فقد أشار ”أحمد المسماري” -المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي- في يناير 2018، إلى دور تركيا في التدخل في شؤون ليبيا ودعم الإرهاب في بلاده، وسط تأكيدات عن وجود سفن تركية كانت متوجهه إلى ليبيا لدعم الجماعات الإرهابية .
 
وأخيرا ألقى أردوغان يوم 23 أكتوبر 2018 خطابه أمام كتلة نواب حزب العدالة والتنمية في أنقرة عن قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في اسطنبول. البعض رأى أن الخطاب لم يضف جديدًا، وآخرون رأوا أن لهجة الخطاب تضمنت تحذيرات ضمنية للسعودية. وطالب أردوغان بجلب المتهمين في قضية خاشقجي إلى القضاء التركي.
 
الخلاصة
 
أصبحت سياسات أردوغان معروفة، بأنها تقوم على الابتزاز والمساومة، وهذا ما حصل في ملفات عديدة منها ملف خلافات تركيا مع الاتحاد الأوروبي، عندما اعلنها أردوغان صراحة، بأنه سيفتح بوابة تركيا للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، في محاولة منه لفرض مناقشة ملف دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.
 
تصريحات وتهديدات أردوغان لا تعكس عن وجود دولة قانون في تركيا، التصعيد الكلامي، تكتيك أردوغان لنقل مشاكله الداخلية ومحاولة منه لكسب الجمهور والمؤيدين تحت باب “إعادة الدولة العثمانية من جديد”.
 
السياسات والقوانين التي فرضها أردوغان ليكون نوع النظام في تركيا رئاسي، كان انتهاك الشرعية وتهديد حقوق الإنسان، بعد أن منح لنفسه صلاحيات “سلطان تركيا”. حملة الاعتقالات التي نفذها أردوغان ضد معارضي خلال “الانقلاب العسكري مطلع عام 2016″، كانت تتعارض مع دولة القانون.
 

إن مطالبة أردوغان بجلب المتورطين في قضية مقتل خاشقجي أمام القضاء التركي، موضوع يتعارض مع القوانين الدولية، كون المتورطين هم من حملة الجنسية السعودية ، وإن المملكة السعودية أعلنت البدء بالتحقيقات وبمشاركة وزير العدل السعودي والمدعي العام. ما عدا ذلك، المملكة تشارك تركيا والولايات المتحدة في التحقيق وبشفافية، وهي سابقة لم تشهدها من قبل في دول المنطقة. ما يعمل عليه أردوغان الآن هو استثمار الحادثة لصالحه في حل مشكلته مؤقتا مع ترامب بإطلاق القس الأمريكي ورفع سعر الليرة التركية.

ربما يعجبك أيضا