انعقاد “المركزي” الفلسطيني في خضم الأزمات الداخلية والخارجية‎

محمود

كتب – محمد عبدالكريم
 
القدس المحتلة – من المقرر أن تنطلق أعمال الدورة الـ30 للمجلس المركزي الفلسطيني، ظهر اليوم الأحد، بمقر الرئاسة بمدينة رام الله، على مدار يومين، لمناقشة ما تتعرض له القضية الفلسطينية من هجمة شرسة تستهدف المشروع الوطني الفلسطيني، والحقوق المشروعة، في العودة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها مدينة القدس.
 
وتكتسب الدورة التي حملت عنوان “الخان الأحمر والدفاع عن الثوابت الوطنية” أهميتها؛ كونها تأتي بعد انعقاد الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، والخطاب الهام الذي قدمه الرئيس محمود عباس في الدورة، الذي شكل محاور السياسة الوطنية التي ستطرح أمام المجلس، وأبرزها الموقف من الادارة الأميركية، ودور الولايات المتحدة في العملية السياسية، على اعتبارها وسيطا غير نزيهة.
 
وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس -في مقابلة مع تلفزيون فلسطين- عن قرارات حاسمة قد يصدرها المجلس في مواجهة القرارات الأمريكية الاخيرة ضد القضية الفلسطينية والاتفاقات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل وكذلك جهود المصالحة الداخلية مع حركة  حماس التي تسيطر على قطاع غزة منذ عام 2007.
 
وقال الرئيس عباس -خلال المقابلة التي أجراها معه تلفزيون فلسطين الرسمي على هامش زيارته إلى سلطنة عمان الثلاثاء الماضي- “بما أن الأمريكيين والإسرائيليين قد نقضوا القرارات، فسنكون في حل منها جميعها”.
 
والمجلس المركزي هو ثاني أكبر مؤسسات منظمة التحرير وسبق أن عقد في أغسطس الماضي برام الله وفي يناير دورة اجتماعات طارئة له للرد على اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالقدس عاصمة لإسرائيل في ديسمبر الماضي.
 
وفيما أكد رئيس اللجنة السياسية في المجلس خالد مسمار أن “كافة التحضيرات لعقد الجلسة تجري بسلاسة”، لافتا إلى أن “أعضاء المجلس في الخارج وقطاع غزة بدأوا بالوصول إلى رام الله”.
 
وأشار مسمار، إلى أهمية الاجتماع، وقال إنه سيكون “حافلا بالنقاط الهامة والخطيرة خاصة مع وجود بنود كثيرة على جدول أعماله تتعلق بالأوضاع الداخلية والعلاقة مع إسرائيل والإدارة الأمريكية والمقاومة الشعبية وملف الأسرى”.
 
ويأتي انعقاد المجلس في ظل مقاطعة فصائل فلسطينية أبرزها الجبهتان الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين، وهما أكبر فصيلان في المنظمة بعد حركة “فتح”، وكذلك حركتا حماس والجهاد الإسلامي وكلتاهما ليستا عضوا في المنظمة.
 
وقال عمر شحادة -القيادي في الشعبية لوكالة أنباء “شينخوا” الصينية- إن “الجبهة لن تشارك في جلسات المجلس”، معتبرا أن هذه الخطوة هي “الوسيلة المتبقية” لمحاولات حماية منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها.
 
وأضاف شحادة، أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وإن إعادة بنائها على أسس وطنية تستدعي عقد الإطار القيادي المؤقت للأمناء العامين للفصائل، وليس المجلس المركزي، مشددا على أن المصالحة الفلسطينية هي الممر الإجباري الآمن للتصدي لكافة المخططات التي تستهدف القضية الفلسطينية.
 
وفي السياق قالت الجبهة الديمقراطية: إن عدم مشاركتها في الاجتماعات جاء بسبب “سياسة التفرد التي تتبعها القيادة الفلسطينية متجاوزة مبادئ الشراكة الوطنية والمشاركة في صنع القرار والسياسات الوطنية”.
 
وقالت الجبهة، في بيان، إن أهم الأسباب التي دعتها للمقاطعة تتمثل بشكل بارز في تعطيل عديد من القرارات المتوافق عليها في دورتي المجلس المركزي (مارس) 2015 و(يناير) 2018 وغياب التحضير الجماعي للدورة الحالية وعدم وضوح وظيفتها.
 
وسبق أن قرر المجلس المركزي في ختام اجتماعات عقدت لأعضائه في يناير الماضي، تكليف اللجنة التنفيذية للمنظمة بتعليق الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل.
 
وفي حينه حدد المجلس المركزي تعليق الاعتراف بإسرائيل إلى حين اعترافها بدولة فلسطين على حدود عام 1967 وإلغاء قرار ضم القدس الشرقية ووقف الاستيطان.
 
كما جدد بيان المجلس المركزي قراره الذي اتخذه في مارس 2015 بوقف التنسيق الأمني (مع إسرائيل) بكافة أشكاله، وبالانفكاك من علاقة التبعية الاقتصادية التي كرسها اتفاق باريس الاقتصادي والطلب من اللجنة التنفيذية البدء في تنفيذ ذلك.
 
كما يأتي انعقاد المجلس مع تواصل حالة الانقسام الداخلي الفلسطيني المستمر منذ منتصف عام 2007 أثر سيطرة حماس على قطاع غزة.
 
وفشلت عدة تفاهمات واتفاقيات جرت غالبيتها برعاية مصرية في وضع حد لملف الانقسام الذي ظل أحد أبرز ملفاته الخلافية ما يتعلق بإصلاح منظمة التحرير وانعقاد هيئاتها القيادية بمشاركة كافة الفصائل.
 
وأشارت حماس -في بيان صحفي- إلى “عدم شرعية”، جلسات المجلس المركزي معربة عن رفضها كل ما يصدر عنه من قرارات.
 
وقالت الحركة: إن “الاجتماع يأتي في ظل غياب إجماع وطني وإصرار على التفرد والإقصاء وتكريس الانقسام واستخفاف”، محملة كل من “يشارك في المجلس جزءًا من المسؤولية فردية وجماعية عن التداعيات السلبية لانعقاده وقراراته”.
 
وجددت الحركة تأكيدها على تمسكها بالوحدة الوطنية، داعية الفصائل لعقد لقاء وطني شامل من أجل بحث آليات تنفيذ اتفاق القاهرة 2011، وتشكيل حكومة وحدة وطنية للإشراف على إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية والمجلس الوطني الفلسطيني
 
المجلس المركزي الفلسطيني هو هيئة دائمة منبثقة عن المجلس الوطني، التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية. تقرر تشكيله عام 1973، لمساعدة اللجنة التنفيذية للمنظمة في تنفيذ قرارات المجلس الوطني وإصدار التوجيهات المتعلقة بتطور القضية الفلسطينية.
 
والمجلس الوطني هو المسؤول بشكل مباشر عن المجلس المركزي، الذي يتكون أعضاؤه من اللجنة التنفيذية، ورئيس المجلس الوطني، وممثلين عن المجلس التشريعي، وممثلين عن فصائل، وحركات المقاومة، والاتحادات الشعبية، والمستقلين الفلسطينيين، ويبلغ عددهم 122 عضوا.
 
ويمثل الفصائل وحركات المقاومة المنضوية تحت لواء منظمة التحرير في المجلس المركزي 29 عضوا، فيما يمثل اللجنة التنفيذية 18 عضوا، والاتحادات الشعبية 13 عضوا، واللجان الدائمة في المجلس الوطني 8 أعضاء يضاف إليهم 28 عضوا من أصحاب الكفاءات والمستقلين، و4 أعضاء من رئاسة المجلس التشريعي، و13 عضوا هم رؤساء اللجان الدائمة في التشريعي، و6 أعضاء  هم رؤساء الكتل البرلمانية في البرلمان الفلسطيني.
 
 ولا تمتلك حركتا “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، أي ممثلين في المجلس المركزي، لعدم ضمهما لمنظمة التحرير، رغم الاتفاق داخلياً على دمج الطرفين في المنظمة، لكن التعطيل ظل سيد الموقف.
 
وكان المجلس المركزي في بداية تشكيله عام 1973، يتكون من 32 عضوا و6 أعضاء مراقبين، وفي عام 1974، تم رفع الأعضاء إلى 43، وفي عام 1977 تمت زيادة العدد إلى 55، وارتفع العدد مرة أخرى عام 1979 إلى 59، وأخيرا في دورة ديسمبر/ كانون الأول عام 2009 بلغ عدد أعضاء المجلس المركزي 122 عضوا.
 
وحسب نص قرار تشكيل المجلس، فإنه من المفترض أن يجتمع كل شهرين على الأقل، ويترأس اجتماعاته رئيس المجلس الوطني.
 
ويقدم المجلس المركزي تقريرا عن أعماله إلى المجلس الوطني عند انعقاده، ويتخذ قراراته بأكثرية أصوات الحاضرين.
 
ومن أهم اختصاصات المجلس، اتخاذ القرارات في القضايا والمسائل التي تطرحها عليه اللجنة التنفيذية للمنظمة، ويقر الخطط التنفيذية المقدمة إليه من ذات اللجنة، ويتابع تطبيق هذه الخطط، ويطلع على حسن سير عمل دوائر منظمة التحرير، ويقدم التوصيات اللازمة لتطوير عمل المنظمة وتحسينه إلى “التنفيذية” التي تعتبر “أعلى سلطة بالمنظمة”.
 
كما يشكل المجلس المركزي اللجان الدائمة في المنظمة، من بين أعضاء المجلس الوطني، ويكون رؤساء هذه اللجان من أعضائه، ويبت في القضايا العاجلة في حال تعذر انعقاد المجلس الوطني، بما لا يتعارض مع أحكام وميثاق المجلس الوطني.
 
ويحق للمجلس المركزي تجميد أو تعليق عضوية أي عضو أو تنظيم، واتخاذ أية عقوبة بشأنه، على أن يعرض الأمر على المجلس الوطني في أول دورة لانعقاده.
 

وكان من أهم القرارات التي اتخذها المجلس المركزي، اختيار ياسر عرفات رئيسا لدولة فلسطين، عندما انعقد في تونس عام 1983، وإصدار قرار بإنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية في دورته المنعقدة في 1993/12/10 في تونس.

ربما يعجبك أيضا