بعد ترشيح ليبرمان.. ماذا ينتظر “كوخافي” رئيس أركان جيش الاحتلال؟

محمد عبد الدايم
رؤية – محمد عبدالدايم
بعد ثلاثة أشهر من البحث والمشاورات؛ أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيجدور ليبرمان، يوم الجمعة، عن نيته تعيين اللواء أفيف كوخافي (54 عاما) نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الرئيس الـ22 لهيئة الأركان، خلفا لجادي أيزينكوت، الذي تقترب ولايته على الانتهاء.

 

في البداية لم يصدر تعليق من نتنياهو أو مكتبه على تصريح ليبرمان باختيار كوخافي، سواء بالاعتراض أو بالموافقة، رغم تواتر أخبار سابقة بأن رئيس الوزراء لم يكن مُتشجعًا لاختيار كوخافي، على عكس ترحيبه بتعيين أيال زمير.

لم يعد الخلاف بين نتنياهو وليبرمان مستترًا، بل أصبح حديث الساعة في إسرائيل، ويلقي اختيار ليبرمان لكوخافي بظلاله على هذا الخلاف في ظل تفضيل نتنياهو لأيال زمير، لكن جرت العادة أن يوافق رئيس الوزراء على ترشيح وزير الدفاع، ولا يعترض عليه. 

بناء على اختيار ليبرمان؛ من المفروض أن تتم ترقية كوخافي إلى رتبة فريق، وبعد ترشيح وزير الدفاع تجتمع لجنة التعيينات ورئيس الحكومة للموافقة على الترشيح، وهو الأمر المتوقع، كي يستهل كوخافي مهام منصبه في بداية يناير 2019.
المُرشح الأنسب للجيش
عن ترشيحه لكوخافي قالت متحدثة مكتب ليبرمان: إن وزير الدفاع “وصل إلى قرار بأن كوخافي هو الأنسب لرئاسة هيئة الأركان، لما يتصف به من القدرة على القيادة، والشجاعة وروح الإبداع المثيرة للإعجاب، كما أنه حقق نجاحا كبيرا في كل المهام التي تولاها خلال السنوات الماضية، مما جعله الأكثر ملاءمة لمنصب رئاسة هيئة الأركان”.
أفيف كوخافي يبلغ من العمر 54 عامًا، درس الفلسفة، وحصل على ماجستير في الإدارة العامة من جامعة هارفارد، وكذلك نال شهادة ماجستير في العلاقات الدولية، واستهل تجنيده في الجيش الإسرائيلي عام 1982 كضابط في لواء المظلات، وشغل مناصب عسكرية عدة بدءا من ضابط قسم، وضابط كتيبة، ثم في عام 1998 عين ضابطا في قسم العمليات في لواء المظلات، وضابط اللواء الشرقي لوحدة الارتباط مع لبنان، وأثناء الانتفاضة الثانية كان ضابطا في لواء المظليين، ثم رئيس اللواء أثناء عملية الدرع الواقي، كما كان ضابط كتيبة غزة، ورئيس شعبة العمليات في هيئة الأركان، ثم رئيس شعبة الاستخبارات، حيث ترأس عمليات الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أثناء عمليتي عمود السحاب والجرف الصامد، وفي عام 2014 أصبح ضابط لواء الشمال، ثم في عام 2017 أصبح كوخافي نائبا لرئيس هيئة الأركان الإسرائيلية.

كان كوخافي أحد أربعة من المرشحين لرئاسة هيئة الأركان، والثلاثة الآخرون هم: نيتسان ألون، وأيال زمير، ويائير جولان، وسبق لموقع شبكة رؤية نشر تقرير عن المرشحين الأربعة بعنوان رئاسة هيئة أركان الجيش.. صراع سياسي ومجتمعي جديد في إسرائيل. 

يوم الأحد 28 أكتوبر تجتمع اللجنة المسئولة عن تعيين كبار المسئولين برئاسة القاضي إليعزر جولدبرج للتصديق على ترشيح وزير الدفاع لكوخافي، ثم تصادق الحكومة عليه بشكل رسمي نهائي.
تخبط أم مراوغة

جدير بالذكر أن ليبرمان ظهر في بداية عملية اختياره متخبطًا إلى حد ما، حيث كان قد صرح بأنه يقيم احتمالات ترشيح نيتسان ألون للمنصب، أو ربما كان ليبرمان متعمدًا التلميح باسم ألون كنوع من المراوغة السياسية، فالجميع في إسرائيل كانوا شبه متأكدين من تكليف كوخافي في النهاية، لأنه الأقرب باعتباره نائب رئيس هيئة الأركان.
 
تجاوبًا مع ترشيحه خرجت تصريحات لوزراء وسياسيين ورؤساء بلديات ومسئولين آخرين يعربون فيها عن موافقتهم على اسم كوخافي، وأجمع معظمهم على أهليته للمنصب استنادًا إلى سيرته العسكرية الناجحة. 

مهام كوخافي العاجلة
نائب رئيس هيئة الأركان
بعد التصديق على تعيينه رسميا؛ من المنتظر أن تكون أولى الخطوات هي اختيار نائب له، حيث سيترقى هو إلى منصب رئيس هيئة الأركان، ويتنافس على منصبه القديم كل من نيتسان ألون (53 عاما)، وأيال زمير (52 عاما). هذه الانتخابات بين الاثنين لها تأثير مستقبلي مهم على عملية اختيار رئيس هيئة الأركان الـ23 بعد انتهاء مدة كوخافي، فمن يصل إلى منصب النائب، يمكن أن يكون صاحب النصيب الأوفر من الترشيح لرئاسة الأركان خلفًا لكوخافي، وكل من ألون وأيال كان منافسًا لكوخافي على رئاسة هيئة الأركان، ومن المؤكد إذا أن يكون له رأي في اختيار نائب له من بينهما.
اختيار قائد القوات البرية وتقييم أداء أسلحة الجيش
بعد اختيار نائب رئيس هيئة الأركان يأتي الدور على قيادة القوات البرية (مازي)، فإذا فشل نيتسان ألون مثلا في الوصول إلى منصب نائب رئيس هيئة الأركان، ربما سيكون تعيينه قائدا للقوات البرية أمرًا طبيعيا، أما إذا رفض وقرر إنهاء حياته العسكرية في الجيش فهناك اسمان مطروحا لهذا المنصب، الأول هو اللواء ميكي إدلشطاين الذي كان له مجهود كبير في مواجهة الأنفاق حينما تولى قيادة لواء غزة، والثاني هو إيتي فيروب، المقرب من كوخافي، ويتولى حاليا منصب قائد لواء غزة بعد إدلشطاين.
كذلك من المهام التي على كوخافي الاضطلاع بها هي تقييم قوة سلاح الجو الإسرائيلي بقيادة عميقام نورقين الذي حقق نجاحًا لا بأس به، وسلاح البحرية بقيادة إيلي شربيط.
إعادة تنظيم فريق العمل ودائرة المقربين
من المنتظر أن يعيد كوخافي تشكيل طاقم العمل العسكري المصاحب له؛ وهو الطاقم الذي يكون مقربا لرئيس هيئة الأركان، ومعظم أفراده في عهد جادي أيزنكوت كانوا من سلاح البحرية الإسرائيلية، فهل يحتفظ هؤلاء بمواقعهم في عهد كوخافي أم يختار بدلاء لهم من المقربين إليه في لواء المظليين أو شعبة الاستخبارات العسكرية الذي كان قائدا لهما.
باختيار كوخافي تبدأ مرحلة جديدة من تاريخ العسكرية الإسرائيلية، التي تعطي اهتمامًا كبيرا لدور رئيس الأركان، باعتباره القائد الفعلي للجيش، حيث إن منصب وزير الدفاع هو منصب سياسي ليس أكثر، وفي هذا الوقت تعمل إسرائيل على عدة جبهات أمنية وعسكرية واستخباراتية.

الاختبار الأول: غزة وحماس
أولى هذه الجبهات هي الجنوب على طول الجدار العازل مع قطاع غزة، والعلاقة مع حماس في ظل تواتر أنباء عن الموافقة على تهدئة طويلة نسبيًا بين الطرفين، ولكن بات من الواضح أن حماس نفسها لا تستطيع السيطرة الكاملة على شباب غزة المنتفضين ضد الاحتلال الإسرائيلي، وهؤلاء الشباب يمثلون ضغطًا سياسيا على حكومة نتنياهو وعلى وزير دفاعه ليبرمان، خصوصًا مع تكرار مسيرات يوم الأرض، ومحاولات اختراق الجدار العازل، وابتكار طرق جديدة للمقاومة تتمثل في الطائرات الورقية أو البالونات المشتعلة، التي سببت هلعًا للإسرائيليين، وخسائر في المحاصيل الزراعية.
هذه التحركات الثورية من شباب المقاومة لا تستطيع حماس كبحها بشكل تام، وهو الأمر الذي يعرقل اتفاق التهدئة الذي يدور الحديث عنه منذ فترة، ولذلك صعدت حكومة نتنياهو خطابها ضد غزة مؤخرًا، وهدد نتنياهو بأن إسرائيل لن تظل صامتة إزاء هذا التهديد. 
من المعروف عن كوخافي، أنه قائد عسكري من النوع الإصلاحي العملي، ومن ثم يُتوقع منه أن يضع معادلة جديدة للأوضاع في غزة، خصوصًا إذا لم تحقق الخطوات السياسية تهدئة بين إسرائيل وحماس. يتوقع الجميع في إسرائيل أن يجيب رئيس هيئة الأركان الجديد على الأسئلة المتعلقة بقطاع غزة، وفي حال لم يخرج اتفاق التهدئة المزمع إلى حيز التنفيذ، فيُنتظر من كوخافي أن يقدم بديلا، والبديل هنا عسكري بطبيعة الحال.  
الاختبار الثاني: إيران في سوريا وحزب الله في لبنان
الجبهة الثانية هي في الشمال، حيث سوريا ولبنان، أو بمعنى دقيق حاليا: إيران وحزب الله في الشمال، فتركيز إسرائيل الحالي يتمثل في قطع الإمدادات العسكرية الإيرانية إلى حزب الله، ومنع تمدد قوات الجيش الإيراني في سوريا وكبح حزب الله في لبنان بقدر الإمكان.
إسرائيل من جهتها أوقفت عملياتها العسكرية في سوريا، منذ أن تسببت في إغضاب الدب الروسي بعد تدخلها لقصف أهداف إيرانية في سوريا دون التنسيق مع روسيا، ما تسبب في إسقاط الطائرة العسكرية الروسية إيل 20 في سبتمبر الماضي. بالتأكيد ستواصل إسرائيل مساعيها لإنهاء الوجود العسكري الإيراني في سوريا، سواء بتنسيق مع روسيا أو مثلما فعلت مؤخرًا، وهنا ينتظر الجميع ما سيقدم عليه الجيش الإسرائيلي تحت قيادة كوخافي.  

ربما يعجبك أيضا