مستقبل الحكومة الألمانية على المحك مع ولاية ميركل الأخيرة

أسماء حمدي

كتبت – دعاء عبدالنبي

بعد خسائر الأحزاب المتحالفة مع حكومة ميركل في الانتخابات المحلية، المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أبدت استعدادها للتخلي عن منصب رئاسة حزب الاتحاد المسيحي وعن منصب المستشارية في نهاية ولايتها الحالية في 2021، في وقت يواجه فيه الائتلاف الحاكم صراعات داخلية بدأ بإعلان الحزب الاشتراكي الديمقراكي انسحابه من التحالف العام المقبل إذا لم يحقق الحزب نتائج ملموسة، فهل يستمر ائتلاف ميركل أم ينتهي بإجراء انتخابات مُبكرة وتشكيل حكومي جديد؟

ميركل تتنحى

في خطوة مفاجئة، أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في مؤتمر صحفي في برلين، أمس الإثنين، أنها لن تترشح مجددًا لرئاسة حزبها المسيحي الديمقراطي، وذلك عقب الخسارة الكبيرة التي لحقت بحزبها في انتخابات البرلمان المحلي بولاية هيسن الألمانية، والتي جرت أمس الأحد.

كما أعلنت ميركل أيضا أن الولاية الحالية لها كمستشارة، هي الولاية الأخيرة، وأنها ستتخلى حتى عن الترشح للانتخابات البرلمانية المقبلة، والتي من المقرر إجراؤها في 2021. وستترك ميركل بعد نهاية حكمها كافة المناصب السياسية.

وكانت الضغوط قد تزايدت على ميركل بعد تراجع شعبية حزبها المسيحي في الانتخابات في ولاية هيسن، وكذلك الخسارة التاريخية التي لقيها حلفاؤها في بافاريا في الانتخابات البرلمانية للولاية.

ويعتزم الحزب المسيحي الديمقراطي الاستعداد للمؤتمر الحزبي المنتظر في هامبورج مطلع ديسمبر المقبل، ومن الممكن تنظيم مسألة اختيار خليفة ميركل في رئاسة الحزب خلال هذا المؤتمر.

يذكر أن ميركل تم انتخابها في أبريل2000 كرئيسة للحزب بأغلبية ساحقة، لتنهي رئاستها للحزب بعد 18 عامًا، وتقود الحكومة الألمانية منذ العام 2005، ولقبت بالمرأة الحديدية وكانت من أقوى الشخصيات تأثيرًا في العالم وفقا لمجلة فوربس.

خسائر فادحة

يأتي تخلي ميركل عن رئاستها للحزب ومنصب المستشارية، بعد تراجع شعبية حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي ترأسه ميركل رغم تصدره، بعد أن حصل على 28% من الأصوات في الانتخابات المحلية بولاية هيسه، وهو ما يشكل تراجعًا كبيرًا للحزب الذي حصل في الانتخابات السابقة بالولاية عام 2013 على 38.3% من الأصوات.

وكانت نتائج الحزب الديمقراطي الاشتراكي المنتمي ليسار الوسط أسوأ من ذلك، إذ حصل على 20 % من الأصوات بعد أن كان حصل على 30.7 % عام 2013، وتعد هذه أسوأ نتيجة للحزب في الولاية الواقعة بغرب ألمانيا منذ عام 1946.

من جهتها، قالت زعيمة الحزب الديمقراطي الاشتراكي،أندريا ناليس، إنها ستستخدم خارطة طريق لقياس تقدم الائتلاف الحاكم الذي يعاني من صراعات داخلية، في إشارة إلى إمكانية انسحاب حزبها من الائتلاف مع ميركل إذا لم يتمكن من تحقيق نتائج ملموسة أمام مؤيديه العام المقبل، بينما حل حزب الخضر في المركز الثالث بمعدلـ 19.5 % من الأصوات.

سبق ذلك خسائر غير مسبوقة لحلفاء ميركل في انتخابات برلمان ولاية بافاريا الألمانية التي أجريت يوم 14 أكتوبر الجاري، والتي حصل فيها الحزب المسيحي الاجتماعي، الحليف لميركل على 35.5%  من الأصوات بخسارة 12% عن انتخابات 2013 ، ليفقد بذلك أغلبيته المطلقة التي ظل يحظى بها لعقود.

ووفقًا لهذه النتائج الجزئية تعرض الاشتراكيون إلى أكبر هزيمة في تاريخهم وحلوا في المرتبة الرابعة، بعد الاجتماعي المسيحي وحزب الخضر وحزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي، بحصولهم على 9,9% من الأصوات، كما يعتبر حزب الخضر الفائز الأكبر في هذه الانتخابات إذ حل في المرتبة الثانية بـ 18,5%.

مصير الائتلاف الحاكم

بعد الخسائر التي لحقت بحلفاء ميركل، ستسعى المستشارة الألمانية إلى إعادة تجميع تحالفها الحكومي الذي وصفه موقع الشرق الأوسط بـ”الهش” بعد الهزيمة الساحقة التي مني بها الحزبان الكبيران في مقاطعة بافاريا وهيسه الألمانية.

جدير بالذكر، أن ميركل تقود حكومة ائتلافية تضم إلى جانب حزبها الاتحاد المسيحي الديمقراطي، الاتحاد المسيحي الاجتماعي (البافاري) والحزب الاشتراكي الديمقراطي.

ففي الوقت الذي يهدد فيه الحزب الاشتراكي الديمقراطي بالانسحاب من الائتلاف الحاكم العام المقبل، لا زالت التوترات قائمة بين حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي ترأسه ميركل وبين الحزب البافاري الذي يترأسه وزير الداخلية هورست زيهوفر، بسبب ملف اللاجئين الذي تبنته ميركل في 2015.

وبناءً على ما سبق، فمثل تلك التوترات وتهديد البعض بالانسحاب من الائتلاف الحاكم قد يؤدي لانتخابات مبكرة أو تشكيل حكومي جديد يحل فيه أحد أحزاب المعارضة مكان الحزب المسيحي الاجتماعي أو الحزب الاشتراكي الديمقراطي.

وفي هذا السياق، حذر المفوض الأوروبي لشؤون الميزانية جونتر أوتينجر من إمكانية أن يؤدي إجراء انتخابات جديدة بألمانيا وحدوث تغيير في المناصب، إلى إحداث شلل بها لفترة طويلة بعد إعلان اعتزام المستشارة أنجيلا ميركل عدم الترشح مجددًا في الانتخابات الاتحادية المقبلة، ليبقى مستقبل الحكومة الألمانية مفتوحًا على جميع الاحتمالات.

 

 

ربما يعجبك أيضا