“الخطة الشاملة للهجرة” .. ألمانيا تتجه للحد من اللجوء

جاسم محمد
رؤية ـ جاسم محمد
طرح زيهوفر  فى يوليو 2018 خطته الخاصة بالهجرة أملا في وضع بصمته على سياسة أكثر تشددا لألمانيا فيما يتعلق بالحدود والسيطرة على موجات الهجرة الغير شرعية وتدفق اللاجئين ، وهو ما يتعارض مع سياسة “الباب المفتوح” التي أعلنتها ” المستشارة الالمانية “أنغيلا ميركل” في أوج أزمة اللاجئين عام 2015، وتعتمد “الخطة الشاملة للهجرة” التي قدمها وزير الداخلية الألماني “هورست زيهوفر” على ركائز معينة، و تصاعدت حدة الخلاف بين قطبي التحالف المسيحي بألمانيا بشأن اللاجئين والهجرة ومن أهم نقاط الأجراءات ونقاط الخلاف حولها:
ـ مراكز إرساء
وتعني “وصول، قرار، وإعادة” وهذا يعني أن كل عملية دراسة اللجوء ستتم في “المراكز” المخصصة، وأن دوائر الدولة المعنية وحتى المحاكم المختصة ستكون ممثلة في هذه المراكز، كما يرغب الوزير بتقديم مساعدات عينية للاجئين لا مساعدات مالية، وبجسب المقترح يجب على طالبي اللجوء المكوث فيها حتى البت بطلبات لجوئه ، ويسعى زيهوفر لبناء (6)مراكز من هذا النوع، غير أن معظم الولايات الألمانية ترفض تواجد تلك المراكز فيها، وتقوم أفكار المستشارة على حماية أفضل للحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، بجمع لاجئي قوارب الموت في “مراكز إرساء” خاصة في دول الاتحاد تخضع لشروط مشددة.
أعلنت منظمة “برو أزول” الألمانية المعنية بالدفاع عن حقوق اللاجئين فى يوليو 2018  أن خطة وزير الداخلية الألماني “هورست زيهوفر”، تهدف بصفة خاصة إلى تحويل ألمانيا إلى دولة ترحيل للاجئين،وقال المدير التنفيذي للمنظمة “جونتر بوركارتإن”أن زيهوفر يقوم بتحويل ألمانيا من دولة استقبال إلى دولة ترحيل.
ـ الالتزام بقواعد الاشتراك في دورات الاندماج
يجب دراسة الحالات التي قدم فيها اللاجئون معلومات عن كونهم معرضون للخطر في بلدانهم الأصلية، وفي حال عودتهم إلى بلادهم خلال طلبهم اللجوء، سيعتبر طلب لجوئهم لاغياً ،كذلك يجب إثبات هوياتهم الحقيقية، ومن لا يلتزم بقواعد الاشتراك في دورات الاندماج، عليه الأخذ بالاعتبار أن هناك عواقب لذلك، ويريد زيهوفر طرد طالبي اللجوء المسجلين في دول أخرى بالاتحاد الأوروبي، من عند الحدود الألمانية، بينما ترفض ميركل ذلك مفضلة حلاً أوروبياً شاملاً لهذه القضي، إذ ترى أن الأمر يجب ألا يقتصر على الجانب الألماني وحده.
أظهر استطلاع حديث للرأي أجراه معهد “إيمند” شمل عينة من (505) شخصا ونشرت نتائجه فى يونيو 2018 أن ما لا يقل عن (54%) من الألمان يوافقون على إعادة طالبي اللجوء القادمين من دول ثالثة آمنة إلى هذه الدول، فيما رفض (34%) عملية الإبعاد بواسطة الشرطة الاتحادية،كما عبر (49%) من المستطلعة آرائهم عن عدم ثقتهم بسياسة اللجوء التي تنتهجها المستشارة أنغيلا ميركل، فيما رأى(42%) أن السيدة ميركل تتحمل المسؤولية الرئيسية في الاتهامات بخصوص منح حق اللجوء بشكل غير قانوني من قبل فرع المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في بريمن، وذلك مقابل (52% )ممن يرون عكس ذلك.
ـ إجراءات قضائية سريعة
وتشمل تسريع في عمليات دراسة اللجوء وزيادة في عدد الموظفين المتخصصين، وأن يشارك اللاجئون في تكاليف الإجراءات بالمحاكم ،ويرى ” فيرنر باتسيلت” بروفسور جامعة درسدن التقنية أن المستشارة ميركل لن تتنازل عن التزاماتها أمام الاتحاد الأوروبي بينما وعد زيهوفر لناخبيه بأنه سيوقف الهجرة غير الشرعية إلى ألمانيا، وشدد الخبير على أن ألمانيا على وشك اصطدام الحزبين الذي سيضر لكل منهما، قائلا: “لا أتصور كيف سيستطيع كل منهما حل هذه الأزمة دون إراقة ماء وجهه”.
ـ التقليل من عدد اللاجئين “الثانويين”
منع انتقال اللاجئين من بين البلدان الأوروبية  ولهذا يجب اتخاذ كل “الإجراءات القانونية والإدارية الضرورية” لمنع ذلك، ووضع حد أعلى لاستقبال اللاجئين وذلك يشكل  نقطة خلافية أخرى تعود إلى 2016، إذ طالب زيهوفر للمرة الأولى بوضع حد أعلى للاجئين الذين تستقبلهم ألمانيا، وأقترح أن يكون (200) ألف شخص سنويا،  وذلك ما رفضته ميركل رفضاً قاطعاً، ونص البرنامج الانتخابي لحزبه عليها، بل وجعل منه شرطاً لدخوله في تحالف حكومي مع ميركل، ورغم اتفاق الحزبين عليها فيما بعد خلال محادثات تشكيل الحكومة، إلا أن كلمة “الحد الأعلى” لم ترد في وثيقة التحالف بينهما في أكتوبر 2017.
ـ حماية الحدود
يجب حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي و إعادة المهاجرين المنقذين عبر البحر المتوسط إلى “مراكز لجوء” في شمال إفريقيا،. لكن لا دولة في شمال إفريقيا حتى الآن مستعدة لإنشاء مثل هذه المراكز على أراضيها، ومن يتمكن من الوصول إلى أوروبا، يجب الإبقاء عليه في مراكز “مراقبة”، و يتواجد الخلاف في تفسير معنى “الاجراءات الداخلية”، فأعضاء حزب زيهوفر يعتبرونها “إجراءات وطنية”، غير أن المتحدث باسم الحكومة الألمانية قال إن المقصود ليس هو “إجراءات أحادية على حساب دول أخرى”،. ويرى مراقبون في رغبة زيهوفر تأثيراً سلبياً على اتفاقية منطقة “شينغن” فيما يخص حرية مرور الأشخاص.
ـ الترحيل السريع
يتواجد عند الحدود الألمانية النمساوية مهاجرون قد طلبوا اللجوء رسميا في بلد أوروبي معين، وقد اتفقت قيادات الاتحاد المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي على ترحيل طالبي اللجوء هؤلاء خلال (48) ساعة كأقصى حد، في “مراكز عبور”، وعمليات الترحيل المزعمة تتطلب اتفاقيات مع دول أوروبية، ومازال الوزير زيهوفر في خضم المفاوضات مع تلك الدول لغرض تحقيقها ،إنشاء خطة “مارشال أفريقيا”، لغرض دعم التنمية السياسية والاقتصادية لدول شريكة ،كي تتوفر لمواطني هذه البلدان ظروف حياة ملائمة تمنعهم من عبور المتوسط.
إن جملة الأجراءات والقوانين التي بدأت تتخذها وزارة الداخلية الألمانية، تشير بأن المانيا عازمة على الانسحاب من التزاماتها الخاصة باللجوء والهجرة وربما انسحابها حتى من العقود الخاصة باللجوء واتفاقية جنيف، نتيجة الضغوطات السياسية من قبل حزب البديل من المانيا والمعارضة.
وطرح حزب البديل منتصف شهر اكتوبر 2018 مقترحا في البرلمان من اجل انسحاب المانيا من تعهداتها في موضوع اللاجئين والهجرة. إن ما تتعرض له المستشارة الالمانية من ضغوطات، بسبب عامل الهجرة، جعلها تقدم الكثير من التنازلات الى الحزب المسيحي الاجتماعي بزعامة زيبهوفر” من اجل البقاء في منصب المستشارية. إن تراجع سياسة ميركل ودورها في القضايا الداخلية والخارجية، يضع نهاية الى تاريخها السياسي، وهذا يعني ان سياسات المانيا في المنظور القريب سوف تشهد تحولا، تجاه قضية الهجرة والتي سوف تتسم باتخاذ اجراءات اكثر تشددا.

ربما يعجبك أيضا