قبل تطبيق العقوبات.. طهران تراهن على الحلفاء وواشنطن تقدم إعفاءات مؤقتة

يوسف بنده

رؤية

يبدأ الحظر الأمريكي على صادرات النفط الإيراني خلال أيام، بالطبع ليست المرة الأولى التي يُعاني فيها النفط الإيراني من عقوبات، فهل يقفز انسحاب النفط إيران بالأسعار من جديد؟ هذا ما يُحاول ترامب تجنبه.

وكانت الحكومة الأمريكية قد انسحبت في مايو/ أيار الماضي، من الاتفاق النووي الإيراني، وأعلنت أن العقوبات التي تم إلغاؤها بسبب هذا الاتفاق ستستأنف، وقد بدأت الجولة الأولى من العقوبات في شهر أغسطس/آب الماضي، ومن المقرر أن تبدأ الجولة الثانية في الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. وتستهدف مبيعات النفط والغاز الإيراني، لأجل خفض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر.

وقد أفادت وكالة “رويترز” بانخفاض صادرات النفط الإيراني إلى الدول الآسيوية، الشهر الماضي، ووفقًا لهذا التقرير، فقد كانت الكميات التي صدرتها إيران من النفط إلى الصين واليابان وكوريا الجنوبية، هي الأقل على مدى السنوات الثلاث الماضية تقريبًا.

وفي الشهر الماضي، اشترت هذه الدول الثلاث ما مجموعه 1.13 مليون برميل من النفط الإيراني، مسجلة بذلك انخفاضًا نسبته 41 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وقال بنك جولدمان ساكس إنه يتوقع أن تهبط صادرات النفط الخام الإيرانية إلى 1.15 مليون برميل يوميا بحلول نهاية العام، انخفاضًا من نحو 2.5 مليون برميل يوميًا في منتصف 2018.

البقاء عبر روسيا

وكانت بعض وسائل الإعلام قد كتبت، في وقت سابق، أن إيران وروسيا توصلتا إلى اتفاق يمكن لإيران، من خلاله، أن تلتف على العقوبات الأمريكية ضد صادرات النفط. وبناء على ذلك، تنوي إيران تصدير نفطها من بحر قزوين إلى روسيا، وفي مقابل عرض النفط في السوق من قبل روسيا، سوف تتلقى “سلعًا وخدمات” من هذا البلد.

وقالت صحيفة “فايننشيال تايمز” البريطانية، في وقتٍ سابقٍ، نقلاً عن مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية إن بلاده حذرت روسيا “من المساهمة في مساعدة إيران من أجل الالتفاف على العقوبات النفطية الأمريكية”.

وكان وزير النفط الإيراني، بيجن زنكنه، الأربعاء الماضي 31 أكتوبر/ تشرين الأول، قد نفى تقارير عن بيع النفط الإيراني عبر روسيا.

وكشف رئيس لجنة الشؤون المالية في الدوما الروسي أناتولي إكساكوف أمس الخميس عن مباحثات روسية مع إيران للمشاركة في نظام سويفت روسي.

ونقلت وكالة أنباء ريانوفوستي الروسية، أن أناتولي إكساكوف أضاف أن التعاون التقني مع إيران هو قيد الإنجاز وإن إمكانية التسديد المباشر مع الشركات الإيرانية بات متاحا الآن .

وأفاد بأن روسيا ومن أجل التنسيق للعمل ضم هذا النظام (سويف روسي) تجري روسيا مباحثات بشكل متزامن مع البنك المركزي الإيران والتركي والصيني.

الرهان على أوروبا

ومن المنتظر، أن ينشر الاتحاد الأوروبي بيانا يعلن فيه تأييده استمرار الاتفاق النووي طالما احترمت طهران التزاماتها وكذلك إنشاء مؤسسة تتيح لهم استئناف شراء النفط الإيراني وفق دبلوماسيين أوروبيين.

ومع اقتراب الجولة الثانية من العقوبات الأمريكية، يقيم الأوروبيون ورشة عمل لإنشاء كيان أعلنوا عنه سابقا يتيح لإيران استئناف بيع النفط رغم صعوبة المهمة تقنيا مع الأخذ بالاعتبار أن الاتحاد الأوروبي يشتري عشرين بالمئة من إنتاج النفط الإيراني.

وأكدت مصادر مطلعة أن الشركة الجديدة المسجلة هي من نوع المؤسسات التي تعرف باسم الشركة ذات الغرض الخاص سيتم إنشاؤها في دولة عضو في الاتحاد الأوروبي.

ستدير الشركة الأموال المدفوعة لشراء النفط وتتيح عمليات التحويل، كما يجب أن يتم تزويدها برأسمال وتحديد حوكمتها. إجراءات لن تكون منتهية بطبيعة الحال بحلول الخامس من نوفمبر للبدء بالعمل.

وحسب المصادر فإن فرنسا وألمانيا وبريطانيا جزء من المشروع ولا يمكن لغير المشاركين عرقلته دون استبعاد إمكانية فتح هذه المؤسسة أمام دول أخرى مهتمة بشراء النفط الإيراني تقرر تحدي العقوبات الأمريكية، بما في ذلك الصين والهند وتركيا، علما أن الاتحاد الأوروبي سينشر بيانا يؤكد فيه تأييده استمرار الاتفاق النووي وإنشاء تلك المؤسسة طالما احترمت طهران التزاماتها وسط مخاوف سياسية من مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة لا سيما أنها حذرت من الالتفاف على العقوبات المفروضة على إيران.

وكانت المتحدث باسم مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي مایا کوتسیانیتش، قد صرحت ان الاتحاد مايزال يدعم الاتفاق النووي مع إيران.

مناشدة أوروبا

كتب الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس الخميس، في مقال بصحيفة الـ ” فايننشيال تايمز البريطانية أن على أوروبا التعاون مع إيران لمواجهة التفرد الأمريكي.

وقال روحاني إن العالم يواجه مجموعة تحديات بما فيها القضايا الاقتصادية والأزمات الاجتماعية ومعضلة اللاجئين والإرهاب والتطرف.

وأفاد روحاني بأن هذه المعضلات التي باتت تهدد أوروبا ايضا أضيفت اليها مؤخرا تحديات السياسة الخارجية الأمريكية وتابع أنه خلال العامين الماضيين تحولت السياسة الخارجية الإميركية إلى معضلة جديدة ومعقدة وخلقت تحديات جديدة  على مختلف صعد العلاقات الدولية.

وقال ‘بعد انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي أجرينا مباحثات إيجابية مع سائر الأطراف في الاتفاق والدعم الذي تلقيناه منها كان قيما لكن المهم هو أن تعمل الأطراف الأوروبية والصين وروسيا علي تقديم الرزمة النهائية للتعويض عن الخسائر التي ألحقتها العقوبات الأحادية الأمريكية وأن تعمل بها.

إعفاءات

وقد نقلت وكالة “بلومبيرج”، الجمعة، عن مسؤول أمريكي قوله إن حكومة الولايات المتحدة وافقت على السماح لـ 8 دول بالاستمرار في شراء النفط الإيراني، بعد إعادة فرض الحظر على طهران اعتبارا من الأسبوع المقبل.

وأشار التقرير إلى أن الدول الثماني بينها كوريا الجنوبية، الحليف المقرب من الولايات المتحدة، واليابان والهند.

وظل زبائن النفط الإيراني الكبار، وجميعهم في آسيا، يسعون للحصول على استثناءات من الحظر تسمح لهم بالاستمرار في شراء بعض الخام من إيران.

وقالت بلومبيرج إن قائمة بجميع الدول التي ستحصل على استثناءات من المتوقع أن تعلن رسميا يوم الإثنين.

وأبلغ مسؤول صيني رويترز بأن المباحثات مع حكومة الولايات المتحدة جارية، وبأن من المتوقع أن تكون هناك نتائج خلال اليومين القادمين.

وقال كلايتون آلن من هايت سيكيوريتيز في مذكرة يوم الجمعة “نعتقد أن ترامب سيوافق على استيراد الصين بعض الكميات، على نحو يماثل المعاملة التي تتلقاها الهند وكوريا الجنوبية”.

بيد أن محللين قالوا إن أي استثناءات محتملة من الحظر النفطي الإيراني ستكون مؤقتة على الأرجح.

وقال آلن “قد تستخدم الولايات المتحدة الاستثناءات للمضي في التنفيذ بتؤدة، لكن تلك الاستثناءات لن تطبق إلى ما لا نهاية”.

وقال مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي جون بولتون، ان الإدارة الأمريكية، علمت بانه من المستبعد قطع بعض الدول القريبة جغرافيا من ايران، لمشترياتها من هذه الدول. وأضاف: “إننا نتطلع إلى تطبيق ضغط في أعلى مستوياته على إيران، إلا أننا في الوقت ذاته لا نريد الحاق الضرر بالأصدقاء والحلفاء”.

ارتفاع أسعار النفط

بدد النفط خسائر كان قد مني بها في وقت سابق من يوم الجمعة وسجل ارتفاعا مع زيادة الآمال في احتمالات أن تحل الولايات المتحدة والصين الخلافات التجارية بينهما، وهو ما حد من المخاوف من حدوث تباطؤ اقتصادي يؤدي إلى الضغط على الطلب على الوقود.

وسجلت العقود الأجلة لأقرب استحقاق لخام القياس العالمي مزيج برنت 73.04 دولار للبرميل بحلول الساعة 0520 بتوقيت جرينتش يوم الجمعة، بارتفاع قدره 15 سنتا، أو ما يعادل 0.2 بالمئة، عن التسوية السابقة.

وزادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي سبعة سنتات، أو 0.1 بالمئة، مسجلة 63.76 دولار للبرميل.

وقال متعاملون إن النفط ارتفع إلى جانب أسواق الأسهم الآسيوية بعد مكالمة هاتفية بين الرئيسين الصيني والأمريكي عززت الآمال في إمكانية حل خلاف تجاري بين أكبر اقتصادين في العالم.

وارتفعت الأسعار يوم الجمعة بعد هبوطها في وقت سابق من الجلسة، لكن برنت ما زال منخفضًا 12 بالمئة منذ بداية أكتوبر تشرين الأول، بينما خام غرب تكساس الوسيط منخفض 13 بالمئة.

ربما يعجبك أيضا