السيل التركي .. نقطة تصالح بين روسيا وتركيا ودول أوروبا

يوسف بنده

رؤية

يعقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قمة مع نظيره التركي رجب طيب اردوغان في مدينة اسطنبول غداً الإثنين.

وأفادت وسائل إعلام تركية بأن القمة تأتي بمناسبة إنهاء جزء من مشروع خط أنابيب الغاز “توركيش ستريم” لنقل الغاز الروسي عبر البحر الأسود إلى الساحل التركي في منطقة تبعد نحو 100 كيلومتر غرب اسطنبول.

ومن المنتظر أن تتطرق القمة إلى مواضيع إقليمية أخرى، بينها الحرب الأهلية في سوريا التي يتبنى فيها الجانبان موقفين متناقضين، إذ تدعم موسكو الرئيس السوري بشار الأسد، فيما تقف أنقرة مع المعارضة السورية.
وتعد تركيا واحدة من أكبر عملاء الغاز الروسي.

السيل التركي

“السيل التركي” عبارة عن مشروع يهدف لضخ الغاز الروسي عبر البحر الأسود بواسطة خطين، الأول لتوفير الغاز للمستهلكين الأتراك، والثاني لتعيد تركيا توزيعه على بلدان جنوب وجنوب شرقي أوروبا.

بدأ بناء الخط في مايو/ آيار 2017، وتهدف تركيا إلى تخصيص المرحلة الأولى من المشروع للسوق التركية على أن يصدر منه لاحقاً الغاز إلى جنوب أوروبا وجنوب شرق أوروبا في المرحلة الثانية.

وفي التاسع من نوفمبر الجاري اكتمل بناء المقطع البحري من الأنبوب الأول من المشروع الاستراتيجي، على أن يتم الانتهاء منه بشكل كامل وضخ الغاز عبره بنهاية 2019، ومن المنتظر أن تبلغ كلفته الإجمالية 7 مليارات دولار.

ويوصف المشروع بالشريان الذي سيربط اقتصادي روسيا وتركيا عبر البحر الأسود لعقود من الزمن، ومن المخطط أن يتم ضخ عبره 31.5 مليار مكعب من الغاز الطبيعي سنويا.

وعلى خلاف “السيل الشمالي- 2″، فإن خط الأنابيب من روسيا إلى تركيا لم يلق أي اعتراضات جدية، لو أهملنا تصريحات بعض قادة الاتحاد الأوروبي ورئيس الولايات المتحدة.

أما بالنسبة للأنبوب الثاني من “السيل التركي”، والذي يهدف إلى أن يصبح بديلا فعليا عن “السيل الجنوبي” والمخصص لتزويد أوروبا باحتياجاتها من الغاز، فلم يتحدد بعد مساره النهائي.

نحو أوروبا

ويقترح مد الأنبوب الثاني من تركيا إلى أوروبا عبر اليونان، كما أنه ثمة خيارا آخر بتدفق الغاز الروسي عبر بلغاريا، لكن مهما كان المسار النهائي فإنه لن يتم الشروع في مده قبل أن تحصل على موسكو على ضمانات أوروبية.

ومن المنتظر أن يمتد الخط الثاني إلى إيطاليا عبر اليونان أو إلى صربيا عبر بلغاريا؛ ويُرتقب البدء في تشييد الجزء البري من الخط الثاني، العام المقبل.

وقال دميتري بيسكوف، متحدث الرئاسة الروسية (الكرملين)، الأحد، إن خط أنابيب مشروع “السيل التركي”، سيقدّم مساهمة حقيقية لأمن الطاقة في أوروبا.

وأشار “بيسكوف”، في حوار مع قناة “روسيا-1″، أن السيل التركي “ليس مقاربة شعبوية لأمن الطاقة في أوروبا، وإنما مساهمة حقيقة لأمن الطاقة بالقارة”.

وأضاف أن “الغاز لن يتدفق إلى تركيا بعد فترة قصيرة فحسب، ولن يساهم في تعزيز الاقتصاد التركي فقط؛ وإنما سيصل إلى المستهلكين الأوروبيين أيضا”.

متحدث الكرملين لفت إلى أن العديد من البلدان أدرجت على جدول مباحثاتها، مدّ خط أنابيب الغاز الطبيعي للسيل التركي عبر أراضيها.

وتركيا بوصفها بلد المرور تبحث عن مورد رخيص للغاز بعد أن كانت وما تزال تنفق قسما كبيرًا من ميزانيتها في شرائه من الاسواق.

وكان وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، قال إنه “من الممكن البدء بضخ الغاز عبر خطي المشروع بسعة إجمالية قدرها 31.5 مليار متر مكعب، اعتبارا من 1 يناير 2020”.

وعبر البحر الأسود، يمتد الخطان من روسيا إلى تركيا ومنها إلى أوروبا، على أن يغذي الأنبوب الأول تركيا، والثاني دول جنوب شرقي وجنوبي أوروبا.

وكان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، قد أشار مؤخرا لوجود تعاون كثيف سابق بين الاتحاد الأوروبي وروسيا بخصوص الطاقة.

وذكر، أنّ شركة غازبروم الروسية للطاقة، أنشأت خط أنابيب السيل الشمالي مع شركائها الأوروبيين لأنّ نظام نقل الغاز الطبيعي في أوكرانيا مثير للقلق، ويظهر انعدام أمن أوكرانيا كبلد عبور.

وأضاف: “كما تمّ البدء بإنشاء خط أنابيب السيل الشمالي-2، حيث تمّ أخذ كافة التصاريح اللازمة، علاوة على ذلك، فإنّ خط أنابيب السيل التركي للغاز الطبيعي ليس مُجرّد مشروع تركي- روسي، وإنما يمكن أن يصبح مشروعا يتم تنفيذه بمشاركة بلدان الاتحاد الأوروبي المُهتمة”.

وفي هذا الصدد، قال أليكسي ميلر الرئيس التنفيذي لغازبروم إن الشركة الروسية تتوقع مبيعات غاز قياسية مرتفعة هذا العام في أوروبا مقللا من شأن التهديد الذي تشكله واردات الغاز الطبيعي المسال الأمريكي، لا سيما مع توسع الخطوط الناقلة ممثلا بخط السيل التركي.

واستطاعت غازبروم تدريجيا زيادة حصتها السوقية في أوروبا، سوقها الرئيسية، إلى حوالي 34 بالمئة رغم النفور العام من إمدادات الطاقة الروسية التي أصبحت مُسيسة على نحو متزايد بعد قيام موسكو بضم القرم في 2014.

وقال ميلر: إن صادرات الغاز الروسي إلى تركيا والدول الأوروبية عدا جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق قد تتجاوز 205 مليارات متر مكعب هذا العام ارتفاعا من 194.4 مليار متر مكعب العام الماضي، وهو ما كان رقما قياسيا أيضا.

ربما يعجبك أيضا