عنف وطوارئ وتنديد دولي.. فتيل أزمة جديدة بين روسيا وأوكرانيا

حسام السبكي

حسام السبكي

يبدو أن التوتر الروسي الأوكراني أطل برأسه من جديد، وهذه المرة عبر بوابة المواجهة العسكرية البحرية، داخل مياه البحر الأسود، فمن الواضح أن موسكو لم تقتنع بعد، بإستقلالية القرار السياسي الأوكراني عن الهيمنة الروسية، بعد الإطاحة بحكومة الرئيس “فيكتور يانوكوفيتش”، الموالي للروس، في أعقاب أحداث عام 2014، وربما لم يكفها، الظفر بجزيرة “القرم” وإعلانها خاضعة للسيادة الروسية، علاوة على دعم الانفصاليين في “دونباس الشرقية”، و”لوهانسك”.

فقد نشبت مواجهة عسكرية بين زوارق حربية روسية، و3 سفن أوكرانية، مساء الأحد، دارت رحاها في مضيق “كيرتش”، قرب جزيرة القرم، انتهت بإصابة عدد من البحارة الأوكرانيين، قبل أن تحتجزهم روسيا، فيما توالت ردود الأفعال الغاضبة من داخل كييف، بينما تنوع التفاعل الدولي بين التنديد والدعوة إلى ضبط النفس، ويستعد مجلس الأمن الدولي لعقد قمة طارئة، اليوم الإثنين، بطلب من الجانبين.

مواجهة بحرية روسية أوكرانية

فيما تراه روسيا دفاعًا عن السيادة، إندلعت مساء أمس الأحد، مواجهة عسكرية بحرية، خاطفة في توقيتها، بينما تتواصل تداعياتها إقليميًا ودوليًا.

فقد أعلن الجيش الأوكراني، أن الزوارق الروسية فتحت النار على 3 من سفنه بالقرب من شبه جزيرة القرم واستولت عليها، ما أدى إلى تصعيد المواجهة على مضيق “كيرتش”، وهو ممر مائي رئيسي له أهمية استراتيجية بالنسبة للبلدين.

وفي بيان لها، أفادت وزارة الدفاع الأوكرانية أن الزوارق الحربية الصغيرة “بيرديانسك” و”نيكوبول” وزورق السحب “يانا كابو” تعرضوا للهجوم، وقالت البحرية الأوكرانية أن 6 من البحارة أصيبوا في الحادث.

وذكرت، أن القاطرة و”بيرديانسك” تم سحبها من جانب القوات الروسية، لافتة إلى أن “نيكوبول” غير التالفة تخضع أيضا للسيطرة الروسية.

والبحرية الأوكرانية كانت سفينتها تخطط لدخول مضيق كيرتش للوصول إلى مدينة “ماريوبول” قبل أن تطلق عليها القوات الروسية النيران.

الروايات المتضاربة كانت حديث وسائل الإعلام والوكالات الدولية، حيث اتهم كل طرف الطرف الآخر بانتهاك قوانين البحار، وتحديدًا اتفاق عام 2003، الذي يؤكد على أن “بحر آزوف” و”مضيق كيرتش” مياهًا داخلية لروسيا وأوكرانيا.

فقد أفادت وكالة الحدود الروسية (FTS) في منطقة القرم بأن ثلاث سفن حربية أوكرانية دخلت المياه الإقليمية الروسية بشكل غير قانوني، وكانت تقوم بمناورات خطيرة.

وأفادت وكالة “تاس” بأن القوات الروسية احتجزت السفن الأوكرانية الثلاث، وأن “الأسلحة استخدمت لإجبارهم على التوقف”.

وقالت الوكالة: إن ثلاثة جنود اوكرانيين جرحوا وتلقوا رعاية طبية من الروس، من ناحية أخرى، قالت البحرية الأوكرانية إن سفن الدوريات الحدودية الروسية “قامت بعمل عدواني بشكل علني” ضد السفن الأوكرانية، وأن عدد المصابين 6 وليسوا 3 فقط.

وقالت وكالات الأنباء الروسية والجيش الأوكراني: إن روسيا أغلقت منذ ذلك الحين المضيق، وأظهرت لقطات فيديو من مكان الحادث ناقلة كانت تسد المياه أسفل الجسر وطائرات مقاتلة تحلق بالقرب من الجسر.

أوكرانيا: أعمال عنف.. وإعلان الطوارئ

وحول ردود الأفعال من جانب طرفي النزاع، فالبداية من الطرف “المجني عليه” في الأزمة، والذي يحظى بدعم أوروبي وأمريكي، حيث وصف مكتب الرئيس الأوكراني “بيترو بوروشينكو” الإجراء الروسي ضد سفن البحرية الأوكرانية بأنه “عمل عدواني يهدف إلى تصعيد الوضع في مياه بحر آزوف ومضيق كيرتش” عمدًا، ودعا إلى إدانة دولية لموسكو و فرض عقوبات جديدة.

وعقد بوروشنكو اجتماعًا طارئًا لمجلس الوزراء العسكري، وناشد البرلمان بإعلان قانون الأحكام العرفية، وقال: “لا توجد خطوط حمراء” بالنسبة لروسيا، و”نعتبر هذه الأعمال غير مقبولة بشكل قاطع. وقد أدى هذا العدوان بالفعل إلى عواقب”.

وصوَّت مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني لصالح إعلان حالة التأهب في البلاد لمدة 60 يوما، وذلك على خلفية أحداث بحر آزوف.

وكان الرئيس الأوكراني قد أعلن في وقت سابق تأييده لقانون حالة التأهب، وقال: إن فرض حالة التأهب لا يعنى بالضرورة أن كييف ستقوم بعمليات هجومية، وإنما ستتخذ إجراءات محددة للدفاع عن أراضيها وحماية مواطنيها وتأمينهم.

من جهتها أعلنت وزارة الخارجية الأوكرانية اليوم الإثنين، أن الجانب الأوكراني يطالب روسيا بإعادة بحارة سفن البحرية الأوكرانية المحتجزين بسبب خرقهم حدود الدولة الروسية إلى وطنهم.

ونقلت وكالة “سبوتنيك” الروسية عن بيان الخارجية الأوكرانية “تطالب أوكرانيا بتقديم مساعدة طبية عاجلة للجنود المصابين، وضمان عودتهم الآمنة على الفور إلى وطنهم، وكذلك إعادة الممتلكات العسكرية المضبوطة وتعويض الجانب الأوكرانى عن الخسائر التى لحقت به”.

وناشدت وزارة الخارجية الأوكرانية، حلفاءها وشركاءها لوقف روسيا من خلال تطبيق عقوبات جديدة وقوية”، وكذلك تقديم المساعدة العسكرية لأوكرانيا.

ولم يكن رد الفعل الشعبي في أوكرانيا، أقل حدة من نظيره السياسي، حيث اندلعت أعمال عنف أمس الأحد، أمام السفارة الروسية في العاصمة الأوكرانية كييف، فيما ردت قوات الأمن بإلقاء قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين.

روسيا: عمل استفزازي!

وعلاوة على الرواية الروسية، التي تقلل من حجم الأزمة، وتصفها بالدفاع عن السيادة، ومواجهة انتهاك أوكرانيا لقانون البحار، فقد أفاد جهاز الأمن الاتحادي الروسي (إف.إس.بي) بأن لديه “أدلة دامغة على استخدام كييف للبحرية الأوكرانية للشروع في الاستفزاز في البحر الأسود”، بعد أن فتح حرس الحدود الروسي النار على ثلاث سفن أوكرانية خلال محاولتها عبور مضيق كيرتش.

ووصفت روسيا هذه الممارسات الأوكرانية بـ”الإرهاب البحري” وشددت على عمليات تفتيش السفن الأوكرانية في الجزء الخاص بها من بحر آزوف.

دعوات لضبط النفس.. وجلسة طارئة لمجلس الأمن

تنوعت ردود الأفعال الدولية، بين التنديد، والدعوات إلى ضبط النفس، فيما يستعد مجلس الأمن الدولي إلى عقد جلسة طارئة لبحث التصعيد العسكري الروسي الأوكراني، بناءً على طلب من الجانبين.

فقد أكدت المتحدثة باسم منظمة حلف شمال الأطلسي “اوانا لونجسكو”، إن حلف شمال الأطلسي “يدعم بشكل كامل سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها”، ويدعو روسيا إلى “ضمان الوصول دون عوائق إلى الموانئ الأوكرانية في بحر آزوف”.

وجاء في البيان أن “الناتو يراقب عن كثب التطورات في بحر آزوف ومضيق كيرتش ونحن على اتصال بالسلطات الأوكرانية.. ندعو الى ضبط النفس وتهدئة التصعيد”.

ودعا الاتحاد الأوروبي كلا من روسيا وأوكرانيا إلى ممارسة “أقصى درجات ضبط النفس”، حيث صرحت المتحدثة المعنية بالشؤون الخارجية لدى الاتحاد الأوروبي، “مايا كوسيانشيتش”، في بيان مساء أمس “نتوقع أن تعيد روسيا حرية العبور إلى مضيق كيرتش، ونحث الجميع على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس لتهدئة الوضع على الفور”.

وأعلن نائب وزير الخارجية البولندي، “باتوش تشيخوتسكي”، اليوم الإثنين، أن بلاده تدعو أوكرانيا وروسيا إلى التحلي بضبط النفس، متوقعًا استعادة حرية الملاحة من قبل روسيا.

ربما يعجبك أيضا