ثورة أم تقليد.. على الطريقة الباريسية عدوى “السترات الملونة” تنتقل لتونس

كتبت – علياء عصام الدين

وسط أجواء مشحونة، ومع اقتراب إحياء تونس للذكرى الثامنة لثورة يناير، يشهد الشارع التونسي موجة من الحراك ضمن أحداث سياسية ونقابية واجتماعية واحتجاجية يصعب تحديد ملامحها أو وفك رموزها، ترتبط بشكل كبير بالوضع السياسي وترتكز على مطالب اجتماعية واقتصادية ومطالبات بالنظر في مطالب الطبقات الوسطى.
ومع اتساع الفجوات الاجتماعية بين عموم التونسيين، وتقلص حجم الطبقة الوسطى، وانحسار الأموال في يد الطبقة البرجوازية، يشهد الشارع التونسي تحركات غير مسبوقة قابلة للزيادة ضد فشل الدولة في إقرار العدالة الضريبية ومكافحة الفساد، الأمر الذي يمثل ضغطًا أمام الحكومة التي ستجد نفسها ملزمة بتطبيق إصلاحات اقتصادية لإصلاح التدهور المستمر في معيشة التونسيين اليومية التي أدت إلى انخفاض قدرتهم الشرائية لاسيما في ضوء ثبات الأجور.
بين سترات بيضاء وأخرى حمراء وعلى الطريقة الباريسية، يسعى الشارع التونسي لفرض مزيد من الضغوط على الحكومة لتحقيق مطالب اجتماعية وأخرى اقتصادية.
سترات بيضاء
يتحضر الاتحاد العام التونسي للشغل لثان إضراب له في قطاع الوظيفة العمومية والقطاع العام يوم 17 من الشهر الجاري، فبعد أن نفذ الاتحاد إضرابًا سابقًا في 22 نوفمبر الفائت شمل أكثر من 670 ألف موظف، يترقب الاتحاد استجابة حكومية لحزمة من المطالب الاجتماعية وإلا استكمل مساره الإضرابي للضغط على الحكومة.
وأسوة بثورة “السترات الصفراء” التي شهدتها المدن الفرنسية، أعلنت الجامعة العامة للتعليم الثانوي يوم 17 يناير المقبل موعدًا لشن إضراب عام تحت عنوان “السترات البيضاء”، حيث شهدت بعض المحافظات تحركات فعلية للمعلمين، فهناك أكثر من 5 آلاف مدرسة تونسية تحتاج لعمليات ترميم حيث تتفشى ظاهرة الانقطاع المبكر عن الدراسة وتزداد بشكل كبير.
ولن يقتصر التحرك المتعلق بالسترات البيضاء على قطاع التعليم فقط، بل يمكن أن يمتد – وفق مراقبين للشأن التونسي-  ليشمل قطاع الصحة الذي يشهد هو الآخر انهيارًا كبيرًا .
سترات حمراء 
تزامنت الدعوات الاحتجاجية النقابية للجامعة العامة للتعليم والاتحاد التونسي للشغل مع دعوات أخرى انطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لحملة احتجاجية تحت مسمى “السترات الحمراء” تزامنًا مع مناقشة البرلمان التونسي لمشروع الموازنة العامة لعام 2019.
ثورة أم تقليد 
لم تكن مثل هذه الاحتجاجات غريبة عن الشارع التونسي، إلا أنا أبعادها هذه المرة متباينة من حيث صداها ونسبة التأييد الشعبي لها ووحدة الصف والموقف من جانب آخر.
وتنقسم الآراء بين من يرى أن هذه الاحتجاجات مجرد إشعال وتهييج للشارع السياسي تقف وراءه الأحزاب المعارضة الغاضبة من سياسات الحكومة كحزب نداء تونس، ورأي آخر يرى أنها نتاج تراكمات للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي كابدها المواطن التونسي على مدار سنوات والتي جعلته يقتبس أو “يغار” من التجربة الفرنسية، فسعى إلى تقليدها بغية التنفيس عن مطالبة والتعبير عن معاناته.

وتتباين التكهنات حول ماهية ما يحدث في الشارع التونسي فما بين متوقع لنشوب ثورة جديدة، وبين مستاء من أن تكون مثل هذه التحركات مجرد تقليد أعمى للتجربة الفرنسية من شأنها طمس خصوصية ومعالم الاحتجاجية التونسية، يبقى الرهان على تعامل الحكومة مع المطالب الاحتجاجية الشعبية والتعاطي معها بعيدًا عن توظيفها سياسيًا، لاسيما وأن الحل لن يكون في ثورة ثانية خاصة وأن تونس غير قادرة لتحمل أعباء ثورة ثانية من شأنها أن تقضي على ما حققته على مسار الديمقراطية رغم الإخفاقات.
 
 
 
 
 
 
 

ربما يعجبك أيضا