“فيس بوك” في 2018.. فضائح التجسس تزلزل عرش”الشركة الزرقاء”

أشرف شعبان

رؤية – أشرف شعبان

كان عام 2018 بمثابة شاهد على سلسلة الفضائح التي شهدتها أكبر شركة للتواصل الاجتماعي بشأن موضوعات إخبارية والتدخل في الانتخابات والخصوصية، وهي الفضائح التي هزت عرش موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، حيث اضطر مؤخرا مارك زوكربيرج -مؤسس الشركة- للاعتذار بعد فترة صمت طويلة.

فضيحة “كامبريدج أناليتيكا”

تعتبر فضيحة “أناليتيكا” أكبر فضائح الخرق المعلوماتي، حيث أثر اختراق وتسريب بيانات ما يقرب من 87 مليون من مستخدمي شبكة التواصل الاجتماعي، من قبل شركة “كامبريدج أناليتيكا” البريطانية، التي عملت مع حملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانتخابية، على توجيه الناخبين في الولايات المتحدة، الأمر الذي كلف شركة فيسبوك، خسائر أكثر من 58 مليار دولار من قيمتها السوقية في أسواق المال الأمريكية، كان نصيب “مارك زوكربيرج” وحده أكثر من 8 مليارات جنيه، بعد عمليات بيع جماعي من المساهمين في الشركة، بحسب ما نشرته صحيفة “ديلي ميل” البريطانية.

وكانت شركة فيسبوك قد حصلت على بيانات العملاء من خلال تطبيقات على الهاتف، وتم تسريبها لحملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقابل 16 مليون دولار، عبر شركة “كامبريدج أناليتيكا”، وهي شركة استشارات سياسية تعمل في مجال جمع البيانات وتحليلها لمعرفة الميول والاهتمامات الخاصة بهم.

وبحسب شركة فيس بوك، فإن “كامبريدج أناليتيكا” أساءت استخدام بيانات العملاء، وتم إيقاف الرئيس التنفيذي “ألكسندر نيكس” مبرمج التطبيق الذي جمعت به الشركة البيانات، لتكوين لمحات عن توجهات الناخبين الأمريكيين، ما ساعد فيما بعد على انتخاب الرئيس دونالد ترامب في 2016. فيما أكدت أناليتيكا أنها حصلت على المعلومات من “فيس بوك”.

وقالت فيسبوك، إنها علقت حسابات “كمبردج أناليتيكا” وشركتها الأم، واستأجرت متخصصين للتحقيق فيما إذا كانت الشركة لا تزال تحتفظ بتلك البيانات.

من جانبها أقدمت “أناليتيكا” على إقالة مديرها التنفيذي بعد بث تقرير مصور على القناة الرابعة الأمريكية ادعى فيه المحرر أثناء مقابلة سرية أنه مرشح محلي ليحصل على اعترافات بأن الشركة أدارت الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي من لندن، وساهمت بفوزه بهامش ضيق من الأصوات (40 ألف) فقط، ضد المرشحة “هيلاري كلينتون”، وهو التقرير الذي حاولت إدارة ترامب منعه من الإذاعة حسبما أفادت “ديلي ميل” البريطانية.

ودفع الجدل الدائر الكونجرس لاستدعاء الرئيس التنفيذي لشركة الفيسبوك مارك زوكربيرج للإدلاء بشهادته في واشنطن، وهو العنوان الذي تصدّر عناوين الصحف الرئيسية في جميع أنحاء العالم خلال عام 2018.

مراقبة الرسائل الشخصية

لم تكن فضيحة “كامبريدج أناليتيكا” هي الفضيحة الوحيدة التي لاحقت شركة فيسبوك خلال عام 2018،  حيث اعترف الرئيس التنفيذي مارك زوكربيرج، في حلقة جديدة من مسلسل أحداث القضية التي هزت الرأي العام العالمي، بأن الشركة راقبت الرسائل الشخصية التي يتبادلها المستخدمون على تطبيق “ماسنجر” الشهير، وتدخلت أحيانا لمنع وصول بعضها، الأمر الذي وضع ثقة الشركة ومؤسسها موضع الشك. خاصة بعد الفضيحة التي انفجرت مؤخرا.

وقال زوكربيرج -في مقابلة على الإنترنت، نقلتها وسائل إعلام عدة حول العالم- إن “فيسبوك” لديها أنظمة لمراقبة رسائل المستخدمين، وبإمكانها عرقلتها إذا كانت “تتعارض مع مبادئها”.

واستشهد زوكربيرج بحالة منعت فيها هذه الأنظمة وصول رسائل “حساسة” عن التطهير العرقي في ميانمار.

ورغم، أن الغرض من رصد الرسائل يبدو نبيلا، فإن اعتراف مؤسس “فيسبوك” يزيد من المخاوف بشأن حماية الخصوصية وأمن المعلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والإنترنت بشكل عام.

صور المستخدمين

كما واجهت شركة فيسبوك أيصا فضيحة من نوع آخر وهى التعرف على وجوه المستخدمين دون الحصول على موافقتهم. 

هذا وقد حكم قاض اتحادي أمريكي، بأنه يتعين على شركة فيسبوك أن تواجه دعوى جماعية تزعم أن شبكة التواصل الاجتماعي استخدمت بشكل غير مشروع، عملية للتعرف على صور المستخدمين دون الحصول على موافقتهم.

وقال القاضي جيمس دوناتو بالمحكمة الاتحادية -في سان فرانسيسكو- إن الدعوى الجماعية هي الوسيلة الأكثر فاعلية لحل النزاع بخصوص استخدام خاصية التعرف على الوجه، فيما قالت شركة فيسبوك إنها تراجع القرار.

مشاركة البيانات مع شركات الهواتف

رغم “وعود الخصوصية” التي تعهد بها مارك زوكربيرج، فإن الشركة كانت على موعد مع فضيحة جديدة وثالثة، وهي مشاركة بيانات المستخدمين مع العشرات من شركات الهواتف، الأمر الذي جعل أكبر شركة للتواصل الاجتماعي في مرمى الانتقادات الشديدة من المستثمرين ومواجهة غضب المستخدمين والمعلنين والنواب.

وكان مؤسس “فيس بوك” قد نشر بيانا عبر صفحته الرسمية، قال فيه: إن شركته لا تستحق خدمة عملائها إذا فشلت في مسؤولية حماية بياناتهم، مؤكداً أن العمل يجري لعدم حدوث أي اختراقات مرة أخري، علي أن يتم إبعاد المطورين المتورطين في الفضيحة.

وذكرت صحيفة “نيويوك تايمز”، أن موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” شارك بيانات المستخدمين مع العشرات من شركات الهواتف، ومنها “سامسونغ” و”أبل ز”بلاك بيري” و”مايكروسوفت”.

غير أن شركة  فيسبوك نفت هذا الموضوع في بيان صحفي نشرته على موقعها، وقالت: إن هناك الكثير من المعلومات الصحيحة الموجودة في تقرير نيويورك تايمز، باستثناء ما يتعلق بقضية تسريب البيانات.

بداية الفضيحة

تعود بداية الفضيحة إلى موظف سابق بشركة أناليتيكا يدعى كريستوفر وايلي، الذي أصر على كشف الاختراقات، وهو ما أكدته مصادر عدة فيما بعد، من بينها “إدوار سنودن”، التقني المتخصص الذي عمل سابقًا في المخابرات الأمريكية.

وكانت صحيفتا نيويورك تايمز الأمريكية وأوبزرفر البريطانية، أول من أورد التقديرات السابقة التي تشير إلى تسريب بيانات أكثر من 50 مليون مستخدم لفيسبوك في البداية، بناء على تحقيقاتهما في أنشطة كمبردج أناليتيكا.

وقالت الصحيفتان: إن شركة كمبردج أناليتيكا حصلت على البيانات بشكل غير مناسب ولم تحذفها رغم مطالبات فيسبوك بذلك منذ 2015، وعملت الشركة في حملة ترامب في 2016. وقال مسؤول من حملة ترامب: إن الحملة استعانت باللجنة الوطنية الجمهورية للحصول على بيانات الناخبين في 2016 وليس شركة كمبردج أناليتيكا.

تحقيقات ودعوات للمقاطعة

دفعت الفضيحة مكتب مفوض المعلومات البريطاني ولجنة التجارة الاتحادية الأمريكية ومدعي عموم 37 ولاية أمريكية إلى فتح تحقيقات.

كما أن قادة الاتحاد الأوروبي حثوا شبكات التواصل الاجتماعي على ضمان شفافية الممارسات، والحماية الكاملة للبيانات الشخصية، حيث يواجه فيسبوك والأخصائيون النفسيون العاملون معه معضلة بشأن قواعد تنظيم العمل المستقبلية بحسب خبراء.

فيما حذرت مفوضة العدل فى الاتحاد الأوروبى فيرا جوروفا من أن فضيحة مستقبلية مماثلة لتلك التي وقع فيها فيس بوك قد تكون مكلفة مع دخول لائحة أوروبية جديدة بشأن حماية البيانات الشخصية حيز التنفيذ.

 ولم يشفع الاعتذار الرسمي الذي تقدم به زوكربيرج للمستخدمين، حول انتهاك خصوصياتهم، حيث تفاعل البعض مع وسم (#احذف_فيسبوك) واتخذوا خطوة حذف حساباتهم على موقع فيسبوك.

وفي سلسلة من التغريدات اللاذعة التي نشرها هذا الأسبوع، قال شوليه -الذي اخترع مكتبة “كيراس” التي تستخدم برمجيات مفتوحة المصدر- “المشكلة مع فيسبوك لا تكمن فقط في فقدان خصوصيتك ومسألة استخدامها (كسجن) بانوبتيكون شمولي”، في إشارة إلى نوع من السجون يمكن من خلاله مراقبة جميع الزنازين من نقطة واحدة.

وقال: “المسألة الأكثر إثارة للقلق تكمن في استخدامه استهلاك المعلومات الرقمية كقوة موجهة للسيطرة النفسية”، لكن خبراء آخرين شككوا في أن تدفع المخاوف من الاستفادة من المعلومات الشخصية للتأثير على المستخدمين، رواد فيسبوك إلى الهروب من أكبر شبكة تواصل اجتماعي في العالم.

وغردت السيناتور الديمقراطية إيمي كلوبوهار -عبر حسابها على تويتر- قائلة: “من الواضح أن تلك المنصات لا يمكنها ضبط نفسها”.
وأضافت: ”يقولون: “ثقوا بنا… يحتاج مارك زوكربيرج للإدلاء بشهادته أمام لجنة القضاء في مجلس الشيوخ”.

ربما يعجبك أيضا