كيف تحولت النزاعات إلى وقود لمصانع السلاح في 2018

أميرة رضا

هدى إسماعيل

صراعات وحروب كانت وراء سعي الكثير من الدول للحصول على أكبر عدد من الأسلحة المتطورة من أجل التصدي لأي عدوان؛ فهذه إيران تعبث في اليمن عن طريق عملائها الحوثيين، الأمر الذي أجبر بعض الدول العربية إلى تأمين نفسها حتى تستطيع أن تكبح الخطر الإيراني في المنطقة، وأيضا الجماعات الإرهابية كـ”داعش” وغيرها التي تعبث بالأمن العربي، وغيرها الكثير من الأسباب التي وضعت الشرق الأوسط وآسيا في موضع ازدياد واردات السلاح في الخمس سنوات الأخيرة على خلفية الحروب والتوترات في المنطقتين.

أكثر من الضعف

تفيد بعض الدراسات المتخصصة، أن الفترة بين العامين 2013 و2017 شهدت زيادة بأكثر من الضعف في استيراد السلاح في منطقة الشرق الأوسط التي تمزقها نزاعات عدة، وهي زيادة بنسبة 103% مقارنة بالأعوام الخمسة التي سبقت، وشكلت منطقة الشرق الأوسط 32% من جميع واردات السلاح في العالم.

على مدار الخمس سنوات الأخيرة، احتفظت الهند برتبتها كأول مستورد للسلاح في العالم، حيث يساهم التوتر بين الهند من جهة وباكستان والصين من جهة ثانية في احتدام السباق نحو التسلح في المنطقة، بعدها تأتي السعودية في المرتبة الثانية، متبوعة بمصر والإمارات والصين.

فعلى سبيل المثال، السعودية التي تخوض حربا ضد الحوثيين الشيعة المدعومين من إيران تستورد 61% من أسلحتها من الولايات المتحدة و23% من بريطانيا.

وجاء آخر اتفاق بين السعودية وبريطانيا، توقيع بروتوكول لبيع 48 طائرة مقاتلة من طراز “يوروفايتر تايفون” في صفقة بقيمة مليارات الدولارات، وفق ما أعلنت مجموعة الصناعات الجوية والدفاعية البريطانية “بي إيه إي سيستمز” في بيان لها.

يقول الباحث في معهد “سيبري” بيتر ويزمان: إن “تفشي النزاعات العنيفة في الشرق الأوسط والقلق بشأن حقوق الإنسان أثار نقاشا سياسيا في أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية بشأن وضع قيود على مبيعات الأسلحة، مع ذلك، لا تزال الولايات المتحدة والدول الأوروبية المُصدرين الرئيسيين للسلاح إلى المنطقة، فقد زودتا أكثر من 98% من الأسلحة التي تستوردها السعودية”.

ومن ناحية أخرى تأتي آسيا ومنطقة أوقيانوسيا الأكثر استيرادا للسلاح؛ حيث شكلت 42% من تجارة السلاح العالمية بين العامين 2013 و2017، لذا تعتبر الهند أكبر مستورد للسلاح في العالم، وتعد روسيا المصدر الرئيسي لها، وتشكل 62% من وارداتها، وفي الوقت ذاته ازدادت شحنات الأسلحة إلى الهند من الولايات المتحدة، أكبر مصدر للسلاح في العالم، بأكثر من ست مرات خلال فترة مدتها خمسة أعوام.

وتذكر عدة تقارير، أن تجارة الأسلحة نمت في السنوات الخمسة الأخيرة حيث يتركز الثلث منها في الشرق الأوسط، وبذلك تكون الولايات المتحدة قد عززت مكانتها كأكبر مصدر وبائع للسلاح في العالم.

أكبر مصدري الأسلحة

ذكر موقع “ستاتستا” الأمريكي، أن نسبة أعلى دولة مصدرة للسلاح في العالم تصل إلى 33% من نسبة الأسلحة المصدرة خلال الفترة بين عامي 2012 و2016، بينما تساهم أقلها بنسبة 2.3% من مبيعات السلاح في العالم.

وتساهم روسيا بنسبة 23% من مبيعات السلاح العالمي بينما تصل نسبة أمريكا إلى 33%.

وتأتي الصين في المرتبة الثالثة بنسبة 6.2% من صادرات الأسلحة العالمية، ثم فرنسا التي تصدر 6% من منتجات السلاح حول العالم.

وتصل نسبة مبيعات السلاح الألماني إلى 5.6%، بينما تصل مبيعات السلاح البريطاني إلى 4.6%.

ووفقا للموقع، فإن الأربع دول الأخرى تصدر أسلحة للعالم بنسب تتراوح بين 2 إلى 3% من مبيعات السلاح في العالم، وتعد إسرائيل إحدى الدول المصدرة للسلاح في العالم إذ تصدر أسلحة بنسبة 2.3% من صادرات السلاح العالمية.

توسعات فرنسية

رغمَ الضغوط التي مارسها المشرعون الفرنسيون والمنظمات الحقوقية على الرئيس الفرنسي للحدِّ من تدفق الأسلحة على الشرق الأوسط التي تشهدُ الكثير من التوترات، إلّا أنَّ “ماكرون” تحدّى كل هذهِ الضغوط واستمرَّ بسياسةِ حكومتهِ في هذا المجال فيشير التقرير الحكومي السنوي بشأن بيع السلاح إلى أنَّهُ بالرغم من أنَّ إجمالي مبيعات السلاح الفرنسية تراجعَ إلى النصف في عام 2017، ليبلغ 7 مليارات يورو، إلّا أنَّ 60% من تلك المبيعات تدفقت إلى منطقة الشرق الأوسط، حيثُ بلغت صادرات الأسلحة إلى المنطقة 3.92 مليار يورو، مقارنة مع 1.94 مليار يورو في العام السابق.

يرى المحللون، أن توسع فرنسا في مبيعات السلاح ما هو إلا لزيادة ثقلها في المنطقة، عبرَ صفقاتِ بيع سفن حربية ودبابات ومدفعية وذخائر إلى بعض البلدان الهامة، رغمَ وجود معارضة لذلك.

مجرد تجارة

ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أن تحسن العلاقات بين إسرائيل والهند ساهم في رفع مستوى بيع الأسلحة إلى الهند، حيث تجلى ذلك في زيارة رئيس الوزراء الهندي نيراندرا مودي إلى إسرائيل والزيارة المتبادلة الأخيرة لرئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو إلى السلطة الآسيوية.

ولوحظت صفقات بيع الأسلحة، مثل صواريخ الدفاع الجوي والطائرات بدون طيار وصواريخ مضادة للدبابات، حيث قفزت الواردات الهندية من إسرائيل إلى 285% في السنوات الخمس الأخيرة مقارنة بـ2008 – 2012.

ووفقا للتقرير، فإن 49% من الأسلحة الإسرائيلية التي بيعت إلى دول مختلفة حول العالم بين 2013 و2017 وصل إلى الهند، و13% أذربيجان و6، 3% إلى فيتنام.

وكانت واشنطن بوست نشرت عام 2016 تقريرا قالت: إن طائرة بدون طيار إسرائيلية الصنع استخدمت في المعارك بين أذربيجان وأرمينيا.

ومع ذلك، فإن تصويت الهند ضد اعتراف أمريكا بالقدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي، وبيانات رئيس الوزراء الهندي خلال زيارته للسلطة الفلسطينية، أظهر أن العلاقة بين بيع الأسلحة والدعم السياسي ليست قريبة، إذ أيدت كل من فيتنام وأذربيجان تصويت الأمم المتحدة في الموقف المعادي لإسرائيل، على الرغم من الأسلحة الإسرائيلية التي تستقبلها.

زيادة ملحوظة

في المقابل احتلت إسرائيل المرتبة الـ17 في استيراد الأسلحة من الدول الأجنبية بعد أن زادت واردتها في السنوات الخمس الأخيرة بنسبة 125% عن السنوات الأخرى فهناك حوالي 9 طائرات من طراز “F – 35 الأمريكية”، من أصل 50 طائرة بيعت لإسرائيل.

كما أن ألمانيا توفر 30% من واردات الأسلحة لإسرائيل، حيث لا تشمل النسبة ثلاث غواصات أخرى متفق عليها بين البلدين من العام الماضي، على خلفية شبهة الفساد في صفقة الغواصات المعروفة بـ”القضية 3000″، بينما إيطاليا التي تزود إسرائيل بطائرات التدريب للسلاح الجوي الإسرائيلي، أتت في المرتبة الثالثة مع 10%.

توترات

يقول الباحث “سيمون ويزمان” بمعهد “سيبري”: “التوترات بين الهند من جهة، وباكستان والصين من جهة أخرى، تغذي الطلب المتزايد على الأسلحة الرئيسية في الهند التي لا تزال غير قادرة على إنتاج السلاح بنفسها، وفي المقابل تزداد قوة الصين وقدرتها على إنتاج أسلحتها وتواصل تعزيز علاقاتها مع باكستان وبنجلادش وبورما عبر تزويدها بالسلاح”.

أما بكين، التي ازداد تصديرها للأسلحة بنسبة 38% خلال الأعوام الخمسة الماضية، فهي المزود الأول للسلاح إلى بورما حيث توفر 68% من واردات الأخيرة، فيما استوردت بنجلادش 71% من اسلحتها من الصين.

ربما يعجبك أيضا