نحو التنمية (3).. كيف نهض التنين الصيني من فراش الموت؟

هيثم البشلاوي

كتب – هيثم البشلاوي

قبل تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949م، كانت الصين أشبه بعملاق فقير وضعيف للغاية. ولكن انتبه هذا العملاق إلى الفجوة بين مكانته الدولية وكتلته السكانية الضخمة، واتخذ قرارا هاما بضرورة طرح استراتيجية للتحرك نحو التنمية، ليصبح بعد أكثر من خمسين عاما واحدا من أكبر الاقتصاديات الكبرى ذات القدرة التنموية العالية، لتخرج بربع سكان العالم من دوامة الفقر والتخلف بتطبيق استراتيجية متكاملة.

وسوف نحاول التعرف على تلك الاستراتيجية في السطور التالية:

في البداية لم يكن هناك شكل واضح حول ماهية الإصلاح الاقتصادي والإداري المستهدف من الاستراتيجية العامة للدولة، ولكن كان هناك إجماع على ضرورة الانسلاخ من الماضي وإصلاح النظام الاشتراكي وذلك من خلال التغيير التدريجي المتوازن الذي اتخذ سلسلة من الإجراءات لتحقيق التحول، وكانت كالتالي:

1- تطبيق نظام اللامركزية في إدارة المؤسسات الحكومية.

2- السماح بظهور صور أخرى من الملكية مثل الملكية الخاصة والتعاونية إلى جانب الملكية العامة. ولكن بشكل محسوب ومتزن للوصول للهيكل الاقتصادي المستهدف (الملكية العامة 30%، الملكية الجماعية 40%، المشروعات الاستثمارية والخاصة 30%).

3- الإصلاح المؤسسي من خلال إعادة هيكلة وهندسة الشركات والمصانع المملوكة للدولة من خلال تقويمها وتطويرها وتحديث خطوط الإنتاج وإغلاق الشركات الخاسرة وفقا لمبدأ البقاء للأصلح. وقد تم تطبيق منظومة الإصلاح المؤسسي إزاء 2473 مؤسسة حكومية. ليتم إعادة هيكلة وهندسة  2016 منها، وبهذا بلغت القيمة المضافة للمؤسسات الصناعية الحكومية 1519.8 مليار يوان وتم تحقيق 233.3 مليار يوان من الربح.

4- إقامة أسواق المال وتكنولوجيا المعلومات على أسس حديثة، مع إعطاء غطاء تشريعي لها يحدد السياسات العامة ويقر سياسات مرنة لتوزيع الأجور وفقا للكفاءات والقدرات اللازمة لكل وظيفة.

5- وضع إطار قانوني وإداري يساعد على التجديد المستمر للإنتاج شكلا وموضوعا وفقا لمنهج البحث والتطوير Research Development.

6- تعزيز استراتيجية توسيع السوق بالتزامن مع العمل على زيادة الطلب المحلي باعتبار أن السوق الداخلي هو أهم عناصر القوة في الاقتصاد الصيني.

7- إعطاء أولوية قصوى لقطاع الزراعة وزيادة دخل الفلاح ورعايته بصورة أكبر وعلى هذا فقد حققت الصين اكتفاء ذاتيا وزيادة في الإنتاج الزراعي برغم أنها لا تمتلك سوى 7% فقط من الأراضي القابلة للزراعة من إجمالي رقعتها.

8- الاعتماد على فلسفة اقتصادية جديدة تتحدث عن اقتصاد السوق الاشتراكي (كهدف) بتطبيق للفكر الاقتصادي الرأسمالي (كوسيلة).

كل تلك الإجراءات جعلت من الصين عملاقا تجاريا يحتل المركز الخامس على مستوى العالم لتصبح المرشح الطبيعي لتكون قطب دولي جديد يحقق توازن في مواجهه الهيمنة الأمريكية، وربما انتزاع مكانتها إذا ما تحركت الصين لذلك.. وربما يكون هذا قريبا.

 

ربما يعجبك أيضا