الأردن في 2018 .. صراع استقرار واحتجاجات غير مسبوقة‎

علاء الدين فايق

رؤية – علاء الدين فايق 

عمّان –  احتجاجات شعبية غير مسبوقة منذ سنوات شهدها الأردن خلال العام 2018، بدأت شرارتها في أيار الماضي إبان حكومة هاني الملقي، وما زالت مستمرة ضد سياسات خليفته رئيس الوزراء عمر الرزاز.

في الأردن، تزاداد الأوضاع الاقتصادية صعوبة عامًا بعد عام، منذ اندلاع أحداث الربيع العربي والأزمة السورية عام 2011، على نحو يجمع عليه خبراء الاقتصاد.

لم يكن العام 2017، أفضل من سابقاته بالنسبة للأردنيين على صعيد استقرار الدولة الاقتصادي، فيما لم يحمل العام 2018 منذ بداياته أية مؤشرات تحسن تدفع باتجاه الاستقرار، ولم تحفل مؤشراته أي تحسن يذكر.

وحتى أيار الماضي من العام الحالي، بقيت وتيرة الاقتصاد الأردني تسير على ذات النهج المعمول بها طوال العام 2017، إلى أن حاولت حكومة الملقي فرض قانون ضريبة جديد، سرعان ما أعلنت النقابات المهنية والقطاعات الشعبية رفضه.

احتجاجات شعبية ونقابية غير مسبوقة

في يوم الأربعاء 30 أيار/مايو 2018، بدأت خطوات الاحتجاج ضد مشروع قانون الضريبة ونهج الحكومة الاقتصادي، وشهدت البلاد أول إضراب واسع عن العمل احتجاجًا على المشروع.

شارك في الإضراب غالبية المؤسسات والقطاعات الصناعية والتجارية، فيما توقفت النقابات المهنية وفي مقدمتها نقابة المهندسين المحامين والممرضين والصحفيين عن العمل.

عم الإضراب معظم المحافظات الأردنية وأغلقت المحال التجارية أبوابها في مشهد أربك الرؤية الحكومية وانعكس بالطبع على تحشيد الرأي العام للخروج في مظاهرات واعتصامات تركزت بمنطقة الدوار الرابع في العاصمة عمّان.

“الشعب يريد إسقاط الحكومة”كان هذا شعار المحتجين على فشل الدولة بإدارة الملف الاقتصادي، وانتهاجها أسلوب القوانين الجبائية في تحصيل الأموال لخزينة الدولة.

ليس هذا فحسب، بل بلغت اتهامات المعارضين للنهج الاقتصادي، إلى حد اتهام الحكومة بالانصياع لإملاءات وشروط صندوق النقد الدولي، وهي التي فشلت حكومة الملقي بتحقيق نتائجها عام 2017 بل وزاد معها عجز الموازنة العامة.

وفي 4 حزيران / يونيو 2018 أتى الإضراب مدعومًا بالاحتجاجات الليلية أكله، حينما أعلنت حكومة الملقي استقالتها وصدرت إرادة ملكية بتكليف عمر الرزاز تشكيل حكومة جديدة.

وفور إعلان الرزاز حكومته، كانت أول قراراته، سحب مشروع القانون المثير للجدل والرفض، بغية إجراء تعديلات موسعة عليه.

الرزاز يفشل بوقف تصاعد عجز الموازنة 

بعد مائة يوم من تكليفه، أشهر الرزاز تعديلاته على مشروع القانون وأحاله لمجلس النواب لمناقشتها، فتبين للمراقين أن تعديلات الرزاز لم تكن في جوهر القانون وهو ما شكل شرارة التأجيج ضد الرجل في الشارع.

في غضون ذلك، فشلت إجراءات الحكومة الأردنية الاقتصادية، بتفادي نزيف الدين العام، إذ ارتفع عجز الموازنة إلى 784.5 مليون دينار خلال أول 9 أشهر من العام 2018.

وبلغ إجمالي الدين العام 28.4 مليار دينار يعادل 96.2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة مع 27.2 مليار دينار بنسبة 95.1 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2017، وفي ظل غياب مؤشرات التحسن.

ونتيجة لغياب الاستقرار المالي للدولة، وغياب مشاريع النهوض بالواقع الاقتصادي، ارتفعت أرقام البطالة إلى نسب غير مسبوقة زادت عن 20% وزادت ظاهرة التسول في الشوارع.

خلال العام الحالي، لم تغب المساعدات والمنح الدولية للأردن، وإن كانت على عكس ما تأمله الدولة الأردنية في ظل التزامها بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية وتحمل تكلفة استضافة نحو 1.3 مليون لاجئ سوري وفق أرقام الحكومة.

وكان الداعم الأبرز للأردن، الولايات المتحدة، إذ وقعت عمّان وواشنطن اتفاقية يحصل الأردن بموجبها على منحة أمريكية بهيئة دعم نقدي مباشر للخزينة بلغت قيمتها 745.1 مليون دولار ضمن برنامج المساعدات الأمريكية الاقتصادية للعام 2018.

وإذ يعد الرزاز الأردنيين اليوم بتحسين حياتهم ضمن أولويات ثلاثة للعامين المقبلين تتركز على “دولة التكافل والقانون ودولة الإنتاج” يجمع الخبراء والمراقبين على أن لا خطة إنعاش يمكن أن تنجح ما دام النهج الاقتصادي قائمًا على فرض الضرائب.

ويبدو العام الحالي الذي شارف على الانتهاء، لا يحمل في أيامه الأخيرة، آمالًا بتحسن الأوضاع الاقتصادية يمكن أن تنجلي مع العام الجديد 2019، فيما تسيطر أجواء السخط على نبض الشارع قد تدفعه لمزيد من الاحتجاج على الفقر والنهج الحكومي القائم.

ربما يعجبك أيضا