“خامنئي” محذرًا: “الصيف الساخن” قادم!

يوسف بنده

رؤية

سبقت الحركة الاحتجاجية الشبابية في إيران نظيرتها في العالم العربي، حيث خرج الملايين من جيل الشباب في إيران للتظاهر بعد نتائج الانتخابات الرئاسة عام 2009م، فيما عُرف بالحركة الخضراء، التي تبعتها حركات شبابية أخرى تطالب بالتغيير والإصلاح في النظام السياسي والاقتصادي، لكن لم يقدر لها النجاح بسبب “الشتاء”، فالمحتجون لا يستطيعون البقاء في الشوارع خلال الشتاء لوقت أكثر بسبب الثلج وشدة البرد، ولذلك يقلق النظام في إيران من حركة الاحتجاجات في الصيف.

ويزداد هذا القلق لدى النظام في إيران في ظل التصريحات الأمريكية بمساعي تغيير النظام في إيران، قبل الذكرى الأربعين للثورة التي أوصلت الإسلاميين إلى سدة الحكم في إيران.

كذلك، هناك قلق لافت من جانب النظام الإيراني، تجاه وسائل التواصل الاجتماعي التي يستخدمها المحتجون في التواصل، ولذلك انتقد أحمد علم الهدى، نائب المرشد خامنئي في مدينة مشهد وخطيب جمعتها، اليوم الجمعة 14 ديسمبر/ كانون الأول، الإمكانات التي يتيحها “التلجرام” في بلاده.

ووصف علم الهدى الاختلاف بين مواقع التواصل الاجتماعي داخل إيران وخارجها، قائلا: “مساحة مواقع التواصل الاجتماعي الأجنبية تشبه طرقًا سريعة بأربعة مسارات، في حين أن مساحة مواقع التواصل الداخلية، مثل الطرق الترابية”. وهو يقصد بذلك البرامج الاجتماعية التي أعدها النظام بديلا للمواقع العالمية غير متكافئة ولا تجذب الشباب بالقدر الكافي.

خامنئي يُحذر

وفي كلمة تؤكد أن حزمة العقوبات الأمريكية بدأت تعضّ بشكل عملي، حذر المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، مواطني بلاده من احتمالية وجود “خطة أمريكية لإحداث حرب داخلية في إيران العام المقبل”.

وقال خامنئي في خطاب نشره على موقعه الرسمي، لأسر ضحايا الجنود الإيرانيين الذين قضوا في الحرب الإيرانية العراقية (1980-1988)، وفي خلال الحرب الداخلية في سوريا (منذ 2011): “على الجميع توخي الحذر، الولايات المتحدة الأمريكية قد تكون أعدت خطة حول 2019”.

وأشار المرشد إلى أن واشنطن كثفت ضغوطاتها على إيران خلال العامين الأخيرين، وقال إن “الولايات المتحدة تخطط لإحداث حرب داخلية، من خلال إحداث شرخ في إيران عبر العقوبات الاقتصادية والمشاكل الأمنية”.

وقال خامنئي: “نصيحتي للأمة الإيرانية، خاصة للشباب والمؤسسات المختلفة في البلاد، سواء المهنية أو السياسية هي توخي الحذر وألا تسهلوا الأمر على العدو”.

وكعادتها، اتهمت إيران الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية ومعارضي الحكومة المقيمين بالخارج بإثارة الاضطرابات.

واستطرد المرشد الأعلى، قائلا: “على الشعب الإيراني أن يكون جاهزًا، الأميركيون قد يكونون يتحايلون. قد يسعون لإحداث اضطرابات في 2019، عبر التمويه بـ 2018”.

ولفت خامنئي إلى التحركات والإجراءات الأمريكية خلال العامين الأخيرين خاصة فرض الحظر الشامل ودعم مختلف أعداء إيران، ووصف مخططاتهم بأنها مكشوفة وأضاف، أن هدفهم كان العمل عبر الحظر والإجراءات المناهضة للأمن خلق التناحر والخلاف وحرب الأجنحة والفئات وجر البعض إلى الشارع واطلقوا تسمية “الصيف الساخن” على ذلك ولكن رغم أنف العدو فقد كان صيف العام الجاري من أفضلها.

الذكرى الأربعين

أشار المرشد الأعلى، إلى تصريحات المسؤولين الأمريكيين بأن “الجمهورية الإسلامية الإيرانية سوف لن ترى عامها الأربعين” قائلا إن الشعب الإيراني يقف بكل صلابة وبعون الله تعالى سيحتفل في 22 بهمن (11 شباط) بالذكرى الأربعين لانتصار الثورة الإسلامية أكثر روعة بكثير من الأعوام الماضية.

ويبدو أن تقييم قادة إيران، وتحليل تقارير وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية، في الأشهر الماضية، وخاصة في أعقاب احتجاجات يناير/كانون الثاني الماضي، والدعم الذي أعلنته الولايات المتحدة ورئيسها دونالد ترامب لهذه الاحتجاجات، ربما تكشف ملامح “مشروع تغيير النظام في إيران” في عامه الأربعين.

وقد ترافق هذا مع تعيين جون بولتون في البيت الأبيض، مستشارًا للرئيس الأميركي للأمن القومي، وإنشاء فريق عمل خاص بإيران تحت إشراف مستشار الخارجية الأميركية، براين هوك، وهو ما عزز هذا التفسير في أذهان القادة الإيرانيين.

ومن بين التقارير والتقييمات الإيرانية، يمكن الإشارة إلى تصريح رئيس منظمة الدفاع المدني، غلام رضا جلالي، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حين وصف الوضع الذي تعيشه إيران عشية ذكرى ثورتها الأربعين بأنها “ظروف تهديد خاصة”.

وكان جلالي قد أشار في تصريحاته السابقة إلى “مخطط أميركي قصير المدي” للإطاحة بنظام إيران، مضيفًا أن “إيران خرجت منتصرة في النصف الأول من المباراة، من “الصيف الساخن”،  وفي النصف الثاني من المباراة في الخريف والشتاء، ستخرج أيضًا منتصرة وشامخة”.

يشار إلى أن قناة “برس تي في” الإيرانية الناطقة بالإنجليزية، أعلنت في الصيف الماضي، نقلًا عن محللين إيرانيين، أن مخطط “الصيف الساخن” قد فشل.

وشرح المرشد “مخطط” الولايات المتحدة في إيران، بأنها “تسعى، من خلال العقوبات والإخلال بالأمن في البلاد، إلى خلق نزاعات وحروب أهلية وإثارة المشاكل. وأن الأميركيين بذلوا قصارى جهدهم”.

ووفقًا لما قاله المرشد الإيراني “فعلى الرغم من تصريحات ودعايات مسؤولي الولايات المتحدة الأميركية من أن الجمهورية الإسلامية ستشهد صيفًا ساخنًا ولن ترى عامها الأربعين، فإن صيف هذا العام كان من أفضل فصول الصيف”.

اللافت أن هذه التصريحات من المرشد الأعلى، تأتي في الوقت الذي شهد فيه سعر الدولار الأميركي في أسواق العملة الإيرانية ارتفاعًا، بدءًا من ربيع هذا العام وبلغ ذروته في الصيف، ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية في إيران ووضع المواطنين في أزمات متلاحقة.

بالإضافة لما أفاد به مركز الأبحاث التابع للبرلمان الإيراني، مؤخرًا، من أن المواطنين الإيرانيين تحت خط الفقر في طهران وحدها، زاد عددهم بنسبة 11 في المائة بين الربيع والصيف.

وكانت الاحتجاجات الكثيرة للعمال والمعلمين والمتقاعدين، في الأشهر الأخيرة، والتي كانت بسبب ارتفاع سعر الدولار الأميركي من الآثار السلبية الواضحة على الاقتصاد الإيراني، وهي المشاكل التي ما زالت مستمرة في البلاد، بل وتزداد تفاقمًا.

ربما يعجبك أيضا