الأردن والعفو العام.. البرلمان يستثمر امتعاض الشارع لتسجيل نقاط لصالحه‎

علاء الدين فايق
رؤية – علاء الدين فايق
عمّان – مع إبداء طيف واسع من الأردنيين امتعاضهم من بنود مشروع قانون العفو العام الذي أعلنته حكومة عمر الرزاز، يسعى البرلمان الأردني للفت الانتباه وتسجيل نقاط في صالحه أمام الرأي العام بتوسيع قاعدة المشمولين بالعفو.
واليوم الخميس، أعلن رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة، إن المجلس سيوسع قاعدة المشمولين في العفو العام، مؤكدًا أن التخفيف عن الأردنيين من “أولويات المجلس” كما جاء في التوجيهات الملكية.
وقال الطراونة خلال لقاء نيابي مع رئيس الوزراء عمر الرزاز ” سنركز في مجلس النواب على التوسع بالعفو العام ليشمل مخالفات السير وقروض الطلبة والغارمات”.
وخلال الاجتماع أفاد الرزاز بأن الحكومة أرسلت مشروع قانون العفو العام إلى ديوان التشريع والرأي لتدقيقه، وستنتهي منه خلال يومين، وبعدها يحال لمجلس النواب لمناقشته وصولًا لإقراره بعد موافقة مجلس الأعيان “شق البرلمان الثاني”عليه.
وكانت آمال الأردنيين مبنية على عفو عام شامل، يحد بشكل كبير من عدد الموقوفين داخل السجون، ويخفف من الأعباء المالية المترتبة على المواطنين بسبب مخالفات السير وغرامات القروض.
أما طيف المعارضين للعفو العام، فيرون في تكراره بين فترة وأخرى تناقضًا مع مبدأ سيادة القانون، ويتسبب في زعزعة ثقة المواطن بالدولة ومؤسساتها وضياعا للحقوق.
وينطوي على العفو العام من وجهة نظر المعارضين له ” تنازلًا غير مبرر ويشجع على تكرار الأفعال الجرمية والإستهانة بالقوانين”.
بيد أن الحكومة تهدف من خلال العفو العام  إلى “ترسيخ مفهوم التسامح والعفو، وتعزيز مفهوم الأمن الاجتماعي، والتخفيف من التحدّيات والضغوط التي تواجه المواطنين، وإعطاء المحكومين ومرتكبي الجرائم فرصة لتصويب مسارهم وسلوكهم وهو مشابه لما جاء في توجيه الملك عبدالله الثاني لإصداره.
ويعتقد مراقبون أن مجلس النواب سيستثمر في كثرة الاستثناءات التي وضعتها الحكومة في دولاب العفو العام، للفت أنظار الرأي العام وتحقيق مكاسب في صالح البرلمان الذي يفتقد لثقة جمهور واسع من الأردنيين.
هل أعطت الحكومة فرصة للنواب لكسب رضا الشارع؟
وثار تساؤل عبر مواقع التواصل الاجتماعي عمّا إذا كانت الحكومة فعلت ذلك عن قصد،  وأعطت فرصة لمجلس النواب بالتوسع بالعفو لـ”يعم الرضا عن الحكومه والنواب معًا”.
وقال ناشط في الحراك الشبابي ” يبدو لي (وقد أكون مخطئا) أن الحكومة أقرت قانون العفو العام بالحد الأدنى ليتمكن النواب من المناورة وتوسيع رقعة العفو خاصة في مجال مخالفات السير، بهدف زيادة شعبية المجلس”.
وذهب يقول “ربما تريد الحكومة إيصال رسالة أن المجلس هو ممثل الشعب والمتحدث بصوته، وليس أي “حراك” آخر”.
وكان العفو العام على رأس مطالبات حراك الشارع الأردني طوال وقفات واحتجاجات الدوار الرابع في العاصمة عمّان، التي تنادي بإصلاح النهج الحكومي والتوقف عن سياسة تكميم الأفواه وسحب قانون الجرائم الإلكترونية.
واستثنى مشروع قانون العفو العام الجرائم الخطيرة التي لها مساس بأمن المجتمع؛ كالجرائم الواقعة على أمن الدّولة الداخلي والخارجي، وجرائم التجسّس، والجرائم الاقتصاديّة، وجرائم الفساد، وجرائم الإرهاب، والجرائم المخلّة بواجبات الوظيفة العامّة.
كما استثنى مشروع القانون أيضاً جرائم المخدّرات، وجرائم الحريق، والقتل، والسرقة، والتزوير، والغرامات الماليّة الناجمة عن جرائم التهرّب الضريبي والجمركي، ومخالفات السير التي تشكّل خطورة على حياة المواطنين.
 بدوره يرى الكاتب والمحلل السياسي شاكر الجوهر أنه وبـ”العودة إلى قانون العقوبات تبين أن المواد التي يطالب بعض النواب شمول الجرائم المتعلقة بها بالعفو العام العام، وهي المواد (292-302) تتعلق بجرائم الاغتصاب ومواقعة القاصر واللواط”.

أما المواد (327 و 328) التي يطالب النواب بتعديلها فهي مرتبطة بجرائم القتل والإعتداء على الموظف العام.

وأشار إلى أن النواب بهذه بهذه المطالبات ” تجاهلوا أن هذه الجرائم تقع على مواطنات ومواطنين، وأنه لا يحق للحكومة أصلا التنازل فيها نيابة عن المعتدى عليهم”.
شهد الأردن سلسلة من قوانين العفو العام بعضها صدر بشكل متلاحق وكان آخرها عام 2011 وهو الثاني عشر بتاريخ المملكة وشمل ما يزيد عن 6 آلاف موقوف من أصل 8500 سجين.

وحتى يصدر قرار العفو العام بشكل فعلي لا بد وأن يتوج بإرادة مكلية مباشرة بعد موافقة البرلمان بشقيه “النواب والأعيان” عليه.

ربما يعجبك أيضا