“آملي لاريجاني” رئيسًا لمصلحة النظام .. المحافظون يواصلون الهيمنة

يوسف بنده

رؤية

أصدر المرشد الأعلى خامنئي، أمس الأحد 30 ديسمبر/ كانون الأول قرارًا بتعيين رئيس السلطة القضائية الحالي صادق آملي لاريجاني رئيسًا لمجلس تشخيص مصلحة النظام وعضوًا في مجلس صيانة الدستور.

وبحسب وکالة “تسنيم” للأنباء، فقد جاء في قرار المرشد الأعلى: “بالنظر إلى دور مجلس تشخيص مصلحة النظام في إدارة وتعزيز النظام، والحاجة الملحة لترتيب أعمدة المجمع في أقرب وقت ممكن، فقد قُرر تعيين صادق لاريجاني لهذا المنصب”.وهكذا فإن صادق لاريجاني سيخلف محمود شاهرودي، الذي توفي يوم 24 دیسمبر/ كانون الأول في طهران، بسبب المرض.

وأشار خامنئي إلى أن المجمع في دورته الجديدة يتولى المسؤولية المهمة والأساسية المتمثلة بإجراء تغييرات في الهيكلية والمحتوى، آملا بأن تنجز المسؤوليات المناطة في هذه الدورة في منتهى الإتقان وبأفضل صورة ممكنة نظرًا للماضي البارز والقيم لآية الله آملي لاريجاني في مجلس صيانة الدستور وإدارته الدؤوبة والعلمية والمخلصة للسلطة القضائية مع الحضور الفاعل والعلمي لأعضاء المجمع المحترمين.

ويتولى مجمع تشخيص مصلحة النظام حل النزاعات بين البرلمان ومجلس صيانة الدستور وهو مجلس رقابي.

وكان إبراهيم رئيسي، وصادق آمُلي لاريجاني، وحسن روحاني، ومحمد علي موحد كرماني، ممن ذكرت أسماؤهم لرئاسة هذا المجلس.

قرار المرشد

مجمع تشخيص مصلحة النظام أو مجلس تشخيص مصلحة النظام هو أحد أجهزة الحكم في إيران وهو الهيئة الاستشارية العليا له حيث تنص المادة 112 من الدستور الإيراني بأن: “تشكيل مجمع تشخيص مصلحة النظام يتم بأمر من القائد الأعلى للجمهورية الإسلامية لتشخيص المصلحة في الحالات التي يرى مجلس صيانة الدستور الإيراني أن قرار مجلس الشورى الإسلامي يخالف موازين الشريعة والدستور في حين لا يوافق مجلس الشورى الإسلامي الإيراني آخذاً بنظر الاعتبار مصلحة النظام.

ولم تتطرق الصحف الصباحية الإيرانية اليوم كثيرًا إلى خبر تعيين صادق لاريجاني رئيسًا لمجلس تشخيص مصلحة النظام، خلفًا لشاهرودي، وتم نشره في الأخبار الفرعية، وقد يكون السبب وراء ذلك هو أن من يقوم بتعيين رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام هو المرشد خامنئي، لذلك فلا مجال للتحليل والنقد الذي ينطوي على مخاطرة.

والواضح أن المرشد الأعلى، علي خامنئي، حريص على هيمنة المحافظين على مؤسسات صناعة القرار في إيران، وظهر ذلك منذ اختياره شاهرودي رئيسا لهذا المجلس خلفا للراحل آية الله رفسنجاني.

وتشيرهذه الاختيارات إلى أن خامنئي يسعى إلى إعادة تعزيز نفوذ المحافظين بعد أن تسببت نتائج انتخابات البرلمان ومجلس الخبراء والرئاسة التي أجريت في فبراير وأبريل 2016 ومايو 2017 على التوالي، في تراجع ملحوظ لصالح تيار الإصلاحيين والمعتدلين.

كذلك، تكشف اختيارات المرشد لأعضاء المجمع عن وجود أزمة حقيقية داخل النظام؛ وهي استمرار تدوير السلطة داخل النظام بدلا من تداولها، حيث يواجه الأخير دائما خيارات محدودة للتعامل مع أي فراغ يحدث داخل مؤسساته، وهو ما تعكسه التركيبة الجديدة للمجمع الذي يتولى معظم أعضائه مناصب أخرى رئيسية في النظام.

آملي لاريجاني

كان صادق آمُلي لاريجاني، من الأسماء المطروحة لرئاسة مجمع تشخيص مصلحة النظام؛ بسبب أن فترة رئاسته للسلطة القضائية، التي امتدت لعشر سنوات، ستنتهي في صيف العام المقبل؛ ولذلك كان مرشحا بقوة لهذا المنصب.

كما أن لاريجاني أيضا لديه تاريخ في مجلس صيانة الدستور، وكان يراه البعض من بين الشخصيات التي قد تكون لديها فرصة لاختيارها كمرشدٍ بعد آية الله خامنئي.

وآملي لاريجاني، هو أحد الإخوة لاريجاني الخمسة، ويشغل حاليًا منصب رئيس السلطة القضائية، ورئيس مجلس أمناء جامعة الإمام الصادق.

وکان لاريجاني عضوًا في مجلس خبراء القيادة في الفترة الثالثة والرابعة والخامسة عن محافظة  مازنداران، بالإضافة إلى عضويته في مجلس صيانة الدستور.

وقال التلفزيون الإيراني إن الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي عين لاريجاني (57 عاما) وجعله أيضا عضوا في مجلس صيانة الدستور الذي يدقق في القوانين والانتخابات للالتزام بالدستور الإسلامي في إيران.

ويُنظر إلى لاريجاني على أنه أحد حلفاء خامنئي المقربين. وفرضت واشنطن عقوبات على لاريجاني و13 شخصا وكيانا في يناير كانون الثاني بسبب مزاعم انتهاكات لحقوق الإنسان ودعم برامج الأسلحة الإيرانية.

عائلة متنفذة

وتمسك عائلة لاريجاني بمفاصل القضاء والبرلمان، ولها أنشطة اقتصادية واسعة في إيران، حيث يتولى شقيقه الأصغر محمد جواد أردشير لاريجاني منصب معاون السلطة القضائية، ويرأس ما تسمى لجنة حقوق الإنسان المتهمة من قبل المنظمات الحقوقية بالتستر على الانتهاكات وتبريرها ومخالفة القوانين الدولية.

هذا بينما يرأس أخوه الأكبر علي لاريجاني البرلمان منذ 2008 والذي يخطط للترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة.

أما شقيقه الرابع الدكتور باقر لاريجاني، فيعمل مستشار جامعة طهران للعلوم الطبية، وشقيقه الخامس فاضل لاريجاني يعمل دبلوماسيا بالخارجية الإيرانية والمتهم بملفات فساد مع شقيقه آية الله صادق لاريجاني.

قائمة سوداء

وترفض إيران الانتقادات الغربية لسجلها في مجال حقوق الإنسان وتقول إنها انتقادات بدوافع سياسية ونتيجة عدم فهم قوانينها الإسلامية.

وكانت العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية حول انتهاكات حقوق الإنسان ركزت على صادق لاريجاني المقرب من المرشد الأعلى للنظام الإيراني علي خامنئي وأحد خلفائه المحتملين لتولي منصب ولاية الفقيه.

ويتهم لاريجاني بارتكاب جرائم ضد حقوق الإنسان، خاصة تصديقه على أحكام إعدام ضد السجناء السياسيين والقاصرين والنساء، عقب محاكمات خلف الأبواب المغلقة تفتقر لأدنى شروط المحاكمة العادلة، بحسب منظمات حقوقية.

كما يُتهم صادق لاريجاني بفتح 63 حسابا سريا لجمع الكفالات المالية للمتهمين قضائيا، وهي ملفات 40 مليون مواطن، وتدر له أرباحا من الكفالات المالية تقدر بقيمة 300 مليون دولار.

وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، قد أشار في خطاب موجه إلى الأميركيين من أصل إيراني في يوليو الماضي، إلى أن صادق آملي لاريجاني يستحوذ على 300 مليون دولار على الأقل من اختلاس الأموال العامة في حسابه المصرفي الخاص.

وخلال الانتفاضة الأخيرة، أمر صادق لاريجاني رئيس السلطة القضائية في بيان بثه التلفزيون الإيراني (القناة الأولى) النيابات العامة في عموم البلاد بالتدخل بقوة في ضبط الاحتجاجات، وأن يتم التعامل بصرامة مع المتظاهرين.

كما طلب من قوى الأمن وضباط القضاء التعامل مع المحتجين بقسوة، وهذا ما يفسر موت خمسة محتجين تحت التعذيب في عدة معتقلات.

تشخيص مصلحة النظام

وفقًا للدستور الإيراني، فإن مهمة مجلس تشخيص مصلحة النظام، هي تقديم المشورة للمرشد الأعلى في تحديد السياسات الاستراتيجية للنظام، وتقديم الاقتراحات للمرشد الأعلى حول كيفية حل مشاكل النظام التي لا يمكن حلها بالطريقة المعتادة، وتحديد المصلحة في الحالات التي يعتبر فيها مجلس صيانة الدستور قرارات البرلمان معارضة للمبادئ الدينية أو الدستور الإيراني، والتشاور حول الأمور التي يشير إليها المرشد الأعلى للمجلس، والإشراف على التنفيذ السليم للسياسات العامة للنظام، وتقديم المشورة للمرشد في مسائل تعديل الدستور، والعضوية في مجلس مراجعة الدستور (الأعضاء الثابتون في المجلس)، واختيار أحد فقهاء مجلس صيانة الدستور للعضوية في مجلس القيادة المؤقت، وتمرير بعض مهام المرشد للتنفيذ من قبل مجلس القيادة المؤقت، واختيار بديل أي عضوٍ من أعضاء مجلس القيادة المؤقت في غياب القدرة على أداء المهام، واقتراح كيفية اتخاذ قرارات مجلس القيادة المؤقت حول المهام المنصوص عليها في أحكام المادة 110، والمبينة في المادة  111.

وينقسم أعضاء مجلس تشخيص مصلحة النظام، وفقًا للقانون، إلى فئتين: حقيقية وقانونية. الأعضاء القانونيون في هذا المجلس هم: الرئيس، ورئيس البرلمان، ورئيس السلطة القضائية، وفقهاء مجلس صيانة الدستور. كما يتم انتخاب الأعضاء الخمسة والثلاثين الحقيقيين في المجلس من قبل مرشد الجمهورية الإسلامية.

وفي السنوات الأخيرة، منح آية الله خامنئي مهمة تدوين ومراقبة تنفيذ “السياسات العامة للنظام” إلى هذا المجلس أيضًا، وهي القضية التي أثارت بطبيعة الحال بعض الاعتراضات.

ربما يعجبك أيضا