ظاهرة الذئاب المنفردة.. وجهة الإرهاب في القارة العجوز لعام 2019

محمود رشدي

في بداية العام الجديد 2019، تزايدت وتيرة الإرهاب في القارة الأوروبية في صورة عمليات الذئاب منفردة. وعلى الرغم من هزيمة تنظيم داعش بآخر معاقله بسوريا 2017، إلا أنه ما زالت عملياته تضرب في العواصم الغربية. ويعد عام 2018 من أقل الأعوام من حيث عدد العمليات الإرهابية التي وقعت في أوروبا مقارنة بعام 2017، فقد تم تنفيذ ما يقرب من 12 إرهابية بعام 2018 مقارنة ب 18 عملية بسابقيه.

ولكن هل ستنجح الأجهزة الأمنية الأوروبية في التصدي للعمليات الإرهابية في العام الجاري، أم أنها ستقع فريسة عمليات الذئاب المنفردة والاختراقات السيبرانية؟، سؤال بادرت التنظيمات الإرهابية بالإجابة عليه عبر تنفيذها لعمليات إرهابية أكدت استمرارية التنظيمات الإرهابية في أجندتها التدميرية.

ذئاب منفردة خلال احتفالات رأس السنة
في ليلة رأس السنة، الإثنين 31 ديسمبر 2018، وأثناء الاستعداد للاحتفال بليلة رأس السنة الجديدة، طعن شخص 3 آخرين ، وتسبب في إصابتهم  في محطة قطارات فيكتوريا بمدينة مانشستر بشمال غرب بريطانيا.
وفي برلين، أصيب 4 أشخاص في حادثة دهس قام بها مواطن ألماني ضد أجانب خلال احتفالات رأس السنة الميلادية، في مدينة بوتروب بولاية شمال الراين. كما يمكن أن نضيف لتلك العمليات الإرهابية ما قام به عناصر أعلنوا مبايعتهم لتنظيم داعش في دولة المغرب، حين قاموا بذبح سائحتين وتم نشر الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي.

لامركزية التنظيمات الإرهابية وصعوبة التتبع
اعتمدت التنظيمات الإرهابية على عاملين أساسين في تنفيذها للعمليات الإرهابية وهي استغلال العالم الافتراضي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، و استراتيجية لامركزية التنفيذ عبر تكتيكات الذئاب المنفردة، ما شكل صعوبة للأجهزة الأمنية في تتبع العمليات قبل تنفيذها. فلم يعد الذئب المنفرد يحتاج للسفر لمنطقة بعيدة عن الانظار لتلقي التدريبات اللازمة، فكل ما يحتاجه هو حاسوب يستطيع التوصل من خلاله مع التظيمات الإرهابية والتي تمده بكافة الاحتياجات والتحفيز المعنوي.

ويشير التقرير الأخير لليوروبول 2018 أن نتائج تحليل الواقع الاجتماعي والديموغرافي كانت أكثر عواقب هذه العمليات الإرهابية خطراً. إذ اتضح منها أن 56 إرهابياً من منفذي هذه العمليات كانوا من مواطني البلد الذي تعرض لهذه العمليات الإرهابية، أي ما يشكل 73 % من مجموع المنفذين. وتضاف إلى هؤلاء نسبة 14 في المائة ممن يتمتعون بإقامة دائمة في البلد الذي نفذت فيه العمليات، أو أنهم وفدوا إليه اعتياديا من بلد مجاور.

ولم تتجاوز نسبة اللاجئين بين المنفذين 5 في المائة، مع نسبة 6 في المائة منهم تسللوا بشكل لا شرعي إلى البلد المعني.

تعتبر”الذئاب المنفردة” او الذئاب الوحيدة كما يسميها مكتب التحقيقات الفيدرالية من اكثر  القضايا صعوبة في متابعتها رغم اجرائات المراقبة البشرية والتقنية. وهي تمثل تحديا الى الاستخبارات اكثر من شبكات العمل على الارض، لأن الأخيرة ممكن أن توفر لها بعض المعلومات والحقائق من خلال المراقبة والمتابعة.
العالم الافتراضي والتحفيز السيبراني للذئاب المنفردة  
وفي ديسمبر من العام الماضي، أصدر تنظيم داعش فيديو لتشجيع تابعيه وأفراده في أوروبا من الاستعدادا لرأس السنة، عبر عمليات الذئاب المنفردة، ونشر التنظيم الفيديو بعدد من اللغات الاجنبية بما فيها الإنجليزية والأسبانية والعربية.

وهددت منصات على مواقع التواصل الاجتماعي، على صلة بتنظيم داعش الإرهابي، بتنفيذ هجمات في كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا خلال احتفالات أعياد الميلاد. وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة من الصور التي تم تصميمها وتظهر عناصر إرهابية متواجدة في أسواق أعياد الميلاد في الدول المذكورة. فما زالت حادثة شاحنة، اجتاحت سوق أعياد الميلاد، ديسمبر 2016، عالقة في أذهان الألمان والأوروبيين.

ربما يعجبك أيضا