الاتفاق العسكري بين قطر وتركيا .. احتلال بوثيقة سرية !

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي 

نشر موقع الرصد السويدي خبايا الاتفاق العسكري السري ما بين أنقرة والدوحة، والذي حصلت بموجبه تركيا على إنشاء قاعدة عسكرية لها بقاعدة “العديد” الجوية القطرية في منتصف عام 2017، وجاءت بنود الاتفاق لتعلن عن مزايا غير مسبوقة وضعها النظام القطري بين يدي الجيش التركي وقاعدته العسكرية لتشبه إلى حد كبير نوعاً من الاستعمار.

ولم يكن لتلك الاتفاقية أية غرابة على مدار التاريخ، فلطالما تمنح الدول الضعيفة أو المستضيفة لقواعد عسكرية أجنبية عددًا من المزايا الكبيرة، مقابل الحماية ضد العدوان الأجنبي. أما في حالة الخلاف الخليجي، فقد فضلت قطر الاتفاقيات الأجنبية على التعاون العربي.

يسرد النص الكامل لهذا النص في الاتفاقية على ما يلي: “تتمثل المهمة الرئيسية للوحدة في دعم وتعزيز القدرات الدفاعية لدولة قطر من خلال التدريبات المشتركة، كما تخضع لموافقة الطرفين التدريبات مع القوات المسلحة للدول الأخرى والمساهمة في عمليات مكافحة الإرهاب وعمليات دعم السلام الدولية وأي بعثات أخرى”.  

استعمار بوجه قانوني

وبموجب الاتفاقية، استطاعت تركيا نشر نفوذها العسكري في قطر بآلاف الجنود الأتراك، وتجدر الإشارة هنا، إلى أن الاتفاقية تعطي مزايا دبلوماسية للعسكريين الأتراك، حيث إنها لا يجوز لها ملاحقة أية عسكرى تركي متواجد في قطر ولا محاكمته في حال ارتكابه أي انتهاكات قانونية.

وأكدت الاتفاقية، أن “كافة الجنود الأتراك المتواجدين على الأراضي القطرية لا يمكن أن يخضعوا للقانون القطري ولا للجهاز القضائي هناك، وإنه في حال ارتكب أي منهم مخالفة أو جريمة فإن القضاء التركي هو الذي يختص بالنظر فيها”.

كما تنص المادة الخامسة من الاتفاقية على الدولة التركية هي صاحبة الاختصاص القضائي فيما يتعلق بمواطنيها في حالات “أية جريمة ضد الأمن أو الممتلكات أو الأشخاص التابعين لتركيا”، و”أية جرائم تتسبب بها الأعمال التي تتم لتنفيذ المهام الرسمية للأتراك، أو أخطاء، أو فشل قد يحدث عند إنجاز المهام الرسمية”.

غموض بشأن العدد والمدة الزمنية

ثمة غموض يتعلق بالمدة الزمنية للجنود الأتراك، وعددهم بدولة قطر، في الاتفاقية، وتنص المادة الأولى من الاتفاق على نطاق الاتفاق والغرض منه على أن الاتفاق ينظم “الوجود الطويل الأمد، فضلاً عن الوجود المؤقت وأنشطة القوات المسلحة التركية”. فما هو “المدى الطويل” المحتمل ومن يحدد مدة الالتزام للقوات التركية؟ وعلى أي معايير غير محددة في الاتفاق؟ كما تحدد المادة السابعة عشر من الاتفاقية بـ10 سنوات مع التجديد التلقائي لمدة إضافية مدتها خمس سنوات لكل تمديد.

الاتفاق لا يحدد مستوى القوة أو عدد القوات. تنص المادة الثانية على أن تركيا سترسل قوات جوية وبرية وبحرية إلى قطر دون تحديد أي عدد من القوات. 

على الرغم من أن القسم الثاني من هذه المادة ينص على أن “نشر القوات يجب أن يكون وفقاً للخطة التي تقبلها الأطراف”، ينص القسم التالي على أن تركيا سوف تتخذ قرارًا بشأن “مدة مهمة الأفراد الذين سيتم تعيينهم. علاوة على ذلك، فإن اتفاقية تركيا العسكرية مع قطر لا تتنبأ بآلية تسوية النزاع الخاصة بطرف ثالث. 

تقول المادة 16 من الاتفاقية: إن النزاعات “يتم حلها بالتفاوض بين الأطراف ، دون الرجوع إلى اختصاص أي طرف ثالث أو منشأة أو محكمة وطنية أو دولية.

عبر تلك الاتفاقية، استغلت تركيا إرسال الآلاف من جنودها لاستفزاز الدول الخليجية المجاورة، في إطار الصراع القائم بين الجانبين حول التوجهات الإقليمية المتضاربة بينهما، فيدعم الحلف القطري- التركي جماعات التيار الإسلامي وعلى رأسها التنظيمات الإرهابية، في حين يعطى الحلف الآخر أولوية في مهاجمة تلك التيارات والتي تزعزع الأمن العربي في مقدمتها جماعة الإخوان التي يحتضنها الحلف الأول .  

أرادت قطر أن تغرد خارج السرب العربي، عبر سياساتها المزعزعة للأمن العربي بعلاقتها مع إيران، ودعمها للتنظيمات المسلحة ذات التوجه المتشدد، وأخيراً عبر اتفاقيات عسكرية تظهر مدة هشاشتها الأمنية في الدفاع عن نفسها، والتعاون مع الدول الأجنبية في حمايتها، بما أفضى بالنهاية لصورة جديدة من الاستعمار التركي، وما يمكن أن نطلق عليها “عثمانية أردوغان”، الذي استغل حاجة النظام القطري له، في إملاءات عسكرية. 

لقطر دور كبير في زعزعة الأمن العربي، ودور أكبر في تفكيك الأمن القطري للقطريين. فإلى أي مدى ستصل الرعونة القطرية والتعنت السياسي للنظام القطري في انتهاج أساليب سياسية مغايرة لأمنها القومي بوجه خاص والأمن العربي بوجه عام!

ربما يعجبك أيضا