الحركة الثقافية في الأردن.. مراوحة في المكان وكثرة بلا فاعلية ‎

علاء الدين فايق

رؤية – علاء الدين فايق
 
عمّان – أكثر من 675 هيئة ثقافية مسجلة في الأردن، الفاعل منها قليل، بحسب تصريحات لوزير الثقافة محمد أبورمان قال فيها، إنه ونتيجة لظروف متراكمة حصلت عزلة وطبقية بين الدولة ومثقفيها.
 
وفي دراسة حديثة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، جاء فيها، أن الواقع الثقافي في الأردن، يتسم بالمراوحة، فما إن يتقدم باتجاه المجتمع المدني الحديث، حتى يتراجع ويصاب بارتباك وتداخل غير منتج.
 
المجلس الذي أصدر قبل أسابيع تقريرًا بعنوان “حالة البلاد”، قدم في ملاحظاته حول الأوضاع الداخلية في البلاد، حقائق قاسية ومقلقة على كافة الأصعدة، وهو ما دفع جهات رسمية عدة لاعتبار ما ورد فيه مستندًا على “معلومات مغلوطة وغير واقعية”.
 
يقول المجلس في الشأن الأدبي: إن المشهد الثقافي “تحتدم فيه التناقضات التي تلغي الواحدة منها الأخرى، ابتداء من العصبيات الاجتماعية ذات الأصول الجغرافية أو الدينية أو العشائرية أو الجهوية”.
 
ويضيف، “رغم أن الدولة الأردنية مدنية بطبيعتها من حيث التشريعات والمؤسسات، إلا أن التفاعلات السلبية للواقع الثقافي والاجتماعي بتناقضاته تسري في هذه التشريعات والمؤسسات، مما يؤدي إلى تفريغها من مضمونها”.
 
وعلى ذلك يعلق وزير الثقافة وزير الشباب محمد أبورمان، إن الوزارة ضمن مواردها المالية المتاحة تجري عملية تقييم لمشروعاتها الثقافية، وبرامجها ونفقاتها بشكل عام، ومؤسسي، مما يسهم في نقل العمل الثقافي من الإطار النخبوي إلى الإطار الشعبوي.
 
وأكد أبورمان ضرورة معالجة ما وصفه بـ”حالة التشظي” التي تسود العمل الوطني، معتبرًا أنه وفي الماضي كان هناك عدم إدراك حقيقي للهمّ الثقافي، والقضية الثقافية برمتها.
 
وأشار وزير الثقافة -في تصريحات مكتوبة له حصلت “رؤية” على نسخة منها- إلى أنه نتيجة عوامل عدة، حدثت في السابق عزلة ما بين المثقف وبين الدولة، أحدثت نوعا من القطيعة وجعلت المثقفين كطبقة منعزلة، وكأنها هذه الطبقة خارج سياق العمل العام، وخارج إطار العمل الثقافي بشكل عام، ولم تكن هذه النخبة المثقفة فاعلة كما يجب، ولم تؤد الدور المهم، والمطلوب منها في العمل العام.
 
وقال: “نجم عن هذه الحالة قصور في جانب التنظير للدولة، والتنظير للهوية الوطنية، والتنظير للثقافة الوطنية، ونتج عن ذلك مشكلة في الفنون المختلفة، ومنها الدراما والمسرح الوطني، والتي هي بمثابة القوة الناعمة للدولة، بحيث أصبحت تشكل نقطة ضعف”.
 
وتابع قائلًا: “كما طرأ انكماش، وتراجع في الشأن الثقافي، وأصبح المثقفون غير مؤثرين وغير فاعلين، منشغلين بأعمالهم المختلفة في شكل مجموعات تقوم بعمل مهني مستقل، وليس عمل وطني عام مرتبط بالشأن الثقافي”.
 
تصريحات الوزير تنسجم إلى حد كبير مع دراسة المجلس الاقتصادي والاجتماعي التي اعتبرت أن الواقع الأردني يشهد تراجعًا عامًّا في مستوى الحياة الثقافية، وتآكلًا متزايدًا للرأسمال السلوكي والأخلاقي “المتمثل في منظومة القيم العامة”.
 
وجاء في الدراسة، أن “الماضوية وثقافة التقليد والتغريب والاستهلاك والتواكل ما زالت تهيمن بدرجة ملحوظة على قطاعات المجتمع الأردني”، وما يزيد الأمور تعقيدًا هو “غياب مشروع وطني معني بالتقدم يفتقر للرؤية والنموذج”.
 
وحتى عام 1988، لم تكن هناك وزارة للثقافة في الأردن، ورغم وجودها في الوقت الحالي، إلا أنها من أكثر مؤسسات الدولة ضعفًا في الميزانية، وتذهب معظم مخصصاتها لتغطية الرواتب والأجور والمكافآت والنفقات التشغيلية.
 
والتقصير في الجانب الثقافي على مستوى الأردن، ليس مقرونًا بمؤسسات الدولة وحدها، فالقطاعان الأهلي والخاص لا يقل تقصيرهما عن الأول، إن لم يزد عليه في بعض الحالات، من وجهة نظر مراقبين.
 
ويرى المجلس -الذي أسس بإرادة ملكية عام 2007- أن الحالة الثقافية السائدة في الأردن، تحتاج لمراجعة شاملة، ورؤية جديدة لوضعها على سلم الأولويات، سواء للدولة بمؤسساتها المختلفة أو للمجتمع والقطاع الخاص.

ربما يعجبك أيضا