لماذا تسعى إيطاليا لتعزيز الشراكة مع دول أفريقية بعينها؟

سحر رمزي
رؤية – سحر رمزي 
في الوقت الذي تعاني دول أوروبية من أزمة أمنية واقتصادية واجتماعية غير مسبوقة، نجد دول مثل إيطاليا تسعى لتعزيز الشراكة مع دول القارة السمراء ومنهم ” دولتي النيجر وتشاد” حيث يقوم رئيس وزراء إيطاليا بزيارة خاصة للبلدين في الوقت الحالى، ولذلك يرى البعض أن إيطاليا تلعب لحسابها وتسعى إلى دور زعامة أوروبية من جهة، ومن جهة أخرى حماية حدودها من مخاطر الهجرة غير شرعية، ولعله دليل على أهمية النيجر، التي تقع على الحدود الجنوبية لليبيا، وتلعب دوراً هاماً في استقرار منطقة الساحل والصحراء بأكملها، كذلك دور هام في القارة العجوز.
إيطاليا تتصدر حل مشكلة اللاجئين بأوروبا
ذلك اتضح عندما وصف المفوض الأوروبي للهجرة والشؤون الداخلية والمواطنة، ديميتريس أفراموبولوس، لقاءين منفصلين أجراهما في روما مع كل من رئيس الوزراء الإيطالي، جوزيبي كونتي ووزير الداخلية، ماتيو سالفيني، بـ”الإيجابي” حيث قال أوروبا تقف إلى جانب إيطاليا لمواجهة هذا التحدي سويا.

وبشأن اللقاء الذي جمعه بوزير الداخلية،  قال أفراموبولوس “نشاطر إيطاليا أولوية حماية الحدود وإعادة المهاجرين غير النظاميين لبلدانهم، كما أننا نتشارك مع نفس الأولويات: حماية الحدود، التعاون مع بلدان ثالثة لوقف الهجرة غير النظامية وزيادة عمليات الإعادة ولكن أيضا إنشاء آلية تضامن، معلنا أن أوروبا ستواصل دعم إيطاليا” بشأن قضية الهجرة.
 
كما شدد كونتي على أن “خط الصرامة والحزم من جانب الحكومة لن يتغير” تجاه المهاجرين غير النظاميين،  ولكن إعلان حكومة بلاده إستقبال نساء وأطفال ضمن المهاجرين العالقين يشكل “حالة استثنائية”، وأردف “لكننا نريد أن تفي الدول الأخرى بالتزاماتها وأن تحترم القواعد الاوروبية. فإيطاليا  لا يمكن أن تكون الوحيدة التي تفعل ذلك
 

يشار إلى أن إيطاليا افتتحت قبل عامين سفارة لها في ميامي، مما يدل على أهمية النيجر، التي تقع على الحدود الجنوبية لليبيا، وتلعب دوراً هاماً في استقرار منطقة الساحل والصحراء بأكملها

وتعتبر نيامي  شريكا مميزا بالنسبة لروما. وفي مقاربة تجمع بين التعاون في المجالين الأمني والتنموي، أعلنت إيطاليا في شهر أيلول/سبتمبر الماضي إنطلاق البعثة العسكرية التدريبية إلى النيجر حيث يشارك 92 عسكرياً إيطاليا في تدريب قوات الأمن المحلية،  بينما تساهم روما، من جانب آخر، في برامج التعاون لدعم المرأة، ريادة الأعمال للشباب والزراعة، حيث استثمرت إلى الآن حوالي 80 مليون يورو لصالح هذه البرامج.
 
 

خلال زيارته إلى نجامينا ، سيركز كونتي على التعاون في إدارة تدفقات الهجرة. وقد وقعت إيطاليا  اتفاقية ثنائية مع تشاد بشأن مراقبة الحدود مع ليبيا حيث أعلنت سابقا وزارة الداخلية الإيطالية، عن إنشاء مراكز استقبال وإيواء اللاجئين في النيجر وتشاد، القرار الذي تم التوصل إليه خلال لقاء وزراء داخلية الدول الأفريقية بالعاصمة الإيطالية مع نظرائهم من ليبيا وإيطاليا.
وجاء في بيان الوزارة، “أخذ الوزراء بعين الاعتبار جهود إيطاليا للتوصل إلى اتفاق بين القبائل في جنوب ليبيا” والاتفاق حول “ضرورة التعاون في مواجهة الإرهاب والنقل غير الشرعي للناس، لضمان أمن الحدود”.

تم الاتفاق “على دعم إنشاء مراكز لاستقبال اللاجئين غير الشرعيين  في النيجر وتشاد، والأنشطة في ليبيا، وفقاً للمعايير الإنسانية الدولية” حيث تقرر إنشاء هذه المراكز لأنه وعبر الحدود الجنوبية لليبيا مع تشاد والنيجر يصل إلى إيطاليا حوالي 90 بالمئة من المهاجرين بصفة لاجئين.

وأكد بيان الوزارة على أن وزراء الداخلية للدول الأربع توصلوا ضمن هذه الصيغة إلى اتفاق حول تعزيز وحدات حماية الحدود بواسطة إنشاء شبكة اتصالات بين الإدارات، التي تعمل على مراقبة الحدود، ولتنفيذ هذه الالتزامات نظمت كل من إيطاليا وليبيا والنيجر وتشاد مجموعة تنسيق ستجري المشاورات المشتركة بشكل دوري، هذا وتقوم إيطاليا بشكل منتظم بتوسيع التعاون مع دول أفريقيا الشمالية لحل مشكلة الهجرة غير الشرعية.

الهجرة غير الشرعية أو غير القانونية (السرية) هاجساً يقض مضجع دول العالم المتقدم وحلماً يدغدغ فقراء العالم الثالث بسراب الخلاص من قيود الفقر وشبح الحرب والعنف والإرهاب في أوطانهم الأصلية.
ما تواجه إيطاليا وأوروبا من تحديات 
أثبتت التقارير أنه كلما شددت الدول القيد على فرص السفر منها أو إليها كلما اتسعت رقعة شبكات التهريب وما صاحبها من مضار الإتجار بالبشر وممارسة أعمال العنف النفسي والجسدي واللفظي تجاههم وإشراكهم بصورة أو بأخرى في أعمال تدخل ضمن الجريمة المنظمة كالمخدرات والدعارة وتزوير العملة والمستندات وتهريب واستخدام السلاح والسرقة والسطو والقتل وغيرها.

الهجرة غير الشرعية دائرة أو حلقة من ثلاثة أجزاء، لا يمكن أن نتحدث عن حلول وعلاج لها بالإهتمام بجزء أو جزئين فقط، مما يعني ضرورة الإهتمام بالدائرة ككل
 

 التحديات الاقتصادية
عن التحديات الاقتصادية تشير تقارير صحفية لجريدة (صنداي تايمز) إلى ازدهار أنشطة تهريب المهاجرين من ليبيا إلى السواحل الأوربية خلال العام 2016م حيث وصلت أرباحها إلى ما لايقل عن 30 ألف جنيه إسترليني لكل مجموعة من المهاجرين، وحاورت الجريدة أحد المهربين بمدينة سبها وأفادوا بأنه يحصل على مائة جنيه إسترليني من كل مهاجر مقابل عبور نقاط التفتيش التي تقيمها المجموعات المسلحة المختلفة على طول الطريق من سبها حتى منطقة بني وليد، وينقل نحو 75 مهاجرًا كل أسبوع، (أي أنه يحصل على نحو 7.5 ألف جنيه إسترليني أسبوعيا لتوصيل المهاجرين إلى السواحل).
تحدٍ آخر تواجهه البلاد هو ازدياد نسبة البطالة بين السكان مما دفع الكثير من شبابها للإنخراط في أعمال شبكات التهريب أو التعاون معهم بسبب نقص السيولة وعدم انتظام المرتبات للموظفين بمؤسسات الدولة والعاملين بالأجهزة الأمنية المختلفة، وقد عبر نحو 180 ألف مهاجر، معظمهم من دول الصحراء الأفريقية، سواحل ليبيا إلى إيطاليا خلال العام 2016، (دفعوا ما يقرب من 18 مليون جنيه إسترليني – 23 مليون دولار – لمجرد الوصول إلى السواحل الليبية، هذا بالإضافة إلى ألفي دولار لكل مهاجر لحجز مكان على مراكب الهجرة).
التحديات الأمنية
أما على سبيل المثال عن التحديات الأمنية فإنه إلى جانب الهجرة غير الشرعية والإرهاب، يعتبر الجنوب الليبي منطقة عبور لجماعات تهريب السلاح والمخدرات في الصحراء الإفريقية الكبرى وشبكات الدعارة والجريمة المنظمة كما تشير تقارير أمنية ليبية، بالإضافة إلى أن الهجرة غير الشرعية تعد انتهاكاً لسيادة البلاد وخرقاً لقوانين السفر إليها والإقامة فيه.
عتبر العام 2016 م العام الأكثر دموية بوفاة 4440 مهاجر في البحر المتوسط، الأمر الذي دفع الاتحاد الأوروبي لاتخاذ إجراءات لمواجهة هذا الخطر وحل الأزمة حيث أعلن عن بدء برامج لتدريب وإعداد القوات البحرية الليبية وقوات خفر السواحل للتعامل مع أزمة الهجرة غير الشرعية على طول سواحل ليبيا.
هذا يعني أن الاتحاد الأوروبي ينظر لظاهرة الهجرة غير الشرعية وفق الصورة النمطية التي أشرت إليها في بداية هذه الورقة والتي تلخص الموضوع في عبور البحر الأبيض المتوسط فقط في حين أن المهاجر يقضي وقتاً أطول ويعاني ظروفاً أصعب تحفها شتى المخاطر عابراً مسافات أطول براً من بلد المصدر حتى تلمس قدماه ماء المتوسط، ونظرته هذه توجه جهوده نحو إعادة عابري البحر أو جثثهم إلى الضفة الجنوبية من المتوسط دون حل لمشاكلهم ودون اهتمام بالأعباء التي تتكبدها دولة العبور والتي غالباً ما تكون ليبيا، وبالتالي فإن هكذا إجراءات وإن بدت كحل فإنها في الحقيقة جزء من المشكلة وليست أبداً أي حل.

 

ربما يعجبك أيضا