أوروبا حائرة .. هل تذهب إلى “وارسو” من أجل إيران والشرق الأوسط؟

يوسف بنده

رؤية

أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو عن قمة ستعقد يومي 13 و14 من فبراير المقبل في العاصمة البولندية وارسو، وستتناول القمة الاستقرار والأمن في الشرق الأوسط، وستركز القمة على إيران وتأثيرها على استقرار المنطقة.

وينصب تركيز المؤتمر على دور إيران في المنطقة. فيما يعتبر هذا المؤتمر هو آخر مظاهر حملة الضغط الأمريكية ضد الجمهورية الإسلامية.

وكانت الخارجية الإيرانية قد احتجت على إستضافة بولندا لهذا المؤتمر، وذكرتها بدعمها للشعب البولندي أثناء الحرب العالمية الثانية.

وتعتبر المعارضة الإيرانية، أن عقد هذا المؤتمر في هذا التوقيت الذي يشهد زيادة غير مسبوقة من الضغوط السياسية والاقتصادية على نظام طهران سيُصعد التوتر في الداخل الإيراني لا سيما مع تأزم الموقف مع الجانب الأوروبي.

ويركز المسؤولون الأمريكيون جهودهم في المرحلة الراهنة على فرض ضغوط ضد إيران بشكل قانوني، ودليل ذلك، إعلان السيناتور البارز توم كوتن اعتزامه سنّ قانون حول احتجاز الرهائن في إيران بعد الكشف مؤخرًا عن واقعة احتجاز طهران لمواطن أمريكي.

وأعلن مسئولون في الاتحاد الأوروبي، تأييدهم لفكرة المؤتمر المعلنة بشأن بسط الاستقرار والأمن والإعداد لرؤية شاملة لمستقبل الشرق الأوسط.

وفي الوقت الذي يجد فيه الاتحاد الأوروبي، نفسه مستعداً للمساهمة في أي عمل دولي يؤدي إلى إعداد رؤية شاملة لمستقبل الشرق الأوسط، إلا أن العقدة الإيرانية تسبب له الحرج.

وتتمحور مشكلة الأوروبيين حول رغبتهم بالاستمرار بالتعاون والتعامل مع إيران رغم انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي الموقع في عام 2015 بين مجموعة 5 1 وطهران، دون إضافة مزيد من التعقيد على علاقاتهم المتوترة مع الولايات المتحدة الأمريكية، ودون المخاطرة بمصالحهم مع دول الخليج وإسرائيل.

هذا ومن المقرر أن يناقش وزير الخارجية البولوني موضوع المؤتمر الذي ستستضيفه بلاده مع نظرائه الأوروبيين خلال اجتماعهم الدوري يوم الاثنين القادم في بروكسل.

غياب “موجريني”

وقد نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال”، أمس الجمعة 18 يناير/ كانون الثاني، عن مسؤول أوروبي كبير، لم يذكر اسمه، أن موجيريني، الممثلة العامة للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، لن تحضر قمة “الشرق الأوسط للسلام والأمن” في وارسو، هذا الشهر.

وعلى الرغم من المخاوف من الأنشطة الإقليمية الإيرانية، فإن الأوروبيين لم يؤكدوا بعد إرسال وزراء خارجيتهم إلى مؤتمر وارسو. كما لم يعلن الرعاة الرئيسيون الثلاثة للاتفاق النووي، بريطانيا وفرنسا، وألمانيا، عن قرارهم بحضور التجمع، الذي يعتبرونه تحالفًا ضد إيران.

ويقول مسؤولو خارجية بولندا -التي تواجه الآن انتقادات إيرانية- إن المجتمع الدولي لديه الحق في مناقشة مختلف القضايا الإقليمية والعالمية. وفي هذا الصدد، تؤكد السلطات البولندية على القضايا الأوسع في الاجتماع، بما في ذلك مكافحة الإرهاب والتطرف، وتهديد الجماعات والحركات التي تعمل بالنيابة عن إيران في المنطقة.

وتشير تقارير صحفية مختلفة، إلى أن وزراء خارجية إسرائيل والسعودية ومصر والأردن والبحرين والإمارات وبعض الدول الإقليمية الأخرى مدعوون للمشاركة في هذا المؤتمر.

غضب أوروبي

وبرغم حاجة أوروبا للاستمرار في الاتفاق النووي مع إيران؛ إلا أنه لا يمكن لأوروبا الاستمرار في تحمل سياسة إيران التي تضعها في حرج أمام الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي.

ولا يمكن الحديث عن فشل مؤتمر وارسو حتى الآن، في ظل سياسة إيرانية مبنية على التهديدات الأمنية. غير أن تركيز المؤتمر على إيران سيضع الدول الأوروبية في حرج أمام طهران. ومن المحتمل أن يكون التمثيل الأوروبي في هذا المؤتمر بشكل فردي؛ كل دولة ممثلة بذاتها وليس باسم الاتحاد الأوروبي.

وكانت العقوبات الأوروبية الأخيرة رمزية إلى حد كبير، حيث جاءت بعد اجتماع عاصف مع الإيرانيين في طهران انطوى على تحول غير متوقع في الدبلوماسية الأوروبية منذ نهاية العام الماضي.

فحسب تقرير ميدل إيست أونلاين، أنه في طهران يوم الثامن من يناير/ كانون الثاني أثناء اجتماع مع مبعوثين أوروبيين، وقف المسؤولون الإيرانيون فجأة وخرجوا من الباب وأغلقوه بعنف في خرق غير مألوف للبروتوكول.

وكان الدبلوماسيون الفرنسيون والبريطانيون والألمان والدنماركيون والهولنديون والبلجيكيون في غرفة بوزارة الخارجية الإيرانية قد أزعجوا المسؤولين الإيرانيين برسالة مفادها أن أوروبا لم تعد قادرة على تحمل تجارب الصواريخ الباليستية في إيران ومؤامرات الاغتيال على الأراضي الأوروبية، وفقا لما ذكره أربعة دبلوماسيين أوروبيين.

قال أحد الدبلوماسيين الأربعة: “كان هناك الكثير من الملابسات غير المتوقعة، لم يعجبهم ذلك، لكننا شعرنا أن علينا نقل مخاوفنا الجادة، يُظهر ذلك أن العلاقة باتت أكثر توترا”.

وفي اليوم التالي، فرض الاتحاد الأوروبي أول عقوبات على إيران منذ أن توصلت قوى عالمية لاتفاق في فيينا عام 2015 مع طهران بشأن كبح برنامجها النووي.

ويقول دبلوماسيون: إن دولا أصغر حجما وأكثر وداعة في الاتحاد الأوروبي انضمت إلى فرنسا وبريطانيا في موقف أكثر صرامة بشأن طهران بما في ذلك النظر في فرض عقوبات اقتصادية جديدة.

وقال ثلاثة دبلوماسيين: إن ذلك قد يشمل تجميد أصول وحظر سفر على الحرس الثوري الإيراني وعلى إيرانيين يطورون برنامج الصواريخ الباليستية للجمهورية الإسلامية.

ويقترب هذا النهج الجديد من سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتمثلة في عزل إيران بفرض عقوبات صارمة، رغم أن الحكومات الأوروبية لا تزال تدعم اتفاق فيينا المبرم في عام 2015 والذي انسحب منه ترامب في مايو/أيار.

سبب آخر

أيضًا، يمثل اختيار الرئيس الأمريكي لبولندا مضيفا لهذا المؤتمر، نقطة غضب بالنسبة للأوروبيين؛ في ظل حديث ترامب عن الخروج من الحلف الأطلسي، والضغط الأمريكي على أوروبا ماليًا، وكذلك مساعيه لتحويل بولندا قاعدة للتواجد الأمريكي في قلب أوروبا الشرقية.

فاختيار واشنطن، وارسو، مكاناً لإنعقاد القمة، يمثل محاولة لشق الصف الأوروبي”، وذلك بحسب ما نقلته صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مصادر أوروبية، مشيرة إلى أن “الاتحاد الأوروبي لن ينضم الى تحالف ضد ايران”.

ربما يعجبك أيضا