انتخابات في ظل تحقيقات الفساد.. نتنياهو يحارب لمواصلة الزعامة!

محمد عبد الدايم

رؤية – محمد عبدالدايم

بعد فترة من السكون، عقب إسقاط الطائرة الروسية بفعل التضليل الإسرائيلي، أعلن الجيش الإسرائيلي ووزيره، رئيس الوزراء نتنياهو، عن قيامه بشن هجمات جوية على أهداف إيرانية في سوريا.

نشر الجيش الإسرائيلي، صورًا لمواقع في دمشق قال إنها تموضعات إيرانية، وأعلن أنه قصفها الأسبوع الماضي، وأظهرت الخرائط التي عرضها الجيش عشرة مواقع في محيط العاصمة السورية، تابعة لما يسمى بـ “فيلق القدس” الإيراني إضافة إلى قوات من سلاح الجو السوري الذي أطلقت دفاعاته صواريخ مضادة للصواريخ الإسرائيلية.

في بيان الجيش قيل إن القوات الإيرانية ردت بإطلاق صاروخ أرض أرض باتجاه إسرائيل، وهي المرة الأولى التي يُعلن فيها عن إطلاق صاروخ من سوريا كرد على الهجمات التي قام بها الجيش الإسرائيلي.

نقلت مصادر سياسية إن نتنياهو تشاور مع رئيس أركان الجيش أفيف كوخافي في أمر هذه الهجمات قبل سفره إلى تشاد، حيث جاء القصف بعد نحو ساعتين من عودة رئيس الوزراء من تشاد.

هذا الهجوم هو الأول في عهد أفيف كوخافي بعدما تسلم مهام منصبه كرئيس أركان للجيش الإسرائيلي خلفا لجادي أيزنكوط.

في الشمال أيضًا، وقبل الإعلان عن الهجمات على أهداف إيران في سوريا، أعلن الجيش الإسرائيلي انتهاء عمليته المسماة “درع شمالي” التي بدأها لهدم ما قيل إنه أنفاق حفرها حزب الله تصل إلى إسرائيل.

يأتي هذا النشاط العملياتي للجيش الإسرائيلي في وقت يتصدر فيه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المشهد كوزير للدفاع بعد استقالة أفيجادور ليبرمان، وعدم منح حقيبة الوزارة لنفتالي بينط، كما أن هذا النشاط يأتي بعد إعلان إدارة ترامب بدء الانسحاب الأمريكي المنفرد من سوريا.

رغم أن إسرائيل قد أمسكت جيشها عن الهجمات على سوريا بعد إسقاط طائرة روسيا، فإنها استأنفت الغارات فجأة في الوقت الذي اعتبر فيه البعض أن انسحاب الولايات المتحدة سيعضد قوة إيران، وكأنما قررت إسرائيل مواجهة إيران خشية تمددها تحت أعين روسيا.

تماشيا مع الإعلان عن الهجمات الإسرائيلية، والرد بصاروخ إيراني، أعلن الجيش الإسرائيلي استمراره في نشر منظومة الدفاع الجوي المعروفة بـ “القبة الحديدية” في جميع أنحاء إسرائيل نتيجة التوتر في الشمال.

ليس شمالًا فحسب، بل نشر الجيش الإسرائيلي كذلك بطاريات القبة الحديدية ووجهها جنوبًا، خشية أن تنطلق صواريخ من غزة على إسرائيل بضغوط إيرانية على حماس.

موقف حرج للمستشار القانوني

في الوقت نفسه ازدادت الضغوط على المستشار القانوني مندلبليت بعد كشف قضية الابتزاز الجنسي في وزارة القضاء الإسرائيلية، المتهم فيها نقيب المحامين إفي نافيه بأنه مارس الجنس مع محامية شابة في مقابل ترقيتها قاضية، إضافة إلى زوجة قاض في مقابل نقله إلى المحكمة المركزية.

رغم أن نافيه أعلن استقالته من رئاسة نقابة المحامين، فإن مندلبليت واقع في موقف حرج لأن المتهم نافيه كان أحد أصدقائه المقربين، ويحاول نتنياهو وحزب هاليكود استغلال كل نقاط الضعف لإسقاط المستشار القانوني قبلما يوجه لائحة الاتهام.

مصير نتنياهو

المواجهة السياسية الحالية من شأنها أن تستعر نيرانها خلال الفترة القليلة القادمة قبل الانتخابات، فنتنياهو يسعى للتخلص أمن الاتهامات والعبور بحزبه إلى رئاسة الحكومة مجددًا، وفي سبيل ذلك ربما لا يتردد في إطلاق آلاف الصواريخ على سوريا، ودعس قطاع غزة، وتدمير المسيرة المهنية للمستشار القانوني للحكومة، لأنها المعركة الأخيرة التي تحدد مصيره.

 

اللعب بورقة أموال قطر

بالحديث عن الجبهة الجنوبية، أعلن بنيامين نتنياهو فجأة منع دخول الأموال القطرية إلى غزة، ثم ربط دخولها بعدم خروج مسيرات العودة التي تتحرك أسبوعيا كل جمعة عند السياج الأمني المحيط بالقطاع المحاصر.

هذه التحركات العسكرية الإسرائيلية التي تصاحبها بيانات وصور وخرائط وتصريحات ومتابعات إعلامية وأحاديث كثيرة تأتي في وقت تستعد فيها إسرائيل بكاملها لانتخابات الكنيست المزمع عقدها في إبريل القادم.

انتخابات في ظل التحقيقات

“انتخابات في ظل التحقيقات” هو العنوان الرئيس الذي يتصدر متابعات وسائل الإعلام الإسرائيلية للتحركات السياسية النشطة للأحزاب المختلفة والساسة، فالجميع يتحرك استعدادا لانتخابات الكنيست في الوقت الذي تزداد التوقعات بأن المستشار القانوني للحكومة أفيحاي مندلبليت سيوجه لائحة اتهام ضد رئيس الوزراء نتنياهو  بالاحتيال والرشى والابتزاز.

يتحضر نتنياهو لانتخابات يقود فيها حزبه لاستمرار تصدر المشهد السياسي وعدم إفلات السيطرة على الحكومة، في ظل انشقاقات وتحالفات سياسية تحيط بحزب هاليكود ورئيسه الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى من تلقي الاتهام الرسمي بالفساد.

من هنا تأتي التحركات العسكرية الإسرائيلية للجيش فوق سوريا، مع تغطية إعلامية “كاسحة” وكأنما هي محاولة لجذب أنظار الرأي العام بعيدا، ولو قليلا، عن أحاديث الفساد والاحتيال وملفات التحقيق مع رئيس الوزراء ووزير الدفاع والرجل الأول الذي يتحضر للاستمرار في موقعه.

في إسرائيل تغطي أصوات الحرب على الفساد، والهلع الذي يسببه إطلاق صاروخ يغطي على قضايا الرشوة والاحتيال، والتخويف المستمر من فزاعات إيران وحزب الله شمالا، وحماس جنوبا، مع التحركات النشطة في أوقات متفاوتة للفت انتباه الجمهور بعيدا عن التحقيقات مع رئيس الوزراء.

نتنياهو أصبح بين وضع صعب، هذا لا شك فيه، لأن عامل الوقت ليس في صالحه الآن، فبعد أن سعى لتقريب موعد الانتخابات إلى إبريل في محاولة لاستمرار في السلطة قبل أن تنتهي التحقيقات، يبدو أن مستشار الحكومة سيكون أسرع منه، ويقدم ضده لائحة اتهام في فبراير كحد أقصى، مما يضع ضغوطا سياسية كبيرة على نتنياهو كي يستقيل من منصبه، أو يتزعزع موقفه في الانتخابات المقبلة.

في أحدث استطلاع للرأي اتضح أن حزب هاليكود ربما يخسر أربعة مقاعد من نصيبه في الكنيست القادم إذا ما قدم مندلبليت لائحة الاتهام ضد نتنياهو، لكن يظل الحزب في الصدارة، غير أن هذه الصدارة مع فارق قليل بين هاليكود ومنافسيه قد لا تمنح نتنياهو أريحية كافية تسمح له بتشكيل ائتلاف حكومي يؤمن له وجوده كما يخطط.

من هنا فليس مستغربا أن يشن نتنياهو هجومه الحاد على أفيحاي منلدبليت، ويتهمه بأنه “يحيك” ملفات اتهام ضده، وينصاع للمعارضة التي تسعى لإسقاطه دون دليل قويعلى فساده، كما انبرى أعضاء من حزب هاليكود للهجوم على مستشار الحكومة، ويستعد الحزب لتدشين حملة إعلامية ضخمة ضده واتهامه بـ “تلفيق” تهم لرئيس الوزراء انصياعا للمعارضة اليسارية.

سياسة نتنياهو وحزبه واضحة، باتهام مندلبليت بحمل أجندة سياسية مشبوهة ضده رئيس الوزراء، وذلك للتشكيك فيه مهنيا إذا ما أعلن عن توجيه لائحة الاتهام ضد نتنياهو.

ربما يعجبك أيضا