فرق اغتيالات وقوائم تصفية.. “ميليشيا الملالي” تُسكت خصومها بالعراق

إبراهيم جابر

رؤية – إبراهيم جابر:
القاهرة – تصاعدت وتيرة الغضب في العراق -خلال الأشهر الماضية- مع زيادة جرائم اغتيال الكتاب والمفكرين والنشطاء، والتي كان آخرها مصرع الروائي علاء مشذوب الخفاجي، أحد أبرز أدباء بلاد الرافدين، بـ13 رصاصة بيد مسلحين مجهولين، وسط عجز أمني عن مواجهة العصابات والمتطرفين والإرهابيين.

“حادثة المشذوب”

الكاتب العراقي المرموق لقي حتفه، عصر السبت الماضي، في شارع رئيسي أمام منزله جنوب العاصمة بغداد، وذكرت تقارير إعلامية محلية أن المسلحين أطلقوا وابلا من الرصاص على المشذوب، فأردوه قتيلا بعد أن اخترقت 13 رصاصة جسده.

وأضافت التقارير، أن الاغتيال وقع بعد خروج مشذوب من لقاء مع عدد من المثقفين والصحفيين في ملتقى أدبي، متوجها إلى منزله قرب مركز المدينة القديمة، موضحين أنه لم تعرف بعد دوافع الاغتيال أو الجهة التي تقف وراءه.

ومع الإعلان، عن جريمة مقتل المشذوب ضجت وسائل التواصل الاجتماعي، بالإدانة، مع توجيه أصباع الاتهام إلى “الميليشيات الإيرانية”، مرجعين رمزية الـ13 طلقة التي أودت بحياة الروائي المعروف إلى عدد السنوات التي قضاها المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران آية الله الخميني في العراق.

وأرجع نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي الجريمة إلى الكتابات الناقدة للمشذوب إلى المؤسسة الدينية في كربلاء سواء بالمقالات الفيسبوكية أو في رواياته الأخيرة.

وتناقل مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي منشورا سابقا للراحل، انتقد فيه “ثورة الخميني” في إيران، ورجّح البعض أن يكون ما نشره سببا في مقتله.

وكان مشذوب قال -عبر حسابه على موقع “فيسبوك”- “هذا الرجل (الخميني) سكن العراق ما بين النجف وكربلاء لما يقارب ثلاثة عشر عاما، ثم رحل إلى الكويت التي لم تستقبله، فقرر المغادرة إلى باريس ليستقر فيها، ومن بعد ذلك صدّر ثورته إلى إيران عبر كاسيت المسجلات والتي حملت اسم (ثورة الكاسيت).. ليتسنم الحكم فيها، ولتشتعل بعد ذلك الحرب بين بلده، والبلد المضيف له سابقا”.

“إيران المتهم”

ويبدو أن اتهام إيران الرائج على وسائل التواصل الاجتماعي، ليس ببعيد عن الواقع، حيث تحدثت وسائل إعلام محلية وإعلامية خلال الأشهر القليلة الماضية، عن نشر طهران فرق اغتيالات لإسكات منتقديها، وسط ما وصفته بمحاولات إيرانية للتدخل في شؤون الحكومة العراقية الجديدة.

ورصد مراقبون للشأن العراقي خطابًا متطرفًا تبنته بعض الجماعات الشيعية، مثل سرايا الخراساني وكتائب حزب الله وعصائب أهل الحق، ضد الانفتاح الحاصل في بغداد، وانتشار دور السينما والمسرح والأعمال الفنية.

وذكرت صحيفة “ديلي تلغراف” البريطانية نقلاً عن أجهزة أمنية، قبل شهرين، أن النظام الإيراني، وبأوامر مباشرة من قاسم سليماني، قائد ما يسمى “فيلق القدس” في “الحرس الثوري”، وبدعم مالي قطري سخي، نشر فرق اغتيالات بالعراق من أجل إسكات خصومه ومنتقدي نفوذه، ليتسنى له تنفيذ أجندته “الخبيثة” بالبلاد.

وأوضح التقرير، أنه جرى نشر فرق الاغتيال في مايو الماضي خلال الانتخابات الأخيرة عقب عرقلة مساعي إيران لفرض النفوذ على الحكومة العراقية وفشلها في دعم مرشحين تابعين لها، مشيرا إلى أن  فرق الاغتيالات استهدفت خصوماً من مختلف تشكيلات الطيف السياسي في العراق من أبرزهم عادل شاكر التميمي المقرب من رئيس الحكومة السابق حيدر العبادي.

رئيس حزب “الأمة” العراقي مثال الألوسي، تحدث في نهاية نوفمبر الماضي، عن إرسال طهران رسالة تهديد الى الولايات المتحدة الأمريكية بشأن السعي الأمريكي لتقليل وإنهاء النفوذ الإيراني في العراق، مضيفا: “مسؤولون أمريكيون أبلغونا أن إيران هدّدت بحرق بغداد، إذا تم تقليل النفوذ الايراني في العراق”.

وذكر الألوسي في تصريحات صحفية، أن “حرق بغداد يعني أن طهران تعطي أوامر إلى الميليشيات في العراق بالتحرك والقيام بأعمال عنف وغيرها”، مشيرا إلى أن الرد الأمريكي على رسالة التهديد، كان بتغيير السفير الأمريكي في بغداد، والطاقم المتقدم بالسفارة في العراق، وزيادة العمل والإجراءات على تقليل أو إنهاء النفوذ الإيراني في البلاد”.

“النزيف مستمر”

جريمة اغتيال المشذوب أعادت إلى الأذهان الجرائم التي شهدتها العراق خلال العامين الماضيين، والتي استهدفت الطبقة المثقفة، وعاملين في مراكز تجميل، دون أن تتمكن قوات الأمن العراقية من القبض على القتلة حتى الآن.

وشهدت الفترة الماضية اغتيال السياسي العراقي عادل شاكر التميمي، من قبل “فيلق القدس” في سبتمبر الماضي، وأعلنت مليشيا سرايا السلام التابعة لمقتدى الصدر عن مصرع القيادي فيها شوقي الحداد بعدما اتهم طهران بالتدخل لتزوير الانتخابات العراقية.

واغتال مسلحون مجهولون الفنان كرار النوشي عام 2017، فضلًا عن الموديل العراقية تارة فارس، والناشطة الحقوقية العراقية سعاد العلي، إضافة إلى صاحبتي مركزي تجميل وهما رفيف الياسري ورشا الحسن، في ظروف غامضة.

وشهد العراق، وتحديدا العاصمة بغداد انتشار ظاهرة خطف الفتيات القاصرات، حيث تم تسجيل ست حالات منها خلال أسبوع واحد فقط في شهر أكتوبر الماضي، ما جعل العائلات تسعى إلى مغادرة العاصمة نحو أماكن أكثر أمناً.

ربما يعجبك أيضا