خط أنابيب “نورد ستريم 2”.. توافقات اقتصادية وانقسامات أوروبية

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي

في الوقت التي تتجه فيه القارة العجوز لتقليل الاعتماد على الغاز الروسي ولا سيما عقب الأزمة الأوكرانية، جاء خط أنابيب نورد ستريم 2، الذي يرتبط بإمدادات للغاز الروسي إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق، ليثير جدلا بين دول الاتحاد الأوروبي ويعمق من الخلافات بينهم.

أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، اليوم الجمعة، التوصل لتوافق بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بشأن مشروع ضخ الغاز من روسيا إلى ألمانيا ” نورد ستريم 2″، ومن المقرر أن ينقل خط أنابيب “نورد ستريم 2” الغاز بشكل مباشر من روسيا إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق، وتشارك عديد من الشركات الألمانية في الخط. وبدأ بالفعل بناء المسار البالغ طوله 1200 كيلومتر، المزمع تشغيله في نهاية عام 2019 الجاري.

وكانت ألمانيا قد تجاهلت إلى حد كبير الانتقادات لهذا المشروع لوقت طويل، لاسيما الانتقادات الأمريكية التي يعتقد بأنها تعارض المشروع لأسباب تجارية، لأنها تفضل تسويق صادراتها من الغاز إلى أوروبا.

غضب أوروبي

تدرك بعض الدول الأوروبية هذا الخطر، حيث انتقدت بولندا خط أنابيب “نورد ستريم 2″، وتعتزم الامتناع عن استيراد الغاز الطبيعي الروسي بحلول عام 2022. كذلك أعربت أوكرانيا ودول البلطيق عن معارضتها للخط الجديد. لدى تلك الدول ذكريات حية عن شاكلة العدوان الروسي، وترى هيمنة بوتين على الطاقة كسلاح سياسي واقتصادي يتم استخدامه ضدها.

آثار مشروع  خط الأنابيب 2 أغضب المفوضية الأوروبية لأنه لا يسمح بخفض اعتماد الاتحاد الأوروبي على روسيا في إمدادات الغاز. وهو يهدد أيضا المشتريات الأوروبية من الغاز عن طريق أوكرانيا التي أصبحت شبكتها لأنابيب الغاز قديمة جدا.

صراع دولي حول احتكار سوق النفط الأوروبي

تقوم روسيا بتنفيذ مشروعين جديدين للغاز، الأول “السيل التركي”، والذي يهدف لمد أنبوب غاز من روسيا عبر قاع البحر الأسود إلى تركيا، مع إمكانية مد أنبوب ثاني عبر الأراضي التركية إلى أوروبا، في حال الحصول على ضمانات أوروبية.

أما المشروع الثاني فهو “نورد ستريم 2″، ويهدف لمد أنبوب لضخ الغاز من روسيا عبر قاع بحر البلطيق إلى ألمانيا، وتشارك فيه عدة شركات عالمية منها “غاز بروم” الروسية التي تمتلك 50% منه.

ويلقى المشروع معارضة من قبل الولايات المتحدة، التي تسعى لتصدير الغاز المسال إلى أوروبا، وهددت واشنطن مرارا بفرض عقوبات على المشروع التجاري، وذلك في خطوة وصفها الخبراء بأنها تهدف للحد من منافسة الغاز الروسي للأمريكي في أسواق الطاقة الأوروبية .

هل يقوض أمن أوروبا اعتمادها على الغاز الروسي؟

أكد سفير الولايات المتحدة الأمريكية في برلين ريتشارد جرينيل ونظيراه في الدنمارك وبروكسل، كارلا ساندس وجوردون سوندلاند، شركاء ألمانيا دعم مقترحات تشريعية تهدف لوضع ضوابط وتنظيم خط أنابيب الغاز الألماني -الروسي المثير للجدل “نورد ستريم 2”. إذ يمكن أن يزيد من تعرض أوروبا لعمليات ابتزاز روسية في مجال الطاقة”، لافتين إلى أن تبعية الاتحاد الأوروبي للغاز الروسي، تنطوي على مخاطر لأوروبا والغرب بشكل عام.

فمن المرجح أن يمد الغاز الروسي بشيء أكبر من مجرد مورد نفطي، فستنتشر قوة روسيا وتأثيرها عبر بحر البلطيق وتصل حتى أوروبا”، إذ يمكّن خط أنابيب الغاز روسيا من مواصلة تقويض سيادة أوكرانيا واستقرارها.

الجدير بالذكر أن حاجة أوروبا إلى الغاز الطبيعي قد تزايدت سريعاً، حيث ازداد استهلاك ألمانيا وحدها بنسبة 22 في المائة من 2014 حتى 2017.
وتعد روسيا بالفعل المورد الأساسي للغاز لأوروبا، حيث تزودها بنحو 40 % من حجم واردات دول الاتحاد الأوروبي من الغاز الطبيعي.

وتحصل ألمانيا على أكثر من 50 % من وارداتها من الغاز الطبيعي من روسيا، وتحصل بعض دول الاتحاد الأوروبي على وارداتها بالكامل من روسيا.

في الواقع تستغل روسيا هذه الحاجة من خلال إنشاء خط أنابيب جديد لتوريد الغاز الطبيعي إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق، ومن شأن هذا الخط، الذي تم إطلاق اسم “نورد ستريم 2” عليه زيادة القدرة على نقل الغاز الطبيعي الروسي إلى ألمانيا وباقي أنحاء أوروبا مما يجعل المنطقة أكثر عرضة للضغط والسيطرة.

حرب الأنابيب هذه هي صراع بين أمريكا وروسيا على الهيمنة، ومشروع السيل الشمالي 2 يواجه اعتراضاً أمريكياً لكن هذه المرة يحصل على دعم من دول أوروبية على رأسها ألمانيا، وقد شق الاتحاد الأوروبي إلى شقين داعم ومعارض، نعم هناك اعتراضات من الدنمارك التي سنت قانوناً لمنع مروره بمياهها في بحر البلطيق لكن المشروع إذا تم ونجح فستكون روسيا قد عرقلت مشروع نابكو وأنجزت مشروعاً يقوي موقفها في العالم لسنين قادمة.
   

ربما يعجبك أيضا