لماذا فشلت فرنسا في “أزمة السترات الصفراء”؟

سحر رمزي

رؤية – سحر رمزي

ما زالت السترات الصفراء كابوسًا يهدد فرنسا بل وأوروبا بأكملها، ومع استمرار الرفض الشعبي للسياسة الفرنسية، تزداد المخاوف الأوروبية، وباعتراف أوروبي تعتبر سياسات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على المحك من منظار شعبيته وعدم نجاحه في الحلول التي يطرحها، وعدم التعامل بشكل أكثر جدية مع المطالب الشعبية التي تطالب بحياة كريمة للشارع الفرنسي. كما كان هناك اعتراف ضمني بالعنف ضد المتظاهرين.

تناقض كبير بين أغنياء وفقراء فرنسا

يرى رجال السياسة الأوروبية أن الحركة الاحتجاجية، بدأت شعبيتها المُتزايدة وزخمها المُستمر، يشبه إلى حدٍّ بعيد، الحركات الاحتجاجية الأخرى، التي عمّت دولًا عديدة بالعالم، وقبلها العالم العربي. هي حركة تُعبر حقيقة عن شعور عميق عند الناس بالظلم الاجتماعي، في التفاوت الواسع بين تضخم رأس المال العالمي، وفُحش غنى الأثرياء ورجال الأعمال ومُدراء الشركات الكبيرة، وأن هناك تناقضًا كبيرًا بين حرية رأس المال بالربح من جهة، وانعدام الفائدة للطبقات الفقيرة، بفرنسا والعالم الغربي بشكل عام، هو ما أودى بالأحزاب السياسية التقليدية إلى الهاوية، والتي لم يعد يسمعها أحد، فهي في أحسن الأحوال فاشلة، في مواجهة هذه التحولات، وأسوئها متواطئة مع رأس المال والعولمة الجشعة.

وترى أوروبا أن ما يُخيف استمرار الموجة، نحو تغيرات جذرية بالبنية السياسية الفرنسية، قد يكون الرئيس ماكرون ضحية لها، بعد أن كان من أوائل المستفيدين من وجودها.

خبراء الاقتصاد

وفي المقابل أكد خبراء الاقتصاد بأوروبا أنه لن يستطيع أي رئيس فرنسي، إيجاد حل لإشكاليات البلاد الاقتصادية، دون البدء بإعادة النظر في قواعد العولمة، بمعنى آخر نحن بحاجة إلى وضع حدود لحرية رأس المال، وتسلط قوانين السوق في حياة الناس، أي عودة نوع من الرقابة السياسية على الاقتصادية، وهذا لن يتم إلا عن طريق اتفاقيات دولية، فمارد العولمة الرأسمالي ليس له حدود، ولا يمكن تحجيمه وإعادته للقمقم في بلد واحد مهما كان غنيًّا.

وحذر خبراء الاقتصاد من أن تؤدي الأوضاع الاقتصادية السيئة لأزمة مالية عالمية، والحل من وجهة نظرهم، سيكون باحترام عمل وإنتاج الدول الفقيرة، والتي تزداد فقرًا بسبب قوانين التجارة العالمية الحرة، وإعطاء هذه الدول فرص التنمية الداخلية، ومساعدتها بالتحول الديمقراطي، والقضاء على الفساد المالي والإداري، حتى تتمكن من إعطاء فرص عمل لشبابها، بدل بحثهم عن الهجرة.

وقالوا: نحن بحاجة إلى تعاون دول العالم وشعوبها، لإرساء قواعد اقتصادية سليمة، تحترم حقوق جميع الدول والشعوب، وليس قانون الغابة الرأسمالي. هذه كلها تمنيات، لن تحدث قريبًا، لكننا لن نصل إلى شيء من دون حمل بعض الأحلام، يدفعنا إلى العمل. ومن يدري.. فقد يكون لابسو الستر الصفراء، يحملون جزءًا من تلك الأحلام الوردية.

الذي أدى إلى إصابة وبعد أن وضح فشل ماكرون في التعامل مع معارضيه وعدم تفهمه لأبعاد مطالبهم، ولا شك أن الضريبة (والتي تم إلغاؤها في الوقت الحالي) لم تكن السبب المباشر في اندلاع احتجاجات السترات الصفراء لم يكن بدافع ضريبة الوقود بقدر ما كانت حول عدم اكتراث الحكومة بمحنة الطبقة الوسطى خارج أكبر المراكز الحضرية في فرنسا. وبدلا من التعامل مع المطالب الشعبية لطبقة تعاني من محنة حقيقية تعامل معها بشكل.

الرئيس الفرنسي يحذر من الدعم الخارجي

حذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أن بعض المتظاهرين المتشددين من حركة السترات الصفراء يتلقون الدعم من الخارج، وكان يتحدث عن اهتمام الإعلام الروسي الكبير بتغطية التظاهرات، ولا شك هناك دول أوروبية اعترضت ومنها الهولندية وبوضوح من التعامل مع أصحاب السترات الصفراء بعنف، وكذلك تقصير الرئيس الفرنسي في التعامل مع الاحتجاجات بشكل أكثر استيعاب، وإيجاد حلول للأزمة التي تمر بها فرنسا، ويمكن أن تؤثر سلبا على المنطقة حسب الشارع الأوروبي.

استغلال الحدث في التحضيرات للانتخابات الأوروبية

وشهدت العلاقة الفرنسية الإيطالية حالة من التنافر نتيجة لاختلاف الرؤى وتباين المصالح تجاه قضايا مادية بعينها، إضافة إلى حالة الاستقطاب السياسي التي تمليها التحضيرات للانتخابات الأوروبية القادمة والمقررة في شهر أيار/ مايو القادم.

وقد استدعت وزارة الخارجية الفرنسية سفير إيطاليا في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي. وقال ماكرون بعدها: إن رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي هو السياسي الإيطالي الوحيد الذي سيتعامل معه. وجاء ذلك على إثر تصريح لويجي دي مايو نائب رئيس الوزراء الإيطالي بأنه التقى مع زعماء حركة السترات الصفراء الفرنسية المناهضة للحكومة يوم الثلاثاء، مما يمثل اختبارا آخر على الأرجح للعلاقات المتوترة بالفعل بين روما وباريس.

وأضاف مايو -الذي يتزعم حزب حركة (5-نجوم) الشعبوي المناهض للمؤسسات- أنه توقف أثناء رحلة طيران في فرنسا حيث التقى مع كريستوف شيلونكون زعيم حركة السترات الصفراء والمرشحين على قائمة الحركة الشعبية في انتخابات البرلمان الأوروبي المقررة في شهر مايو/ أيار.

وقال مايو -على تويتر- “رياح التغيير عبرت جبال الألب”. وكان نائب رئيس الوزراء قد عبّر من قبل عن دعمه لهذه الحركة.

الشارع الأوروبي وماكرون

قال الشارع الأوروبي: إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لا يرغب في أن تسود حالة من الاستقرار السياسي في بلاده، بعد أن أمضى ما يزيد على شهر ونصف في حالة من الإضرابات العامة، على خلفية الاحتجاجات التي قادتها حركة السترات الصفراء في البلاد خلال ديسمبر الماضي. الرئيس إيمانويل ماكرون يفكر في تنظيم ما سيكون أول استفتاء منذ 14 عامًا في فرنسا، ليتزامن مع الانتخابات الأوروبية في مايو، وقد أشارت صحيفة “جورنال دو ديمانش” إلى أن ماكرون كان يستعد لدعوة الشعب للتصويت على خفض عدد المشرعين في الجمعية الوطنية، وذلك في نفس يوم الانتخابات البرلمانية الأوروبية في 26 مايو.

الجدير بالذكر أن محتجي “السترات الصفراء” في فرنسا قد خرجوا السبت الـ12 على التوالي للتظاهر في شوارع باريس، ليس احتجاجًا على ارتفاع أسعار الوقود وغلاء المعيشة، وهذه المرة يحتج المتظاهرون ضد عنف الشرطة، وما يشاع عن استخدامها الكرات المعدنية المغلفة بالمطاط. وتأتي هذه التظاهرات عقب قرار مجلس الدولة، أعلى هيئة للقضاء الإداري في فرنسا، بالسماح بمواصلة استخدام قاذف الكرات الدفاعية في ردع التظاهرات، والذي يرجح أنه تسبب بجروح خطيرة بما في ذلك لأحد قادة الاحتجاج جيروم رودريجيز.

أسباب استقالة مستشار الرئيس الفرنسي

أعلن إسماعيل إيميليان، المستشار الشخصي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، استقالته من منصبه اليوم الإثنين، من أجل تخصيص وقته لمشاريع شخصية، إلا أن صحفًا فرنسية أرجعت سبب الاستقالة إلى ارتباط إيميليان بقضية ألكسندر بنيالا.

والجدير بالذكر أن فضيحة شهر يوليو الماضي قد هزت قصر الإليزيه بعد أن نشرت صحيفة “لوموند” الفرنسية أشرطة مصورة تظهر ألكسندر بنيالا المسؤول عن أمن الرئيس ماكرون الشخصي، وهو يضرب متظاهرين بقوة، متعديًا بذلك صلاحياته. وعلى الرغم من امتلاكها الأشرطة المصورة نفى الإليزيه في بادئ الأمر علمه بالقضية.

وأدت الفضيحة لفتح تحقيق ما زال جاريا بالموضوع ولتسريح بنيالا من عمله، كما أثرت سلبا على سمعة ماكرون.

ربما يعجبك أيضا