بسبب إسرائيل.. إلهان عمر في مرمى نيران ترامب

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

للمرة الأولى كسرت نائبة ديمقراطية إجماع حزبها ومنافسها الجمهوري على دعم دولة الاحتلال، وتحدثت عن أسباب دعم المُشرعين الأمريكيين لسياسات إسرائيل، لكنها قوبلت بحملة إعلامية شرسة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وسهام نقد من الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء، انتقادات دفعتها لتقديم الاعتذار ولكنه لم يكف من وجهة نظر ترامب الذي اقتنص الفرصة وطالبها بتقديم استقالتها كما هو حال المؤيدين لإسرائيل.

تغريدات معادية للسامية

إلهان عمر، النائبة الديمقراطية عن ولاية مينسوتا، هي واحدة من بين أول امرأتين مسلمتين تخدمان في الكونجرس الأمريكي، كانت قد انتقدت في تغريديتن نهاية الأسبوع الماضي لجنة الشؤون العامة الإسرائيلية – الأمريكية (أيباك).

جاءت تغريداتها ردًا على تغريدة أحد الصحفيين، سأل فيها عن السر وراء الدعم المعتاد الذي يبديه القادة السياسيون الأمريكيون للدفاع عن إسرائيل، فاستخدمت إلهان عمر تعبيرًا عاميًا للإشارة إلى الأوراق المالية من فئة الـ100 دولار.

وعند سؤالها عن مصدر تلك الأموال، قالت النائبة الأمريكية من أصول صومالية على موقع تويتر: “أيباك”.

وتعليقًا على اتهامها بـ”معاداة السامية” كتبت عمر في تغريدة على موقع “تويتر”، إن “الأمر يتعلق بالبينيامينيين” في إشارة إلى داعمي رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، لكن البعض اعتبر تعليقها “عنصريًا” لكون “بنيامين” اسم يهودي.

وأضافت أنها لا تزال تعتقد أن جماعات الضغط تعتبر “إشكالية” في الساحة السياسية الأمريكية – “سواء كانت أيباك، أو الاتحاد القومي الأمريكي للأسلحة (إن آر أيه)، أو قطاع الوقود الأحفوري”.

وبحسب بعض المراقبين، تنفق “أيباك” ملايين الدولارات سنويًا في الضغط على المُشرعين والحكومة الفيدرالية الأمريكية لكي تتبنى سياسات موالية لإسرائيل.

وردًا على إلهان عمر، غردت “أيباك” على صفحتها على موقع “تويتر” قائلة: “جهود حِزبَينا الجمهوري والديمقراطي تمثّل انعكاسًا للقيم والمصالح الأمريكية”.

يذكر أن إلهان عمر منذ انتخابها في نوفمبر الماضي، واجهت انتقادًا جراء انتقادات وجهتها هي لإسرائيل، بعد إعلانها دعم حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات لعزل إسرائيل اقتصاديًا لإرغامها على تغيير سياستها تجاه الفلسطينيين.

غضب داخل الكونجرس

مواقف النائبة الأمريكية إلهان والتي اعتبرت معادية للسامية أثارت موجة من الغضب داخل الكونجرس الأمريكي، ووجه الديمقراطيون والجمهوريون على حد سواء سهام النقد لإلهان بسبب ما كتبته.

وقال نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس إن اعتذار عمر غير كاف، وقال “معاداة السامية ليس لها مكان في الكونجرس الأمريكي، لا يجب فقط التنديد بأولئك الذين يعادون السامية بل يجب أن يتحملوا النتائج المترتبة على كلماتهم”.

بدورها، نددت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وغيرها من الزعماء الديمقراطيين في المجلس بتصريحات النائبة في وقت سابق وطالبوها بالاعتذار، وقالوا إنه يتعين التصدي لمعاداة السامية واستنكارها.

وكتبت تشيلسي كلينتون، ابنة الرئيس السابق بيل كلينتون ووزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، في تغريدة على تويتر: “نتوقع من كافة المسؤولين المنتخبين، بغض النظر عن الحزب ومن كافة الشخصيات العامة عدم الخوض في معاداة السامية”.

وسارع زعيم الجمهوريين في المجلس، كيفين ماكارثي، إلى المطالبة باتخاذ إجراء ضد إلهان عمر.

اعتذار إلهان عمر

ما سبق أجبر إلهان عمر على تقديم اعتذارها، وقالت إنها لم تكن لديها نية للإساءة إلى أي شخص، بما في ذلك اليهود الأمريكيون، عندما أشارت إلى أن أعضاء اللوبي كانوا يدفعون للمشرعين لدعم إسرائيل”.

وأصدرت إلهان عمر بيانًا باعتذار “لا لبس فيه” عن تغريداتها، أول أمس الإثنين، بعد محادثة أجرتها مع رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي في هذا الشأن.

وقالت عمر في بيان لاحق: “معاداة السامية حقيقية، وأنا ممتنة للحلفاء اليهود ولزملائي ممن يعلمونني عن التاريخ المؤلم لمعاداة السامية.. لم أقصد أبدا إهانة اليهود الأمريكيين، علينا دائما الاستعداد لأخذ خطوة للخلف والنظر بالانتقادات، تمامًا كما أتوقع من الناس سماعي عندما يهاجم الآخرون هويتي، ولهذا أعتذر”. 

ترامب يثأر ويُثير دعم الآخرين

لكن يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم ينس ثأره القديم معها بسبب انتقادتها الدائمة لسياساته، فسعى لاقتناص الفرصة واصفًا اعتذارها بـ”الأعرج”، وطالبها بالاستقالة من منصبها فورًا من منصبها كعضو بالكونجرس، مُبررًا ذلك بأن عدائها لإسرائيل ليس مجرد سقطة كلامية، بل هو شيء مُتجذر بداخلها.

وفي حديث صحفي في البيت الأبيض قال ترامب “ليس لمعاداة السامية مكان في الكونجرس الأمريكي”، مضيفًا “أعتقد أن عليها أن تخجل من نفسها، كان تصريحًا مروعًا ولا أرى اعتذارها كافٍ”.

بعد مطالبة ترامب لإلهان عمر بتقديم استقالتها إثر تصريحات لها اعتُبرت “معادية للسامية”، أعرب مسؤولون وأعضاء بالحزب الديمقراطي عن دعمهم للنائبة إلهان عمر.

وأبدى كل من المسؤولين في الحزب مارك بوجان وباميلا جايابال، في بيان مشترك، استياءهما من طلب ترامب من إلهان، النائبة الديمقراطية عن ولاية مينيسوتا، تقديم استقالتها، ووصف البيان تصريحات ترامب لـ”إلهان” بالاستقالة بأنها “مخجلة”.

بدورها، أشارت ألكساندريا أوكاسيو كورتز، أصغر سيدة عضو بمجلس النواب عبر حسابها على “تويتر”، إلى أن إلهان على عكس ترامب أقرت بالخطأ واعتذرت.

وعلى النقيض عاتبها بعض الكتاب على عدم انتقادها لإسرائيل بما يكفي، مُعلنين بذلك التضامن الكامل معها، حيث قال الباحث اليساري الأمريكي، بارنابي راين، في مقال نشره في صحيفة “ذي جارديان” البريطانية، إن تغريدات عمر كانت “بعيدة كل البعد عن الراديكالية”، مشددًا على أنها ليست معادية للسامية.

تعد إلهان عمر صومالية الأصل مسلمة الديانة، أول لاجئة استطاعت أن تقتنص مثل هذا المنصب التشريعي الرفيع بالولايات المتحدة، ولذا فهي تمثل حالة مُثيرة للجدل داخل الولايات المتحدة الأمريكية، لأنها من النواب القلائل داخل الكونجرس الذين يواجهون سياسات إسرائيل العنصرية بشكل دائم.

ربما يعجبك أيضا