ألمانيا.. حيرة الحكومة في مراقبة الجماعات السلفية “الجهادية” من الداخل

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

تشهد ألمانيا تحديًا، بتنامي أعداد السلفية “الجهادية” رغم ما أنجزته من نجاحات نسبية في محاربة الإرهاب وربما التطرف، ويكمن التحدي في عدم قدرتها على الفصل بين الدعم اللوجستي الذي تقدمه هذه الجماعات بالقتال بصفوف تنظيم “داعش” و”القاعدة” و”النصرة” وما بين حرية “العقيدة”.

تتواصل في ألمانيا اليوم 13 فبراير 2019 محاكمة أحد عناصر داعش وهو “أبوولاء” العراقي، المتهم بتزعمه لتنظيم داعش في ألمانيا حيث يتهم من قبل السلطات الألمانية، بالتسبب في تطرف الشباب في ألمانيا، وخاصة في منطقة الرور ومنطقة هيلدسهايم، وإرسالهم إلى مناطق الحروب.

ويعتمد ملف الادعاء -بشكل أساسي- على شهادة مخبر في جهاز الاستخبارات الألماني الداخلي، جمع مؤشرات وأدلة ضد أبوولاء العراقي، وقال المدعي العام الاتحادي، فرانك بيتر، إن “أبوولاء العراقي” يعتبر “الرأس المدبر لشبكة الدعم اللوجستي لتنظيم داعش من ألمانيا.
وساهمت اعترافات أحد العائدين من القتال في صفوف “داعش” في إلقاء القبض على “أبوولاء العراقي” عام 2017. ووصف الشاب  العائد، “أبوولاء العراقي” بأنه “رجل داعش الأول في ألمانيا”.

سبق وأن وقف  أبوولاء العراقي لأول مرة أمام المحكمة الألمانية في 26 سبتمبر 2017 بتهمة إنشاء شبكة تجنيد لحساب تنظيم  داعش للقتال في سوريا والعراق.

ويمثل أحمد عبدالعزيز عبد الله (35 عامًا) أمام القضاء الألماني إلى جانب شركائه الأربعة: حسن كيلينك وهو تركي الجنسية (53 عامًا)، وبوبان سيميونوفيك وهو ألماني صربي (39 عامًا)، وحامل الجنسية الألمانية محمود عميرات (30عامًا) بالإضافة إلى أحمد فيفس يوسف (29عامًا) وهو من الكاميرون. وقد تصل الأحكام التي ستصدر بحق المتهمين إلى عشر سنوات وفق قانون الجنايات.

من هو أبوولاء العراقي

يتحدث أبوولاء العراقي، الذي وصل إلى ألمانيا كطالب لجوء في 2001، اللغة الألمانية بطلاقة، وأشارت مجلة “شبيغل” الألمانية إلى أنه متزوج من امرأتين وأبٌ لسبعة أطفال، وسافر وأقام بطريقة غامضة مرات عدة في العراق.

يخطب “أبوولاء العراقي” ويعطي دروسًا دينية في مسجد يسمى Deutschsprachiger Islamkreis بمدينة هيلدسهايم Hildesheim في ولاية ساكسونيا السفلى.

ويلقب “أبوولاء العراقي” نفسه بـ”شيخ هيلدسهايم”. لم يقتصر نشاط “أبوولاء العراقي” على العالم الواقعي الفعلي فقط، بل تعداه إلى الفضاء الافتراضي، حيث حظي بحضور قوي على شبكة الإنترنت. وكانت له أيضًا قناته الخاصة على اليوتيوب، وفيها الكثير من الفيديوهات.

تنامي الحركة السلفية

وتحدث جهاز الاستخبارات الداخلية الألمانية -في إحدى تقاريره- عن تنامي الحركة السلفية في البلاد، وذكر أن السلفية “الجهادية” تشكل مجموعة ذات نمو سريع جدًّا، وأشارت أجهزة المراقبة إلى أن السلفية “الجهادية ” وصل عددها إلى ما يقارب (11000) خلال العام الحالي 2019.

ويتركز عمل الجماعات “السلفية الجهادية” في مدينة: كولونيا، ودوسلدورف وبوخوم وفوبرتال وزولينغن، كما تعتبر مدينة بون أحد معاقل السلفية في ألمانيا وكذلك مدينة فرانكفورت. وتوجه أصابع الاتهام أيضا إلى بعض ألجمعيات الإسلامية المتطرفة، في ألمانيا مثل (ميللي غوريش التركية والإخوان المحظورة وحزب التحرير)، وهي تصنف ضمن الجمعيات المتطرفة.

وتسعى الاستخبارات الداخلية في ولاية هيسن الألمانية، لسنّ قانون جديد يمنح الحرب ضد الإرهاب قدرة وقائية أكبر.
ودعا روبرت شيفر، رئيس دائرة حماية الدستور في ولاية هيسن، إلى حوار: “مركز مع المتشددين في المساجد في ألمانيا، في إطار الوقاية من خطر التطرف، وقال شيفر: إن مثل هذا الحوار لن يشمل بالطبع المصنفين في خانة الخطرين، ولا المتطرفين المستعدين لممارسة العنف.

إن حركات الإسلام السياسي في ألمانيا ما زالت متنوعة ومتعددة، حيث لا يوجد نموذج موحد للتطرف فالجماعات المتطرفة يسلكون طرقا متعددة، وهذا يتجلى في الدعوة السلفية التي يتزايد نجاحها في استقطاب الشباب في ألمانيا يوما بعد آخر، وفقا لوثيقة الاستخبارات الألمانية.

والمشكلة التي تواجه الاستخبارات الألمانية بتتبع الجماعات السلفية” الجهادية”، أنه لا يوجد هيكل تنظيمي يظهر السلفيين في أغلب الحالات في صورة دعاة أو تنظيمات صغيرة أو مجموعات تتركز في مساجد محددة في ألمانيا.

وتحاول الجماعات المتطرفة، القيام بعمليات إرهابية في ألمانيا وعلى الجانب الآخر يخططون لعمليات خارج ألمانيا لكن من داخل الأراضي الألمانية ويستهدف المتطرفون، ألمانيا وموجودون بها مما يؤدي إلى تعرض الأمن الداخلي للخطر الذي يمكن أن يظهر في أي وقت في شكل عمليات مختلفة.

الخلاصة

تستغل “السلفية الجهادية” و”الإخوان المسلمين” وبقية الجماعات المتطرفة، مساحة الحرية والديمقراطية في ألمانيا، بخلق مجتمعات موازية، تخدم أيدولوجيتهم المتطرفة ومصالحهم، لذا ما ينبغي أن تقوم به السلطات الألمانية، هو رصد التطرف بين الشباب، الذين ينشطون باسم الإسلام السياسي، والفرز ما بين الحريات والديمقراطيات وما بين التحريض على العنف.

إن وجود أنشطة لجماعات إسلاموية داخل ألمانيا من شأنه أن يهدد الأمن القومي الألماني إلى الخطر وفي نفس الوقت عندما تقدم خلايا الجماعات المتطرفة الدعم اللوجستي لتنظيم داعش من داخل ألمانيا، يسيء كثيرا لسمعة ألمانيا وتثير الشكوك حول مصداقيتها في محاربة الإرهاب والتطرف.

ألمانيا نجحت نسبيا بالكشف عن خلايا تنظيم داعش وتفكيكها، لكن الجماعات “الدعوية” السلفية الجهادية، ما زالت تتنامى أعدادها سنويا، وهذا ربما يتعلق، في حاجة الاستخبارات بفرض رقابة على هذه الجماعات، إلى جانب العناصر الخطرة، وفق تصنيف الاستخبارات الداخلية الألمانية.

ربما يعجبك أيضا