عودة المقاتلين الأجانب.. ترامب يهدد وأوروبا تتحفظ

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

مع اقتراب إعلان القضاء على تنظيم داعش في سوريا، يبقى مصير مئات المقاتلين الأجانب مجهولًا، تزامنًا مع تردد الدول الأوروبية في إعادتهم ومحاكمتهم، ليطل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من جديد مُحذرًا تلك الدول من مغبة عدم استلام مواطنيهم الجهاديين وإلا سيضطر للإفراج عنهم سرًا، في وقت يخشى فيه المقاتلون الأجانب من الإجراءات الجنائية والقانونية المتبعة بحقهم، لذا يلجأون لدول أخرى قوانينها أقل وطأة للعودة بجلباب داعشي جديد قد يطبع أثره في البلدان الأوروبية.

المقاتلون الأجانب

مع دحر أغلب مناطق داعش في سوريا والعراق، يواجه المقاتلون الأجانب مصيرًا مجهولًا في ظل احتجاز المئات منهم مؤخرًا من قبل قوات سوريا الديمقراطية، وأغلبهم بريطانيون وفرنسيون وألمان وأيرلنديون وإيطاليون.

ويعتقد أن أكثر من 41 ألف شخص من 80 بلدًا انضموا للتنظيم في العراق وسوريا بين عامي 2013 و2018، بحسب تقرير للمركز الدولي بجامعة “كينغز كوليدج”.

وتأتي فرنسا في مقدمة القائمة كمصدر للمنضمين للتنظيم بأكثر من 1900 شخص؛ أي ضعف عدد القادمين من الدولة الثانية في القائمة وهي ألمانيا (960 شخصًا)، وتأتي بريطانيا في المركز الثالث (850 شخصًا).

وجاءت العودة في موجتين الأولى قبل يونيو عام 2014، والثانية في أوائل عام 2015، ويعتقد أن الكثيرين منهم لقى حتفه في العراق وسوريا، واعتقل آخرون أو ذهبوا لبلاد أخرى.

ووفقا للدراسة، فقد شهدت دول أوروبا الغربية عودة 1765 من حملة جنسياتها، حيث عاد نصف من غادر بريطانيا وهو أعلى معدل، وتأتي بعدها ألمانيا بعودة نحو ثلث المغادرين، في حين وصلت نسبة العائدين إلى فرنسا إلى حوالي 12%، وذلك بحسب تقرير البرلمان الأوروبي.

ويخشى العديد من الدول الأوروبية إعادة مقاتليها وأسرهم بسبب المخاطر الأمنية التي قد يشكلونها، لاسيما بعد انضمامهم لتنظيم عُرف بالتطرف وارتكاب العديد من المجازر والعمليات التفجيرية في سوريا والعراق ودول أخرى، لذا باتت عملية عودة المقاتلين الأجانب لدولهم ملفّا خلافيًا بين الولايات المتحدة والحلفاء الأوروبيين.

خلافات أمريكية أوروبية

كشف مؤتمر ميونيخ للأمن الخلافات الأمريكية الأوروبية حول ملف مقاتلي داعش المعتقلين في سوريا والعراق، والصعوبات التي ستواجه الدول المعنية في استعادة مواطنيها الجهاديين.

الأمر بات أكثر تعقيدًا، لاسيما مع تغريدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي طالب فيه بريطانيا وفرنسا وألمانيا وحلفاء أوروبيين آخرين، باستعادة مقاتليهم الدواعش وإعادة محاكمتهم، مُهددًا بأن الولايات المتحدة قد تضطر “للإفراج عنهم”.

ووفقا للتقارير الاستخباراتية، فإن قوات سوريا الديمقراطية تحتجز مئات من الجهاديين الأجانب، البالغ عددهم 800 مقاتل، بالإضافة إلى النساء والأطفال وغيرهم من المقاتلين المعتقلين في العراق الذين تحاكمهم السلطات القضائية العراقية.

تصريحات ترامب لاقت ترحيبًا من السلطات الكردية المحلية في سوريا، والتي ترفض محاكمتهم، وتُطالب دومًا بإرسالهم إلى دولهم التي أتوا منها، لكن الدول الغربية تبدي إجمالًا ترددًا خشية من ردود الأفعال السلبية للرأي العام.

وردًا على تصريحات ترامب، قالت فرنسا إنها ستعيد المقاتلين وفقًا لكل حالة، ولكنها لن تستجيب لدعوة ترامب في هذه المرحلة التي ينوي فيها انسحاب قواته من سوريا، أما ألمانيا فقالت إنها لا زالت تدرس الخيارات لتمكين مواطنيها الألمان من مغادرة سوريا، وخصوصًا الحالات الإنسانية.

ما يخشاه العائدون

أكثر ما يخشاه العائدون من تنظيم داعش، المعاملة التي قد يواجهونهم في بلدانهم فور عودتهم، حيث تتم المعاملة في دول الاتحاد الأوروبي بحسب التحقيق الجنائي وتقييم المخاطر، كما يتم توفير برامج إعادة تأهيل وإعادة اندماج سواء داخل السجون أو خارجها.

ومن بين الإجراءات المتبعة فرض قيود على الحركة، بل وسحب جواز السفر أو رفض إصداره.

وبحسب تقرير البرلمان الأوروبي، فكل دولة تتبنى سياسة “كل حالة لها خصوصيتها”، بالنسبة للأطفال العائدين وأغلبهم ولد في العراق وسوريا بعد 2012.

في بريطانيا، يواجه أغلب العائدين تحقيقات أمنية مباشرة لمعرفة ما مروا به وتحديد حجم الخطر الذي يمثلونه وإمكانية إعادة الاستقرار الآمن لهم، وفي حالة عدم ارتكاب جريمة يتم وضعهم في برامج مكافحة التشدد والتي تتضمن مراقبة مكثفة ودعم من متخصصين نفسيين.

في فرنسا، يُسمح بعودة حاملي جنسيتها لمحاكمتهم على جرائمهم في المنطقة بشرط توفير محاكمة عادلة لهم. أما ألمانيا يواجه العائدون فيها تحقيقًا جنائيًا بعد الحصول على مزيد من الأدلة وذلك عندما يتعلق الأمر بالنساء.

داعش بجلباب جديد

ومع قرب نهاية الخلافة الداعشية، وعودة المقاتلين الأجانب لدولهم، فالمؤشرات والدلائل تُنبيء بظهور تنظيم جديد بهيكلة جديدة على غرار تنظيم القاعدة، بحسب تصريحات مستشار الأمن القومي العراقي فالح الفياض لمجلة “شبيجل” الألمانية.

وبحسب التوقعات، فقد يتحول تنظيم داعش بعد دحره من معاقله في سوريا والعراق، إلى تنظيم بقيادات شابة هاربة، ربما تتواجد في إدلب السورية، لاسيما مع وجود عدد كبير من المقاتلين الأجانب، وذلك من خلال التسلل بين النازحين المدنيين والاختباء في مناطق أخرى لترتيب أوضاعهم، تمهيدًا للظهور من جديد أو الانتقال بسهولة إلى منطقة نفوذ أخرى.

ربما يعجبك أيضا