مستقبل الإسلام في أوروبا.. تفاقم الإسلاموفوبيا سببه الإرهابيون

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي

أبرزت التنظيمات الإرهابية صورة سيئة عن الإسلام؛ تسببت في حالة من الرعب والخوف تجاه المسلمين وشعائرهم الدينية، الأمر الذي انتشرت بصدده ” ظاهرة الإسلاموفوبيا” حول العالم، ولا سيما في القارة العجوز، حيث تجرعت كأساً مريراً من العمليات الإرهابية، وما نجم عنها من ضحايا بشرية وتدميرات هائلة من البنى التحتية. وفي المقابل برز تيار آخر متشدد يناهض كافة المسلمين وشعائرهم، مطالبين بطردهم خارج البلاد، ووصل الأمر إلى الاعتداء. وكلا بعيد تماما عن الممارسات الإنسانية، وما روجته التنظيمات الإرهابية عن الإسلام، ما هو إلا صورة خاطئة عن التعاليم الإسلامية.

أجمع العديد من الخبراء والباحثين خلال مؤتمر “مستقبل الإسلام في القرن الحادي والعشرين” المنعقد في باريس على أن المتطرفين هم سبب ظاهرة “الإسلاموفوبيا” في العالم، وفي أوروبا بصورة خاصة.

وتحدث الأمين العام لجمعية “الإسلام في القرن الحادي والعشرين” ميشيل دي روزان، عن الصعوبات والتحديات التي واجهت انعقاد مؤتمر حول الإسلام في منظمة اليونسكو، والآمال المعقودة ما بين التفاؤل والتشاؤم بمستقبل الإسلام في أوروبا.

وأشار روزان إلى أن إعلان باريس المرتقب مع نهاية المؤتمر، يمثل منعرجاً تاريخياً للإسلام منذ انطلاقته، فقد أجمعت مُداخلات غالبية المُتحدثين على التحذير من الاستمرار في استيراد أئمة المساجد من خارج أوروبا من كل من تركيا وبعض الدول العربية، بشكل رئيسي، والسعي لوقف إطلاق الفتاوى الدينية بدون ضوابط .

وانعقد المؤتمر، الذي شهد مُداخلات صريحة وواقعية، بمشاركة ما يزيد عن 35 متحدثاً من الشخصيات السياسية والفكرية والإسلامية والأكاديمية، بتنظيم من جمعية “الإسلام في القرن الواحد والعشرين”، الثلاثاء والأربعاء، حيث تم طرح أربعة محاور أساسية للبحث هي الإسلام وحرية المُعتقد، الإسلام والمساواة، الإسلام والعنف، والعلاقة بين الإسلام ووسائل الإعلام .

كلمة” الله أكبر” باتت نداء للقتل بديلاً عن الصلاة عند الإرهابيين

من جهتها، أشارت الأستاذة الجامعية والكاتبة التونسية هالة الوردي، إلى أن “الترجمة اللاتينية للقرآن في عام 1543 في بال بسويسرا شكلت اعترافاً بأهميته الدينية من قبل أوروبا، وإن كان السبب هو المخاوف التي كانت تعتريها حول الإسلام، أما اليوم فإن العالم يعيش في الرعب نفسه، بسبب القوى الظلامية خاصةً بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، لذا يجب مواجهة الواقع وإزالة القلق بين الجانبين”.

وأكدت أنه وللأسف وبسبب بعض القوى التكفيرية، فإن الإسلام أحدث ضجة سلبية كبيرة في القرن الـ21، فكلمة “الله أكبر” التي هي نداء للصلاة، حولها الظلاميون إلى نداء للقتل، حتى أصبح للدين وجه إجرامي اليوم بسببهم، وهو ما أصبح سلاحاً ضدنا نحن أيضاً من قبل المتطرفين.

مساهمة الغرب في خلق أفكار التشدد

أما الكاتبة التونسية والأستاذة في جامعة السوربون بباريس، هالة الباجي، فقالت إن “الإسلام اليوم أصبح أسطورة بسبب الإعلام، حيث جرى تلويثه والترويج للظلامية والجهل كبديل”، مُشيرةً إلى أنه كلما برز الإسلام في الإعلام كلما قل فهمه وتفسيره. وبينما كان الإسلام في الماضي في خدمة الإنسانية، فإن أئمة المساجد في أوروبا لم يرتقوا لمستوى حضاري لائق، فهم المسؤولون الأساسيون عن الإرهابيين، لكنهم يرفضون الاعتراف أنهم السبب في خلق أصحاب الفكر المتشدد، ويكتفون بالادعاء عند وقوع أي أعمال إرهابية أن ذلك لا يمثل الإسلام، لكن الإسلام المُعاصر بسببهم أصبح بالفعل عنيفاً.

أوروبا تبحث عن معالجات للتطرف

وبدوره، قال الوزير الفرنسي السابق للشؤون الخارجية، هوبرت فيدرين، إنه “في فرنسا كلما أشرنا للعنف في الإسلام تأتينا ردود فعل عنيفة، وصحيح أن هناك جهل يخلط بين الإرهاب والإسلام، لكن رفض وجود هذا الخلط ونقاشه يؤدي لعدم إمكانية النقد البناء والبحث في ظاهرة التشدد وإيجاد حلول لها”.

وأشار بالمقابل لتنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا في أوروبا حيث يتم أيضاً استخدام مصطلح كراهية الإسلام لمنع النقد الإيجابي، إذ هناك خوف من التحليل ووضع الأمور في سياقها الزماني والمكاني الصحيح، وهذا هو سر تخوف الإرهابيين.

وقال إن “الرأي العام الأوروبي يشعر بالخوف بسبب الجهل بالإسلام، والحكومات الأوروبية تتساءل ما العمل بدون أن تصل لنتيجة، لكن عدم التصرف بشكل مناسب يؤدي لنتائج معكوسة بالطبع”.

الكاذبون مدعو الجهاد

بينما أطلقت باريزة خياري، عضو مجلس الشيوخ عن باريس ورئيسة معهد ثقافات الإسلام، والممثلة الشخصية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لدى المجلس الدولي للحفاظ على التراث في مناطق النزاع، تحذيراً شديداً تجاه الأصوليين المتطرفين الذين يريدون إغلاق عيون البشر، فيما كل شيء بالنسبة لهم حلال أو حرام .

وأكدت أنه بينما نعيش بالفعل في فرنسا كمواطنين فرنسيين إلا أننا نمارس إسلامنا بكل حرية، لكن هناك من الأحزاب السياسية من يكره المسلمين ويجمع الأصوات الانتخابية على حسابهم عبر تخويف المجتمع منهم. وللأسف فإن الجمهورية العلمانية في فرنسا ومبدأ فصل الدين عن الدولة لم يتحققا بعد بشكل كامل كما نرجو.

ربما يعجبك أيضا