لكبح “مرسيدس” وأخواتها.. هل يطلق ترامب النار على نفسه؟

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

قبل أن تحسم الحرب التجارية بين أقوى اقتصادين بالعالم، يبدو أننا على موعد مع حرب جديدة ستحركها هذه المرة تروس محركات “مرسيدس بنز”، و”فولكس فاجن”، و”بي إم دبليو” و”دايملر”، حرب بطلها بالطبع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي ينتظر صُناع السيارات الأوروبية على أحر من الجمر قراره بخصوص فرض رسوم جمركية جديدة على واردات السيارات إلى السوق الأمريكية.

أمام ترامب 90 يومًا بدأت من منتصف الشهر الماضي، عندما رفعت إليه وزارة التجارة تقريرا توصي فيه بفرض رسوم كبيرة على السيارات غير الأمريكية ومكوناتها، وتؤكد أن عدم فرض هذه الرسوم سيضر بالمصالح الاقتصادية الأمريكية.

على الجانب الآخر، ستصل مفوضة التجارة الأوروبية سيسيليا مالمستروم إلى واشنطن خلال الأيام المقبلة، لإجراء محادثات تجارية مع  الإدارة الأمريكية، ستشمل بشكل أساسي مناقشات حول تطبيق الخطة الأمريكية الأوروبية لخفض الرسوم التجارية على حركة السلع الصناعية بين الجانبين.

تأتي هذه الزيارة استكمالا، للاتفاق الذي توصل إليه في يوليو الماضي ترامب ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونيكر، والذي يقضي بعدم فرض أي رسوم إضافية ما دامت المحادثات التجارية جارية بينهما.

الرد الأوروبي

 سبق وأن أكدت المفوضية أنها سترد بقوة على واشنطن في حال خرق هذا الاتفاق، محذرة  من أن صادرات أمريكية بقيمة 294 مليار دولار قد تتعرض لتدابير مضادة.

كان ترامب  هدد في أبريل الماضي بمنع السيارات الألمانية الفارهة  من السير في شوارع  نيويورك، فيما استغلت المستشارة الألمانية مشاركتها في مؤتمر ميونخ الأمني أخيرا، لتذكر الوفد الأمريكي وعلى رأسه إيفانكا ترامب بأن أهم مصنع لمجمّع ” مرسيدس بنز” لا يوجد في ألمانيا بل في كارولينا الأمريكية وأن اليد العاملة فيه أمريكية وأن هذا المصنع يُصدر سيارات كثيرة إلى الصين.

بالأمس، حذر هربرت دايس الرئيس التنفيذي لـ”فولكس فاجن” – أكبر منتج سيارات في أوروبا – من أن فرض رسوم على السيارات الأوروبية، سيكون له تداعيات على الوظائف في هذا القطاع داخل أمريكا نفسها، مضيفا هذا  خطر حقيقي نحاول بكل قوتنا تجنبه، شركتنا مهتمة باستمرار تواجدها في أمريكا، وهو ما أكده استثمارها في مصنعها بولاية “تينيسي” وتعاونها مع شركات أمريكية  مثل “فورد” و”مايكروسوفت”.

وتابع سيكون من الصعب استيعاب هذه الرسوم التي قد تكلفنا ما بين ملياري و3 مليارات دولار، في أسوأ السيناريوهات عندما يتم فرض رسوم بنسبة 25%.

يرى محللون، أن من شأن هذه الرسوم تقويض الجدوى التجارية التي تستند إليها شركات السيارات الألمانية في تصدير السيارات من ألمانيا إلى أمريكا، وإلقاء عبء قدره 4.5 مليار يورو على كاهل هذه الشركات.

في تصريح سابق قال ماتياس فيسمان، رئيس اتحاد صناعة السيارات الألماني: إن شركات السيارات الألمانية، زادت  خلال السنوات السبع الأخيرة عدد السيارات الصغيرة التي تنتجها في أمريكا سبعة أمثال، حيث يجري تصدير أكثر من نصفها، مضيفا في حال فرضت رسوم أو ضرائب على الواردات فإن أمريكا ستكون كمن يطلق النار على نفسه.

بحسب بيانات رابطة صناعة السيارات الألمانية، وفرت شركات السيارات الألمانية العاملة بالسوق الأمريكية، أكثر من 113 ألف وظيفة في الأعوام الماضية، إذ تمتلك نحو 300 مصنع بأمريكا، وتستحوذ على نصيب الأسد في صادرات السيارات.

لعنة “أمريكا أولا”

ترامب وعد منذ انتخابه بمعالجة عجز ميزان التجارة لصالح بلاده ودعم الصناعة الوطنية، إلا أنه اتخذ عدة خطوات ضربت قطاع الصناعة وتحديدا صُناع السيارات في مقتل، كان أبرزها الانسحاب من اتفاق الشراكة التجارية عبر المحيط الهادئ، وإعادة النظر في اتفاق التجارة الحرة لأمريكا الشمالية “نافتا”، وفرض رسوم بنسبة 25% على واردات الفولاذ و10 % على واردات الألمنيوم في مارس الماضي، رد عليها الاتحاد الأوروبي بالمثل في يونيو الماضي.

كبدت رسوم الصلب صناعة السيارات المحلية في أمريكا خسائر باهظة، إلى درجة دفعت العملاقة “جنرال موتورز”، للإعلان نهاية العام الماضي عن اعتزامها شطب آلاف الوظائف في إطار مساعيها لتقليص إنتاجها في أمريكا، سعيا للتكيف مع أحوال السوق.

الرئيس التنفيذي لـ”فيات كرايسلر” مايك مانلي أكد على هامش معرض ديترويت للسيارات مطلع هذا العام: أن رسوم الصلب سترفع تكاليف الشركة في 2019 بما يتراوح بين 300 مليون و350 مليون دولار.

 من جانبه كشف بوب كارتر نائب الرئيس التنفيذى لمبيعات أمريكا الشمالية بـ”تويوتا موتور”، أن الشركة اضطرت لزيادة الأسعار ثلاث مرات بسبب هذه الرسوم.

 “أمريكا أولا”.. هذا السحر قد ينقلب على الساحر في أي وقت، فمصانع السيارات الألمانية التي يتوعدها ترامب، هي نفسها تتخذ من السوق الأمريكية منفذا لتصدير منتاجاتها إلى العام.. وفقًا لبيانات معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، فإن رسوم بمقدار 25٪ على السيارات المستوردة، ستؤدي إلى فقدان نحو 195 ألف وظيفة في قطاع السيارات بأمريكا.

ربما يعجبك أيضا