أطفال داعش.. براءة يُحمّلها العالم وزر الآباء

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

بين فقدان عائلاتهم وفقدان الوطن، يعيش أطفال مقاتلي تنظيم “داعش” داخل مخيمات النزوح السورية، في أحوال مروعة، ومأساة تجاهلها العالم، ويواجه مئات الأطفال مصيرًا مجهولاً بمخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة.

وتتحدث صحيفة “الجارديان”، في تقرير لها، حول مصير آلاف من أطفال تنظيم الدولة في مخيمات ذات أحوال “مذرية”، وتقول الصحيفة، إن نحو ثلاثة آلاف طفل ولدوا لأسر تنظيم الدولة تم وضعهم في مخيمات شمال شرقي سوريا، حسبما قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف”، وتقل أعمار الكثير منهم عن السادسة ويعيشون في “ظروف سيئة”.

وتقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف”، إن الرقم أعلى مما كان يعتقد، ويرجع ذلك إلى وصول أعداد كبيرة إلى نحو 30 ألف من الذين غادروا قرية الباغوز، آخر جيب للتنظيم في سوريا.

وتقول الصحيفة، إن الأعداد الكبيرة تضع ضغوطا كبيرة على مسؤولي المخيم، الذين يجدون صعوبة كبيرة في توفير الطعام والمأوى.

يُعتقد أن ما لا يقل عن 1000 طفل ينتمي آباؤهم لتنظيم “داعش” أو على صلة به محتجزون في العراق، ويقيد الكثير منهم مع أمهات صدرت ضدهن أحكام بالإعدام من قبل المحاكم العراقية بعد محاكمات موجزة لم يسمع فيها سوى القليل من الأدلة.

وبحسب “الصحيفة”، أصبح مصير الأطفال في كلا البلدين قضية محيرة للعديد من الدول التي سافر مواطنوها للانضمام إلى داعش ويرغبون الآن في العودة، هناك بعض الرغبة في السماح للأطفال بالعودة، إلا أنه لا يوجد تأييد لعودة  الأمهات أو الآباء، وكثير منهم يواجهون تهما جنائية ويُعتبرون خطرا أمنيا.

يقول المدير الإقليمي لليونيسيف بالشرق الأوسط، جيرت كابيلير، إن العديد من الأطفال في سوريا غير مرغوب فيهم في المخيم، مما يزيد من ضعفهم، كان هناك اهتمام ضئيل من دول ثالثة لإعادة توطينهم.

وأضاف “نحن نقدر أن ما يقرب من 3000 طفل من جنسية أجنبية يعيشون في ظروف مروعة، ويوجد الكثير من الأطفال من أبوين سوريين وعراقيين، ولسوء الحظ يحملون بطاقة “داعش” نفسها، وكثير منهم تقل أعمارهم عن ست سنوات، هؤلاء أطفال وليسوا إرهابيين، ويستحقون فرصة عادلة في الحياة، نريد إيلاء اهتمام خاص للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا، ولا ينبغي فصلهم عن أسرهم. ”

وتكشفت الصحيفة، أن الأطفال حديثي الولادة لأجانب داخل تنظيم داعش، يتعرضون للخطر والموت بعد التجاهل العالمي لهم، وأشارت إلى وفاة الابن المولود حديثاً للمراهقة البريطانية شيماء بيجوم، التي فرت من بريطانيا قبل أربع سنوات عندما كانت في الخامسة عشرة من عمرها، ألغيت جنسية بيغوم بعد أن أجرت مقابلات تتنصل من علاقتها بالمملكة المتحدة، بينما طلبت في الوقت نفسه السماح لها بالعودة إلى الوطن.

توفي ابنها جراح البالغ من العمر ثلاثة أسابيع الأسبوع الماضي، وتعرض قرار إلغاء جواز سفر بيجوم لانتقادات شديدة بعد وفاة الطفل، وتم حث المملكة المتحدة على الوفاء بالتزامات الحماية للأطفال.

أكد كابيلير مجددًا على أن الدول التي يحتجز مواطنوها في سوريا تتحمل المسؤولية الأساسية عن نقل الأطفال إلى بر الأمان، وقال “إنهم بحاجة إلى تحمل مسؤوليتهم لحماية أطفالهم وإعادتهم إلى أوطانهم، إذا كان ذلك في مصلحة الطفل، وبدون هذا الدعم سيظل العمل الإنساني من أجل الأطفال مجرد وهم”.

وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إن ما يصل إلى 20 ألف عراقي يمكن نقلهم من مخيم الحول إلى وطنهم بعد التوصل إلى اتفاق مع بغداد، وقال فابريزيو كاربوني، المدير الإقليمي للجنة الدولية في الشرق الأوسط، إن عملية النقل قد تتم في غضون أسابيع أو شهور

كانت العديد من العائلات العراقية، بعد أن فروا من محافظة الأنبار في وقت سابق من الاضطرابات الإقليمية، غير راغبة في العودة خوفًا من العقاب الجماعي على أيدي الحكومة العراقية، التي أبلغت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن العائدين سيواجهون عملية فحص أمني.

وقال كاربوني “من الواضح أن مقاربتنا هي بشكل أساسي مقاربة إنسانية، لا نتجاهل التهديدات الأمنية أو البعد السياسي لهذه العودة.”

فيما يتعلق بقضية الأطفال المرتبطين بـ”داعش”، قال: “نحن ندرك أنها مشكلة صعبة خاصة في أوروبا، لكننا نعتقد أنه لأسباب إنسانية، حتى لو نظرت إلى هذا من خلال زاوية أمنية، فإن الحل يمر عبر عودة هؤلاء الأطفال والأمهات”.

ووفق لجنة الإنقاذ الدولية، مات ما لا يقل عن 100 طفل داخل المخيمات في سوريا، وأغلب حالات الوفاة كانت بسبب سوء التغذية وانخفاض درجات الحرارة.

وبحسب “الجارديان”، فإن أطفال مخيمي روج والحول يعتبرون من أضعف الأطفال حول العالم؛ حيث تتضاعف محنتهم من خلال نظر الحكومات إلى آبائهم، ومنها على سبيل المثال البريطانية بيجوم التي تنصلت الحكومة البريطانية منها ونزعت جنسيتها، باستثناء فرنسا، التي أبدت بعض الاهتمام لإعادة الأطفال المولودين لأحد أبوين فرنسيَّين، فإنه لا توجد حكومة مستعدة في الوقت الحالي لاستقبال أولئك الأطفال”.

ربما يعجبك أيضا