التربح على دماء التطرف.. اتهام كبرى شركات التكنولوجيا عقب هجوم نيوزيلندا

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي

عقب هجوم نيوزيلندا الدموي -الذي راح ضحيته قرابة 100 ضحية بين قتيل وجريح جراء اعتداء أحد دعاة اليمين المتطرف على مسجدي بنيوزيلندا- انتشرت هذه الجريمة بشكل سريع جدا عبر أروقة مواقع التواصل الاجتماعي، وهو الأمر الذي شكل معارضة قوية وتنديدًا دوليًا بما يسمى “الإرهاب الأبيض”.

واجهت مواقع كبرى مثل أمازون وفيسبوك ويوتيوب اتهامات بتحقيق أرباح ومكاسب مالية لعرضها محتوى يشجع على التطرف والعنصرية. وضع الهجوم عدداً من أكبر شركات التكنولوجيا في العالم تحت المجهر وتوجيه اتهامات لها بتحقيق أرباح عبر نشرها محتويات تشجع التطرف والعنصرية ويحث على ارتكاب أعمال عنف.

وفي تقرير لدويتشه فيله، فإن المتهم بارتكاب الهجوم الإرهابي في نيوزيلندا برينتون تارنت اعتنق أفكارًا منشورة في كتب متاحة للبيع على موقع “أمازون”، ليقرر ارتكاب جريمته ونقلها مباشرة عبر موقع “فيسبوك”، ليتبع البث الحي للهجوم مقاطع فيديو وصور يتناقلها المستخدمون على موقعي “تويتر” و”يوتيوب”.

العالم الافتراضي وتعزيز التطرف

تارنت أعلن عن ما وصفها بمصادر “الإلهام” لارتكاب جريمته، منها “انديرس بريفيك”، الناشط اليميني المتطرف، الذي قتل أكثر من 60 عضواً بحزب العمل النرويجي في مذبحة نفذها عام 2011.

قبل ساعات من ارتكابه وحشيته، قام المتطرف  بنشر ما وصفه بالـ”مانيفستو” على شبكات التواصل الاجتماعي؛ لشرح دوافعه من خلال ما يزيد عن 1500 صفحة، واصفا ما قام به بأنه “مساعدة على إشعال حرب أهلية في أوروبا ستستمر لعدة عقود”، على أن تنتهي تلك الحرب بـ”طرد المسلمين من أوروبا”.

وبحسب التقرير، فقد تم العثورعلى ذلك “المانيفستو” متاحاً للبيع عبر موقع “أمازون” مقابل 2 يورو فقط. ووفقا لما نشره موقع “صنداي تايمز”، لم يرد موقع “أمازون” على الاتهامات الموجهة له ببيع كتب تحمل أفكاراً متطرفة وتحقيق مكاسب مادية من هذا.

رد فعل

بعد مرور أربعة أيام على وقوع الهجوم الإرهابي في نيوزيلندا، أعلنت شركة “فيسبوك” عبر حساب “فيسبوك نيوز روم” الرسمي على موقع “تويتر” عن القيام بحذف أكثر من مليون فيديو للهجوم أثناء محاولة تحميلها على الموقع، فضلا عن 300 ألف فيديو آخر بعد تحميلها ونشرها بالفعل خلال اليوم الأول فقط من وقوع الهجوم.

كما ذكرت الشركة أن البث الحي للهجوم الإرهابي شاهده أقل من 200 شخص لم يقم أي منهم بالإبلاغ عنه، أما الفيديو ذاته بعد انتهاء البث الحي له فحقق 4000 مشاهدة فقط قبل قيام موقع فيسبوك بحذفه.

وكانت أصابع الاتهام الأولى قد توجهت نحو موقع “فيسبوك” بسبب استخدام خاصية البث المباشر من جانب المتهم بارتكاب الهجوم الإرهابي، لتقوم شركة “فيسبوك” بحذف الفيديو عقب تواصل السلطات النيوزيلندية معها. كما أعلنت شركة “فيسبوك”، عبر حساباتها على موقع “تويتر”، عن حذف حساب المتهم على موقع “إنستغرام” المملوك لها والعمل على حذف أي تعليق مؤيد له وللهجوم.

أسرع موقع “يوتيوب”، المنصة الكبرى للفيديو في العالم والمملوك لشركة “غوغل”، للإعلان عبر حسابه على موقع “تويتر” أيضا عن عمله على حذف “أي محتوى عنيف” عقب الهجوم في نيوزيلندا.

نعلم جميعاً أن العالم الافتراضي يستحيل السيطرة كليًا عليه، فقد أثبتت منشورات تنظيم داعش كيفية الاختراق وإثبات الحضور الإلكتروني، برغم إنشاء الكثير من الوحدات المختصة بمكافحة انتشاره على شبكة الإنترنت، ولاسيما عبر مواقع الإنترنت العميق ” التارك ويب”؛ التي يستحيل تتبع مصادر وهوية أعضائها، بيد أن العنصر الأبرز لجهود تلك الوحدات هو إزالة أكثر من 95% من محتوى العنف والإرهاب التابع للتنظيمات الإرهابية.

على صعيد موازٍ، ظل الترويج لمحتوى اليمن المتطرف وإدعاءاته وهجومه ضد الملسلمين والمهاجرين بشكل كبير، وكأنه نوع من الحرية وإبداء الرأي، رغم الاعتداءات اليمينة التي تعرض لها المسلمون من قبل دعاة اليمين المتطرف في أوروبا

فلم لم تتخذ مواقع التواصل إجراءات مماثلة لدعاة اليمين المتطرف على منصاتها، مثلما أبدت الموافقة الإيجابية للوحدات الاستخباراتية الأوروبية بسرعة حذف مواقع ومنصات التي تشتمل على محتوى إرهابي لتنظيمات التشدد الإسلامي؟!

ربما يعجبك أيضا