إضراب معلمي المغرب.. التعليم في ذمة الله

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

بدأت الحكومة المغربية بتطبيق قانون للطرد من العمل يمكن أن يشمل آلاف المعلمين المضربين ما لم يتراجعوا “في أجل أقصاه 60 يومًا”، حيث يخوض هؤلاء وعددهم حوالي 55 ألفا، إضرابًا عن العمل منذ مطلع مارس للمطالبة بإدماجهم في الوظيفة العمومية بعقود عمل دائمة.

واستجابت الحكومة المغربية لمطلبهم، لكن على أساس إدماجهم كموظفين في “الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين”، وهو ما يرفضونه مصرين على الإدماج على مستوى الوزارة نفسها، والاستفادة من الحقوق نفسها التي يتمتع بها نظراؤهم.

ومن بين 240 ألف معلم إجمالا، قامت الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين بتشغيل 55 ألفًا بنظام العقود قابلة التجديد منذ عام 2016، وذلك لمعالجة مشكلة التكدس بمدارس الريف.

ولتهدئة الاحتجاجات تبنت الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين في 13 مارس نظام تشغيل يعتمد على الدمج التلقائي، في ما وصفه الوزير بالوظيفة العمومية بدلًا من العقود القابلة للتجديد.

إضراب عام

تخوض النقابات الأكثر تمثيلية في قطاع التعليم بالمغرب، إضرابًا عامًّا، اليوم الخميس، ومواصلة تنظيم المسيرات الاحتجاجية من أمام وزارة التعليم وحتى مقر البرلمان المغربي بالرباط، حتى غدًا الجمعة 4 يناير، اعتراضًا على سياسة الحكومة تجاه قطاع التعليم، ورفضها لترقيتهم طوال الـ7 سنوات الماضية، للتعبير عن غضبها من السياسة المتبعة من طرف حكومة “سعد الدين العثماني” تجاه هذا القطاع.

ودعت إلى الإضراب كل من نقابة “الجامعة الوطنية للتعليم” المنضوية تحت لواء نقابة الاتحاد الوطني بالشغل، والجامعة الحرة للتعليم المنضوية تحت لواء نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والجامعة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء نقابة الاتحاد المغربي للشغل، وهو أكبر تنظيم نقابي بالمغرب.

وسيصاحب هذا الإضراب -الذي يهدد بشلّ حركة قطاع التعليم في المغرب- تنفيذ مسيرة احتجاجية جديدة للمسؤولين النقابيين وآلاف الأساتذة، ستجوب أهم شوارع العاصمة الرباط، وفق ما أكده بيان صادر عن النقابات المذكورة.

وتطالب النقابات التعليمية -في بيان لها- وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي بـ”إخراج النظام الأساسي الجديد، وإلغاء نظام التعاقد، وإدماج كافة المدرسين الذين فرض عليهم التعاقد في أسلاك الوظيفة العمومية، وإنصاف عدة فئات متضررة أبرزها ضحايا النظامين”.

كما تطالب النقابات بـ”تفعيل الدرجة الجديدة للفئات المحرومة منها، وتحديدًا أساتذة التعليم الابتدائي والإعدادي”.

وعبّرت النقابات التعليمية عن غضبها الشديد من التجاهل التام للمطالب العادلة والمشروعة لكل نساء ورجال التعليم في المغرب، وغياب أي إرادة حكومية للتجاوب والاستجابة لهذه المطالب، والحد من الاحتقان الواسع لكل الفئات، على حد قولها.

ونظم مئات الأساتذة، وقفة احتجاجية أمام قبة البرلمان في العاصمة الرباط، حملوا خلالها نعوشًا كتب عليها شعار: “التعليم في ذمة الله”،
لانتقاد أوضاع الأساتذة والمعلمين في المملكة.

فصل المعلمين

ومما زاد الأمر اشتعالًا رفض وزير التعليم المغربي “سعيد أمزازي” ، الدخول في حوار مع تنسيقية الأساتذة المضربين، قائلا: إن النقابات وحدها هي صاحبة الحق قانونًا في الدعوة للإضراب.

ومن ناحية أخرى أعلن “أمزازي” فصل المعلمين الذين حرضوا على الإضراب منذ أربعة أسابيع مع متدربين انضموا إليهم، وذلك بعد أيام من استخدام السلطات مدافع المياه لمنع آلاف منهم من تنظيم احتجاج أمام البرلمان في الرباط.

وأضاف: “على الأساتذة المضربين التوقف عن عرقلة الدراسة” والعودة إلى عملهم وإلا واجهوا الفصل”، ولم يذكر أرقامًا محددة.
وأشار إلى أن الإضراب الذي يستمر لأربعة أسابيع هو بمثابة انقطاع عن العمل.

وبرّر وزير التربية قرار بدء العزل عن العمل بأن “التوقف عن العمل لأربعة أسابيع ليس إضرابًا بل إخلالًا بالمرفق العام لا يمكن السماح به وفق القانون”.

فيما أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية مصطفى الخلفي: “أن نظام المعاشات الذي يطالبون بتعديله سيصبح موحدًا بين المدرسين الموظفين وفق كلا النظامين”، ووجه الخلفي “نداء” للمضربين كي يستأنفوا العمل.

وتابع، أن المدرسين المضربين الذين ما يزالون في فترة التدريب سيتم فصلهم ما لم يتراجعوا عن الإضراب في أجل خمسة أيام. وأن حوالي 300 ألف تلميذ تضرروا من هذا الإضراب، واصفًا ذلك بأنه “غير مقبول”. ووجه الخلفي “نداء” إلى المضربين لاستئناف العمل.

ميزانية الدولة

يحظى التعليم العمومي منذ سنوات بنسبة مهمة من ميزانية الدولة، وخصصت له نحو ستة مليارات يورو في ميزانية 2019، لكنه يواجه انتقادات لجودته وفعاليته في التأهيل لسوق العمل، بينما يستقطب التعليم الخاص أعدادًا متزايدة من التلاميذ.

ويدرس البرلمان المغربي حاليًا مشروع قانون لإصلاح شامل لمنظومة التعليم يثير جدلًا؛ كونه ينص على تدريس المواد العلمية بالفرنسية، وعلى “مساهمة الأسر الميسورة” في تمويل التعليم العمومي.

ربما يعجبك أيضا