ترامب يضيق الخناق على طهران .. الحرس الثوري على قوائم الإرهاب الأمريكية

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

في خطوة تعد الأولى من نوعها، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أن بلاده صنّفت الحرس الثوري الإيراني “تنظيماً إرهابياً”، مبرراً قراره بأن “إيران دولة داعمة للإرهاب، والحرس الثوري مشارك نشط”، فيما ردت إيران بالمثل ووضعت الجيش الأمريكي على لوائح الإرهاب! 

وتعد الخطوة غير مسبوقة لأن الولايات المتحدة لم تستخدم من قبل هذا التصنيف مع كيان حكومي أجنبي.

وكان مسؤولون في الإدارة الأمريكية قالوا إن الخطوة سوف تزيد عزلة إيران، كما تؤكد أن الولايات المتحدة لن تتساهل مع دعم إيران المستمر لجماعات متمردة وغيرها من الجماعات التي تزعزع استقرار الشرق الأوسط.

وتسعى واشنطن وحلفاؤها إلى حرمان نظام خامنئي من الموارد المالية التي يستخدمها في مخططاته لزعزعة الاستقرار في دول المنطقة وتمويل الميليشيات التابعة له.

وقد يكون للتصنيف تداعيات واسعة النطاق على الجيش الأمريكي وعلى سياسية الولايات المتحدة في المنطقة وأماكن أخرى، لا سيما وأن إيران تهدد بالرد.

ويعد الحرس الثوري الذي تأسس بعد الثورة الإيرانية عام 1979 لحماية المؤسسة الدينية الحاكمة، أقوى منظمة أمنية في إيران، ويسيطر على قطاعات كبيرة من الاقتصاد وله تأثير هائل في النظام السياسي.

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية، أدرجت قبل أسابيع قوات فيلق القدس بقيادة قاسم سليماني في قائمة الإرهاب الأمريكية.

بيان ترامب

وأكد الرئيس الأمريكي أن هذه الخطوة تظهر حقيقة أن إيران لا تدعم الإرهاب فقط بل أن الحرس الثوري الإيراني يشارك ويمول ويستخدم الإرهاب كأداة في عملية إدارة الدولة.

وقال ترامب، في بيان إن الخطوة “اعتراف بالواقع” الذي يفيد بأن إيران دولة “داعمة للإرهاب” وأن الحرس الثوري مشارك نشط.

وشدد الرئيس الأمريكي على أن هذه الخطة ستزيد من حجم الضغط المفروض من قبل واشنطن على النظام الإيراني، وتوضح مخاطر التعاون الاقتصادي أو دعم الحرس الثوري الإيراني، وتابع قائلا: “إذا كنت تتعامل مع الحرس الثوري الإيراني اقتصاديا، فأنت تمول الإرهاب”.

وأشار ترامب إلى أن الخطة توجه رسالة مباشرة لطهران، مفادها أن لدعم الإرهاب عواقب وخيمة، وأكد على مواصلة الضغط على النظام الإيراني اقتصاديا وتحميله أعباء إضافية بسبب دعمه المتواصل للإرهاب، حتى يكف عن سلوكه “المؤذي والخارج عن القانون”، على حد تعبيره.

الخارجية الأمريكية

من جهته، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، إن الحرس الثوري الإيراني تم تصنيفه منظمة إرهابية لدعمه حزب الله وغيره من الجماعات الإرهابية، وأشار بومبيو إلى أن الحرس الثوري الإيراني يمول الإرهاب في أماكن عديدة في العالم، وأنه مسؤول عن احتجاز العديد من المسؤولين الأمريكيين في إيران.

وأكد الوزير الأمريكي أن الحرس الثوري مسؤول عن اعتقال أمريكيين بطهران، وأن الولايات المتحدة تعمل ما بوسعها لإعادة الأمريكين المحتجزين في إيران إلى أرض الوطن.

وأشار بومبيو، إلى أن الحرس الثوري أسس للإرهاب، وقاد عمليات عسكرية ضد القوات الأمريكية في بيروت.

وقال بومبيو، إن الحرس الثوري ينهب ثروات الشعب الإيراني.

إيران ترد بالمثل

الرد لم يتأخر فمجلس الأمن القومي الإيراني وضع القوات الأمريكية في المنطقة على لوائح الإرهاب، واعتبر أن تصنيف واشنطن للحرس الثوري كمنظمة إرهابية يعرض الأمن الإقليمي للخطر.

وقدمت وزارة الخارجية الإيرانية مذكرة احتجاج دبلوماسية للولايات المتحدة، عقب إدراج واشنطن رسميا الحرس الثوري الإيراني على لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية.

وقال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، إن إدراج الحرس الثوري الإيراني على لائحة الإرهاب سيدخل الولايات المتحدة في “مستنقع جديد”. وأشار ظريف إلى أن الجماعات المدافعة عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في جميع القضايا، والتي تسعى بشغف كبير لإدراج الحرس الثوري على لائحة الإرهاب، تدرك حجم العواقب التي ستولدها هذه الخطوة بالنسبة للقوات الأمريكية في المنطقة.

وأضاف الوزير الإيراني: “الذين يسعون لإعلان الحرس الثوري منظمة إرهابية، يريدون إدخال الولايات المتحدة في مستنقع جديد بقيادة نتنياهو”، واعتبر أنه من المفيد أن يعلم ترامب هذه الأمور، حتى لا يضع الولايات المتحدة أمام كارثة جديدة.

من جانبه أوضح المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية الإيرانية، علي نجفي خشرودي، أن الخارجية الإيرانية قدمت مذكرة الاحتجاج لمكتب حماية المصالح الأمريكية في سويسرا.

الحرس الثوري

الحرس الثوري الإيراني واحد من أهم الأجهزة الأمنية في إيران، تأسس عام 1979 بقرار من المرشد الخميني بهدف حماية النظام الجديد، ومدرج على قوائم الجماعات الإرهابية في أمريكا منذ عام 2007.

التنظيم الذي يسيطر على النظام الصاروخي الإيراني المثير للجدل، يقدر عدد أفراده بنحو 125 ألف، ويمتلك قوات برية وبحرية وجوية وله سلطة الإشراف على الأسلحة الاستراتيجية في البلاد، كما يشرف على ميليشيات الباسيج التي تتكون من 90 ألف متطوع.

الحرس الثوري أداة النظام لقمع أي تحرك للمعارضة داخل البلاد وفي الوقت ذاته يعتبر يد إيران الطولى للتدخل في منطقة الشرق الأوسط الأمر الذي لا تخفيه إيران.

دور الحرس في المنطقة

الحرس الثوري الإيراني هو أداة نظام الملالي الإرهابي، للهيمنة على بلدان المشرق العربي، وكلما مر الوقت كلما توحش ذلك النظام الإرهابي في نشر الفوضى والتخريب والتطرف ونشر المليشيات الشيعية الأجنبية متعددة الجنسيات لتقتل شعوب المنطقة وتدمر حواضر العرب السنة التاريخية.

وقد أكد القائد العام للحرس الثوري الإيراني، محمد علي جعفري، أن “الحرس الثوري قام بتجنيد 200 ألف عنصر في العراق وسوريا”، وقد سبقت تلك التصريحات الخطيرة، تصريحات أخرى لغضنفر آبادي -رئيس محكمة الثورة في طهران- قال فيها إنه “إذا لم ينصر الشعب الإيراني الثورة، فسيأتي الحشد الشعبي العراقي، والحوثي اليمني، والفاطميون من أفغانستان، وزينبيون من باكستان لنصرة الثورة الإيرانية”!

وقبل أشهر قال علي يونسي – مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني – “إيران أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حاليًا، وجغرافية إيران والعراق غير قابلة للتجزئة، وثقافتنا غير قابلة للتفكيك، لذا إما أن نقاتل معًا أو نتحد”، في إشارة إلى التواجد العسكري الإيراني المكثف في العراق.

وقد رأى العالم أجمع كيف ضغط الحرس الثوري الإيراني وقادته على حكومة بغداد حتى تم دمج مليشيات الحشد الشعبي الشيعية (الباسيج العراقي) في الجيش العراقي، بل أمر قادة حرس الثوري الإيراني بشار الأسد بمنح الجنسية السورية لعشرات الآلاف من عناصر المليشيات الشيعية الأجنبية التي تقاتل في سوريا بإشراف الحرس الثوري الإيراني، وهو ما يعني أن التغول الإيراني في العراق وسوريا تم شرعنته، ليس ذلك فقط، وإنما باتت تلك المليشيات التابعة لإيران تهيمن على كامل المشهد السياسي في العراق وسوريا.

وجهات نظر

في سياق متصل، رحب الشيخ العراقي حسين المؤيد “بالقرار الأمريكي بتصنيف ما يسمى بالحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، إنه قرار صائب ويعتبر ضربة قوية لنظام الملالي ونفوذه الخارجي، ويؤكد من جديد جدية الولايات المتحدة الأمريكية في ستراتيجيتها المعلنة لمواجهة النظام الإيراني، وسيكون خطوة مهمة في شوط تغيير هذا النظام”.

أما القيادي الأحوازي صباح الموسوي فقال إن “الناطق باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي زعم أن العقوبات الأمريكية على بلاده حالت دون تقديم المساعدات لضحايا الفيضانات!، إذا كيف تزعمون أنكم قادرون على محاربة أمريكا وإسرائيل وتحرير فلسطين وأنتم لا تستطيعون مد يد العون لبعض المتضررين من الفيضانات؟”.

فيما قال الباحث والمحلل السياسي العراقي طه الدليمي إن “إدراج الحرس الثوري من قبل أمريكا على لائحة الإرهاب، وتصنيف إيران دولةً راعية للإرهاب.. دليل آخر على أن السياق الأمريكي باقٍ كما هو منذ مجيء الرئيس ترامب في تحجيم دور إيران في المنطقة وإزاحتها منها حتى لو اقتضت الضرورة استعمل القوة ضدها”.

أما الدكتور محمد السلمي فرأى أن “تصنيف أمريكا الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية خطوة في الطريق الصحيح طال انتظارها. الأهم حاليا، تطبيق هذا التصنيف على كافة الأصعدة والبدء بتصنيف جميع المنظمات المرتبطة بالحرس الثوري في سوريا والعراق ولبنان واليمن بالطريقة التي تحارب بها التنظميات الإرهابية المماثلة”.

ربما يعجبك أيضا