بوساطة روسية.. قصة جندي وجاسوس استعادت إسرائيل رفاتهم من سوريا

حسام السبكي

حسام السبكي

من النادر أن تعلن إسرائيل عن أي خسائر عسكرية أو سياسية لها، بل والأغرب أن تتناوله وسائل إعلام دولية على نطاق واسع، باعتبار “اللوبي الصهيوني” مسيطرًا على معظم أجهزة الإعلام والصحافة حول العالم.

يرجع ذلك بالأساس، إلى العنجهية والغرور، اللغة السائدة والأزلية في خطابات ساسة الكيان الصهيوني، الذي طالما تغنى بقوته الغاشمة، وبكون قواته هي “الجيش الذي لا يقهر”، والذي يستند على علاقات قوية مع الأب الشرعي، والقوة العظمى عالميًا، ممثلة في الولايات المتحدة، وأخرى متوازنة مع القطب الثاني روسيا، بعد انفكاك الاتحاد السوفيتي في تسعينيات القرن الماضي.

الحديث إذن عن جاسوس وجندي، الأول تم توقيفه في سوريا، قبل أن يُعدم بعد محاكمة، والثاني فقد إلى جانب آخرين على الحدود اللبنانية السورية، فما قصتهما التي أضحت حديث وكالات الأنباء العالمية مؤخرًا؟ في السطور التالية نجيب.

إيلي كوهين

ربما يعد الاسم متداولًا، في دراما عربية، تناولت الكيان الغاصب للأراضي الفلسطينية، كان أبرزها مسلسلي “رأفت الهجان” و”جمعة الشوان”، إلا أننا هنا نتحدث عن جاسوس، نجح في اختراق النظام السياسي السوري، على أعلى المستويات.

يُعرف كوهين، بكونه يهودي ولد في مدينة الإسكندرية المصرية، بعدما هاجر إليها أحد أجداده، وذلك في ديسمبر 1924.

اشتغل العميل الإسرائيلي في مجال التجسس، خلال الفترة بين عامي 1961- 1965 من داخل الأراضي السورية، حيث أقام علاقات وثيقة مع التسلسل الهرمي السياسي و‌العسكري، ليصبح المستشار الأول لوزير الدفاع، حتى تمكنت سلطات مكافحة التجسس السورية في نهاية المطاف عن مؤامرة التجسس، واعتقلت وأدانت كوهين بموجب القانون العسكري قبل الحرب، وحكمت عليه بالإعدام في 1965.

وقيل إن المعلومات الاستخبارية التي جمعها “كوهين” قبل إلقاء القبض عليه، كانت عاملًا هامًا في نجاح إسرائيل في حرب 1967.

على الرغم من انطواء صفحة الجاسوس الإسرائيلي “إيلي كوهين”، إلا أن المناشدات الإسرائيلية بتسليم رفاته لم تتوقف، إلا أن النظام السوري ظل متعنتًا في الاستجابة، فدمشق التي رفضت توقيع اتفاقية سلام مع الكيان المحتل، تجاهلت جل الطلبات الإسرائيلية على مدار السنوات الماضية، لإعادة رفات كوهين لأسباب إنسانية.

وفي 2004 وجه الرئيس الإسرائيلي في ذلك الوقت “موشيه كاتساف” نداء إلى الرئيس السوري بشار الأسد عبر موفدين فرنسيين وألمان ومن الأمم المتحدة.

زخاريا باومل

على الرغم من الفارق العسكري الكبير، بين كيان الاحتلال الإسرائيلي ولبنان، إلا أن الاجتياح الكبير في عام 1982، لم يكن بمثابة النزهة للإسرائيليين، حيث تكبدوا خسائر جمة، برغم حالة الضعف التي كانت تعاني منها لبنان، جراء الحرب الأهلية البشعة التي اندلعت شرارتها في عام 1975، وخلفت نحو 120 ألف قتيل، وقرابة 76000 ألف مشرد ومفقود.

الجندي “زخاريا باومل”، هو الضحية إذن، الباقية برفاتها شاهدة على المعارك الشرسة، التي اندلعت في سهل البقاع اللبناني، على الحدود مع سوريا، والتي كان أشهرها معركة “السلطان يعقوب”، بين يومي العاشر والحادي عشر من حزيران/يونيو 1982 حيث كان “باومل”، المولود في الولايات المتحدة الأمريكية، يقود إحدى الدبابات الإسرائيلية.

وكان واحدًا من ثلاثة جنود لا يزالون في عداد المفقودين منذ هذه المعركة.

الوساطة الروسية تنقذ إسرائيل

يتمتع كيان الاحتلال الصهيوني، بعلاقات جيدة مع روسيا، منذ عهد الاتحاد السوفيتي، وفي بداية تأسيس الكيان الغاصب، ليسجل شهر مايو/ آيار 1948 بداية العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين، إلا أنها مرت بمرحلة من التوتر خلال العدوان الثلاثي على مصر، وبعده جراء العدوان الإسرائيلي على الأراضي العربية، قبل أن تعود مجددًا منذ عام 1991 وتزداد قوة يومًا بعد الآخر.

وبعيدًا عن تفاصيل العلاقات المتميزة بين الجانبين، ففي الأزمة الإسرائيلية مع رفات جنودها وعملائها، كان التدخل الروسي حاضرًا وحاسمًا لصالح الصهاينة طبعًا.

فحسبما نقلت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، عن تقارير سورية، إن الوفد الروسي الذي زار سوريا مؤخرًا، غادر وهو يحمل تابوتًا يضم رفات الجاسوس الإسرائيلي، “إيلي كوهين”، الذي أُعدم في دمشق سنة 1965.

ولم تنف أي مؤسسة في إسرائيل، بشكل رسمي، ما ورد بشأن نقل رفات الجاسوس، وقال مراسل القناة الإسرائيلية الثانية، يارون أفراهام، إن النشر بشأن القضية لم يعد ممنوعًا في الوقت الحالي.

وقال جهاز الموساد الإسرائيلي، الخميس الماضي، إنه تمكن في وقت سابق من استعادة ساعة جاسوس إسرائيلي أعدم في سوريا عام 1965.

ونقل بيان الخميس، عن رئيس الموساد “يوسي كوهين” قوله: “هذا العام وفي ختام عملية، نجحنا في أن نحدد مكان الساعة التي كان إيلي كوهين يضعها في سوريا حتى يوم القبض عليه، وإعادتها إلى إسرائيل”.​

أما بشأن الجندي “زخاريا باومل”، فقد أعلن جيش الاحتلال، استعادة رفات أحد جنوده المفقودين في لبنان منذ اجتياحها لبنان في عام 1982، وذلك عبر دولة ثالثة.

كانت رفات “باومل” عادت على متن طائرة إسرائيلية من دولة ثالثة تولت الوساطة مع لبنان، وشارك في العملية وكالات المخابرات الإسرائيلية.

ولم يكشف جيش الاحتلال عن معلومات إضافية عن العملية، لكن القناة 13 التليفزيونية قالت إن الدولة الثالثة هي روسيا.

وأعلن المتحدث باسم الجيش الروسي إيغور كوناشينكوف، في سبتمبر/ أيلول الماضي، أن إسرائيل “ناشدت روسيا مساعدتها في العثور على رفات الجنود الإسرائيليين الموجودين في مناطق محددة في سوريا”، وأضاف أنه تم ترتيب عملية البحث “بعد موافقة روسيا على العملية مع شركائنا السوريين”.

وتلعب روسيا دروا عسكريا كبيرا في سوريا، وتدعم الجيش السوري والقوات الموالية للرئيس بشار الأسد في الحرب الدائرة في البلاد منذ سنوات.

ربما يعجبك أيضا