بإفشالها قرار مجلس الأمن.. هل تدعم روسيا حفتر ؟

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي

لكونها من الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي وممن تمتلك حق الفيتو، فقد سعت موسكو مرتين لإفشال مساعي المجلس لإصدار قرار أو بيان يخص الوضع الليبي الحالي، لا سيما اعتراض تقدم قوات المشير حفتر نحو العاصمة طرابلس، كما يضم مجلس الأمن باريس والتي تدعم حفتر بالتعاون مع بعض الحلفاء الإقليميين، والسؤال هنا، هل يلقى حفتر دعمًا من روسيا؟

فشل مجلس الأمن مرة أخرى، اليوم الأربعاء، في الاتفاق على صيغة قرار أو بيان حول ليبيا، بسبب انقسام أعضاء المجلس، بين إصرار أعضاء على أن يكون وقف إطلاق النار مقروناً بالعودة إلى المواقع السابقة، ورفض روسيا.

خلال السنوات الأخيرة، سعت روسيا للظهور كوسيط محايد في الصراع الليبي، ولا تزال تصر على هذا الموقف، فقد صرح وزير الخارجية الروسية سيرجي لافروف خلال زيارته لمصر مؤخرًا أن “مهمة روسيا هي مساعدة الليبيين على التغلب على خلافاتهم الحالية، والتوصل إلى اتفاق مستقر للمصالحة بين الجانبين”، على خلفية الهجوم الأخير الذي شنته قوات حفتر وأدى إلى سقوط عشرات القتلى في العاصمة طرابلس.

وكررت موسكو دعوتها على لسان المتحدث باسم الكريملين ديمتري بيسكوف، إلى استغلال كل الفرص المتاحة لدعوة الأطراف المتناحرة إلى تجنب إراقة مزيد من الدماء. كما وصف فياتشيسلاف ماتوزوف، الخبير في شؤون الشرق الأوسط، موقف روسيا من الصراع الجاري في ليبيا  بأنه “موقف دبلوماسي دقيق للغاية “.

بعيدًا عن الصراع الليبي، فمصر والجزائر من كبار المشترين للأسلحة الروسية، وتركيا تعد حليفًا مهمًا لروسيا على الصعيد الدولي، سواء في الصراع الدائر في سوريا أو في ظل الخلافات المتزايدة بين الناتو وتركيا، علاوة على أن روسيا ما زالت تحافظ على علاقتها بالمملكة العربية السعودية بغية الحفاظ على مصالحها النفطية.

حفتر داخل المعادلة الروسية

تشكل ليبيا لغزًا دبلوماسيًا بالنسبة لموسكو، وبهذا السياق يقول المحلل العسكري الروسي بافل فيلنغنهاور: “إن روسيا لن تعلن انحيازها لأي طرف على الملأ”.

وزار كل من حفتر والسراج روسيا، لكن يبدو أن حفتر يحظى بنصيب الأسد من اهتمام الكرملين، فقد زار موسكو ثلاث مرات منذ عام 2016، وأبحر على متن حاملة الطائرات الروسية الأدميرال كوزنتسوف عام 2017، وذلك لحضور مؤتمر جمعه  بوزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو .

ويعتقد محلل سياسي أن موسكو تنحاز لحفتر جريًا وراء المال والنفط، فرجل الحرب القوي هو الذي يسيطر على جميع المناطق المنتجة للنفط في ليبيا تقريبًا “هذا يعني أنه يملك المال – مما يعني أنه مهم بالنسبة لموسكو”.

ورغم حظر استخدام السلاح الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا، فإن موسكو تبيع الأسلحة لحفتر، وتفيد التقديرات إلى أن سقوط معمر القذافي عام 2011 عرّض موسكو لخسارة مليارات الدولارات في صفقات السلاح.

في 7 أبريل الجاري، منعت روسيا مجلس الأمن الدولي من إصدار بيان كان سيحث قوات خليفة حفتر على وقف تقدمها في طرابلس، مصرة على أن البيان يجب أن يحث جميع القوات في البلاد على وقف القتال، ويرى مراقبون ومنهم  فيلا نهاور هذه الخطوة مؤشرا واضحا على دعم روسيا الضمني لحفتر.

دلالات غامضة

تقارير وسائل إعلام روسية، أظهرت جانبًا آخر من انحياز روسيا لحفتر في الخفاء. فقد ذكرت صحيفة آر بي سي اليومية على لسان مصدر من وزارة الدفاع الروسية بأن هناك قوات روسية متواجدة شرق ليبيا، وفي ذات السياق فقد نشرت صحيفة نوفايا غازيتا شريط فيديو يظهر يفغيني بريجوزين (الصديق المقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين) يجري مباحثات مع الجنرال حفتر في موسكو .

يترأس بريجوزين شركة عسكرية روسية خاصة تدعى “وانجر جروب” ويقال بأنها مارست نشاطها في عدة صراعات حول العالم، بما في ذلك شرق أوكرانيا وسوريا وفنزويلا وجمهورية أفريقيا الوسطى.

العمق الاستراتيجي

التصريحات الروسية التي تحدثت عن خطط لسحب القوات من سوريا، زادت من الشائعات حول بدء عملية عسكرية روسية محتملة في ليبيا، ومن غير المحتمل أن تشن روسيا تدخلا واسع النطاق في ليبيا كما فعلت في سوريا لأنها ما زالت متورطة في الصراع هناك كما يقول فلنغهاور، مبيناً أن قدرات روسيا انهكت ولم تعد بحجم” الاتحاد السوفييتي” سابقا .

برغم التواجد القوي الروسي بسوريا، بما يضمن تواجدها القوي بمحيط المياة الدافئة، ولذا فقد تكتفي بالحليف السوري وقاعدتها بطرطوس، لاستعادة مركزها القوي بمنطقة الشرق الأوسط، وبالتالي فسيكون دعمها لحفتر مجرد مناهضة للقرارات الأمريكية والبريطانية فحسب.

 وعلى صعيد آخر، فقد تتوسع روسيا في دعم حلفاء لها بالمنطقة بغية دوافع استراتيجية، فمنها المحافظة على كون منطقة الشرق الأوسط تحوي أغلب الأسلحة العسكرية الروسية، وكذلك السيطرة على تدفق النفط من المنطقة إلى أوروبا بما يجعلها المسيطرة على منابع التدفق وبالتالي منع أي قرارت أوروبية تهدد أمنها القومي من الناحية الغربية.

ربما يعجبك أيضا