الربيع الدمشقي بلا رائحة

هالة عبدالرحمن

كتب – هالة عبدالرحمن
عادة ما تزدحم مدينة دمشق بالحياة في الربيع، حيث تفيض العربات باللوز الأخضر الطازج، وتدخين الشيشة في المقاهي الخارجية وتتمتع العائلات بالنزهات، إلا أن ربيع 2019 في دمشق كان بدون طعم ولا رائحة بسبب قلة حركة البيع والشراء وانقطاع الكهرباء عن المحلات التجارية وتعطل حركة المرور.

وتمتد طوابير السيارات لأميال في انتظار ساعات طويلة ومملة لملء خزاناتها مع 20 لترا من البنزين التي يسمح للسوريين في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة كل خمسة أيام، بعدما جاءت آخر شحنة من النفط الإيراني، والتي كانت ترسل ما يصل إلى 3 ملايين برميل شهريًا، في أكتوبر قبل استئناف العقوبات عليها.
ما لبثت الحرب السورية أن هدأت حتى خاض السوريون معركة جديدة من أجل الحياة، ففي خضم معاركهم الضارية ضد النظام تارة وضد الإرهابيين تارة أخرى، يقاسي السوريون مرارة الجوع والحصار يومًا بعد يوم.

وبدلاً من التركيز على إعادة الإعمار ووعود الإحياء، وجد السوريون أنفسهم يخوضون معركة أخرى. لقد ركزوا على محاولة البقاء على قيد الحياة في ظل اقتصاد يعاني الركود، ولا تظهر أي علامات تدل على الانتعاش الوشيك وعدم وجود أي إشارات للسلام في الأفق.

ومع تفاقم أزمة توفير البنزين، انحسرت إلى حد كبير حركة السيارات في شوارع دمشق وارتفع مستوى التذمر الشعبي، ذلك بعدما شهدت العاصمة خلال الشهور القليلة الماضية ازدحاماً خانقاً، إثر استعادة الجيش النظامي السيطرة على المناطق المحيطة بها.

وقررت وزارة النفط السورية  تحديد كمية البنزين الموزعة. وقالت الوزارة في بيان: “كإجراء مؤقت بهدف توزيع البنزين بعدالة على جميع أصحاب الآليات تم تحديد المخصصات التالية، السيارات الخاصة على اختلاف أنواعها 20 لتراً خلال خمسة أيام، والدراجات النارية على اختلاف أنواعها ثلاثة لتر خلال خمسة أيام، وسيارات التاكسي العمومية 20 لتراً كل 48 ساعة”.

وكانت الحكومة السورية أقرت الأحد الماضي خلال اجتماعها بتخفيض كمية البنزين المخصصة للسيارات الحكومية بنسبة 50 في المائة، حيث تتراوح الكمية المخصصة للسيارات الحكومية بين 90 إلى 150 لتراً شهرياً.

وتقدر الأمم المتحدة قيمة ما تحتاجه البلاد إلى أكثر من 250 مليار دولار من المساعدات لإعادة إعمار الاقتصاد مرة أخرى، وهو ما لم يتمكن حلفاؤها، إيران وروسيا، من توفيره.

وكانت الولايات المتحدة تحت قيادة دونالد ترامب تضغط على خصومها، هذا الأسبوع منهية إعفاءات الحظر على مشتريات النفط الإيراني، مما زود معاناة الحكومة في طهران، التي زودت خطوط الائتمان لدمشق في السنوات القليلة الماضية لشراء النفط ودعم الاقتصاد.

 وتخضع سوريا لعقوبات أمريكية جديدة تمنع مرور سفن المساعدات إلى سوريا، كما أن الدول التي يمكنها المساعدة، بما في ذلك دول الخليج الغنية بالنفط ، لن تمد يدها لأمة متحالفة مع إيران، منافستها.
 

ربما يعجبك أيضا