دراما رمضان 2019.. جرائم قتل و”شبيحة” ونجوم الصف الأول خارج السباق

كتبت – علياء عصام الدين

صناعة الدراما هي صناعة تهدف في المقام الأول إلى ترسيخ المفاهيم الأصيلة لدى المجتمع وهي مرآة تعكس ثقافة كل مجتمع من خلال قيمة ومستوى الأعمال الفنية التي يقدمها.

بعد مرور 20 يومًا من الموسم الدرامي في رمضان، بدأت معالم التوجهات والمناخ العام للمسلسلات العربية والخليجية والمصرية المعروضة تتضح شيئًا فشيئًا.

من مصر وأزمة الأعمال الدرامية الأخيرة سواء من حيث قلة عددها أوغياب نجوم الصف الأول عن الشاشات واكتساح مسلسلات القتل والجرائم والغموض، مرورًا بالدراما اللبنانية والترويج “للتشبيح” انتقالًا لدراما الخليج التي تحاكي الماضي والتاريخ والأدب، انتهاء بدراما عكست تناقضات أصحابها والمتمثلة في الدراما القطرية، تنوعت الأعمال الدرامية المقدمة على الشاشات العربية والخليجية لتعكس مجمل الإنتاج الدرامي العربي بمختلف توجهاته وأطيافه.

وبينما انشغل بعض النقاد والمعلقين بتصنيف المسلسلات حسب نسب المشاهدة، اتهم آخرون بعض الأعمال بـ”السرقة الأدبية” و”الترويج للتشبيح” والخواء واللامعنى والتناقضات الصريحة.

الدراما المصرية .. قتل وغموض والكبار يغيبون
كانت الدراما المصرية في رمضان صناعة قوية وسوقًا مزدهرة للأعمال المميزة الرائدة التي يقدمها نجوم الصف الأول على الشاشات ويتنافسون للحصول على أكبر نسب مشاهدة، بيد أن التضييق الذي دخل عامه الثاني من قبل جهة احتكار واحدة سيطرت على معظم المنصات الإعلامية في مصر أدى إلى تقلص وانخفاض عدد الأعمال الدرامية المصرية المنتجة لأكثر من النصف.

وبين مؤيد لتقليص الإنتاج الدرامي ومعارض له، جاءت الأعمال الدرامية المصرية هذا العام -على قلتها- شبه خاوية من المضمون، حيث ركز صناعها على أن تكون وجبة سريعة “تيك أواي” تقدم للفت الانتباه دون الوقوف على أهداف أو رسائل فنية ذات قيمة.

وبرز الحضور القوي لجرائم الاختفاء والقتل التي تركز على أجواء “الإثارة” لجذب المشاهد على عدد كبير من الأعمال المعروضة التي اختار صناعها أن تدور أحداثها في أجواء من الغموض بهدف لفت انتباه المشاهدين منذ الحلقات الأولى.

ومن أبرز هذه الأعمال مسلسل “قابيل” الذي يدور حول جريمة اختطاف غامضة تتصاعد لتصبح سلسلة من جرائم القتل والاختطاف.

كذلك جاء مسلسل “زي الشمس” لمريم نعوم ليدور حول قصة بوليسية تتضمن اختفاء وموتا في ظروف غامضة، ومسلسل “أبوجبل” الذي يقوم ببطولته مصطفى شعبان وفيه تتعرض عائلته لهجوم ينتج عنه مقتل أبنائه الـ3 ليبدأ رحلة البحث عن القاتل، ومسلسل “علامة استفهام” لمحمد رجب والذي تدور أحداثه عن كشف مقتل مريض نفسي داخل حمام مصحة نفسية، كما تبحث ياسمين عبدالعزيز في مسلسل “آخر نفس” عن قاتل زوجها في أجواء درامية غامضة.

ولا تكاد تختفي فكرة “البطل المنقذ” من السباق الرمضاني فجاء مسلسل “كلبش 3″ لأمير كرارة و”لمس أكتاف” لياسر جلال ليعكسا صورة البطل المنقذ الذي لا يُهزم.

وجاء “زلزال” محمد رمضان هذا العام بعيدًا عن المألوف في المبالغة والتركيز على دور “البلطجي”،  ويحاكي المسلسل أنامل كاتبه عبدالرحيم كمال صاحب “شيخ العرب همام” و”الخواجة عبدالقادر” فجاء أكثر هدوءًا وواقعية، ويحكي قصة شاب نجا من زلزال مصر 1992 يحاول استرداد حقه المسلوب وتحقيق الثروة.

الدراما الخليجية تتجه صوب الأدب وتحاكي عبق الماضي

ضمت الدراما الخليجية المعروضة في رمضان الكثير من المسلسلات المستوحاة من أعمال أدبية مثل المسلسلان الكويتيان “الديرفة” و”لا موسيقى في الأحمدي” ومسلسل “ص ب 1003” الإماراتي، ويشترك الثلاثة في اعتمادهم على تركيبة درامية مميزة ومغايرة عن الدراما المستوحاة من التراث واعتمادهم على أسلوب السرد التاريخي.

وأثار مسلسل “لا موسيقى في الأحمدي” والمأخوذ عن نص روائي للكاتبة منى الشمري الجدل بين العُمانيين الذين عبروا عن استيائهم من المسلسل ، حيث ضجت مواقع التواصل العمانية بالغضب لما قيل أنه تعمد لإظهار العماني على نحو مهين، ما دفع مخرج العمل وكاتبته إلى إصدار بيان يؤكدان فيه احترامهما للهوية العمانية، وينفيان فيه أي تعمد للإساءة إلى عٌمان وأهلها.

وتطالعنا الدراما الإماراتية على أربعة مسلسلات من إنتاج “أبوظبي للإعلام” تنوعت بين الاجتماعية والتراثية والبدوية والتاريخية والكوميديا الهادفة التي تركز في مجملها على تعزيز قيم التسامح والخير والإيجابية.

ويأتي مسلسل “ص ب 1003”، في مقدمة المسلسلات الإماراتية المأخوذة عن عمل أدبي  وهو عن رواية بالعنوان ذاته للكاتب الإماراتي سلطان العميمي.

ويعود بنا المسلسل إلى ثمانينات القرن الماضي قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي بصورتها الحالية، وحين كان للبريد المكتوب مكانته الخاصة، وكانت هواية المراسلة هي إحدى الهوايات المنتشرة بين الشباب في ذلك الوقت.

ويناقش مسلسل “جديمك نديمك” الحياة الاجتماعية البسيطة وزمن الطيبين وحسن النوايا في زمن الطفرة التقنية والتعقيد الاجتماعي في إطار كوميدي هادف.

ولعاشقي المسلسلات التاريخية يأتي مسلسل “مقامات العشق” ليقدم سيرة سلطان العارفين في قالب أدبي فلسفي وتاريخي ممتع .

ولم تغب الدراما البدوية عن شاشة “الإمارات”، إذ جاء مسلسل “فتنة” الذي يحكي قصة فارسة عاشقة تمثل المرأة البدوية القوية المخلصة والتي تحاول فهم واقعها وإدراك المخاطر التي تحيط بها، ويُعد مسلسل “فتنة” عمل درامي متميز يروي حكاية تجمع بين الحب والحرب والفداء.

وإلى الدراما السعودية حيث عاد الجدل مجددًا حول مسلسل “العاصوف 2” الذي يسلط الضوء على تاريخ المملكة العربية السعودية، لاسيما بعد أن أعلن نجم المسلسل ناصر القصبي أن المسلسل في جزئه الثاني سيعرض حادثة اقتحام الحرم المكي الشهيرة في 1979 ما أعاد مطالبات بمقاطعة المسلسل على وسائل التواصل الاجتماعي.

الدراما اللبنانية تنتصر للشبيحة وتنسف حضور الدولة

بذريعة نقل الحقيقة وقعت الدراما اللبنانية في مطب الانتصار وتلميع صورة الشبيحة والواسطة والنفوذ كظاهرة رديفة لسلطة الدولة، وظهر ذلك جليًا في أحداث مسلسل “الهيبة 2″ من بطولة تيم حسن ومسلسل ” خمسة ونص” الذي تقوم ببطولته نادين نسيب نجيب وقصي خولي.

وسقط المسلسلان في فخ استعراض القوة والتشبيح التي تنسف مبدأ حضور الدولة ومرجعيتها القانونية وواجباتها في إرجاع الحق لأصحابه، حيث روجا لقانون الغاب وأخذ الحق بـ”الدراع” بصورة إنسانية وكضرورة حتمية للأمن الذاتي دون رفض ونقد للظاهرة المنشرة أصلا في الشارع اللبناني ، الأمر الذي اعتبره نقاد تشويهًا لصورة لبنان في الخارج وتعزيزًا لمشهد تحلل الدولة وتكريسه دراميًا عوضًا عن ادانته.      

الدراما السورية.. رومانسية اجتماعية والبيئة الشامية حاضرة بقوة

بعد سنوات من الركود تعود عجلة الدراما السورية لتدور مرة أخرى، مع مجموعة من متنوعة من المسلسلات التي غلب عليها الطابع الاجتماعي الرومانسي كما جاء في مسلسلات”أثر الفراشة” و “عن الهوى والجوى” و ” هوا أصفر”.

ولم تخلو الدراما السورية من تلك المسلسلات التي تتناول البيئة الشامية وعلى رأسها “باب الحارة 10” و “الحرملك” و “سلاسل الذهب” و”شوارع الشام العتيقة”.

كما لم تغيب الكوميديا عن الدراما السورية حيث تم إنتاج  مجموعة من الأعمال الكوميديا في إطار لوحات منفصلة غير متصلة مثل “حركات بنات” و”مرايا” للفنان ياسر العظمة ومسلسل “كونتاك” لأمل عرفة.

الدراما القطرية.. بين الواقع والدراما  تناقضات بالجملة

بعد غياب سنوات عن الساحة الرمضانية وفي مفارقة غريبة من نوعها يقدم التلفزيون القطري مسلسل تحت عنوان “الجار” من إخراج عمار رضوان وتأليف ضيف الله زيد.

وتتضح رؤية المسلسل من اسمه “الجار” بتقديم عدد من الرسائل والأهداف في طابع درامي واجتماعي، وتدور معظم مشاهد العمل القطري حول الأحداث بين الجيران وعلاقاتهم فيما بينهم وحبهم لبعضهم البعض !

من هنا تأتي المفارقة في عنوان المسلسل ورسالته والتي تتنافى مع الواقع والموقف القطري.

فقطر بدعمها للتنظيمات الإرهابية أهدرت حقوق “الجار” وهددت أمن الأشقاء  وتنصلت من عباءتها العربية والخليجية ضاربة عرض الحائط بكل الأعراف التي تربط الجيران.

وفي مفارقة أخرى يقدم التلفزيون القطري أول عمل درامي قطري لمجموعة “بي إن” تحت عنوان “هلي وناسي”.

يسلط المسلسل الضوء على السلبيات التي يخلفها “الإعلام” غير المنضبط وتأثيره والفوضى التي يحدثها وتؤدي إلى التخبط والبلبلة ونشر السلبيات في المجتمع.

قطر صاحبة قناة “الجزيرة” بوق الإرهاب وصوت الشر، الذي لم يتوقف يومًا عن التشويه والتدليس وبث الفتنة والفرقة وتزييف الحقائق تتحدث عن “فوضى الإعلام” وحق “الجار” في مسلسلات رمضان.

ربما يعجبك أيضا