أمام انخفاض صادرات النفط.. طهران تلجأ للتحايل على العقوبات

يوسف بنده

رؤية

قبل بدء العقوبات النفطية على إيران، کانت مبيعات النفط الإيراني في الأسواق العالمية قد بلغت نحو 2.7 مليون برميل يوميًا، وقد وصل هذا الرقم الآن إلى أقل كثيرًا من مليون برميل يوميًا، مع غياب الشفافية الكافية للتعرف على الأرقام بدقة من مصادر إيرانية.

وفي وقت سابق، حذر المساعد السياسي للأمين العام للأمم المتحدة، من عدم تمديد الإعفاءات من العقوبات النفطية المفروضة على إيران، قائلاً إن مثل هذا القرار للولايات المتحدة قد يعيق تنفيذ الاتفاق النووي.

وفي غضون ذلك، أدَّت المشاكل الخطيرة المتعلقة ببيع النفط، إلى أن تبحث إیران عن طرق للتحايل على العقوبات، وانتشرت تقارير الشهر الماضي عن مبادلة الشحنة مع ناقلة في الخليج، وتغيير حركة هذه الناقلة في مياه جنوب آسيا.

انخفاض الصادرات

ذكرت وسائل صحافية عالمية، نقلاً عن مصادر حكومية وتجارية في سنغافورة، أمس الجمعة 28 يونيو/حزيران، أن صادرات النفط الخام الإيراني إلى عملائها الآسيويين انخفضت في شهر مايو/أيار الماضي، لأدنى مستوى له في خمس سنوات، على خلفية توقف اليابان وكوريا الجنوبية تمامًا عن استيراد النفط الإيراني، فيما خفضت الصين واليابان وارداتهما من النفط الإيراني، بسبب العقوبات الأمريكية.

وذكرت بيانات جمعتها وكالة “رويترز” أن واردات أكبر أربعة عملاء للنفط الإيراني في آسيا، بلغت نحو 386 ألف برميل يوميًا في الشهر الماضي، أي أقل بنحو 78.5 % عن الفترة نفسها من العام الماضي. وهو ما يمثل أقل نسبة له منذ 2014.

يذكر أن صادرات إيران النفطية كانت قد سجلت مستوى مرتفعًا في شهر أبريل/نيسان الماضي، إذ بلغت وقتها نحو 1.6 مليون برميل، وذلك بسبب قرب انتهاء العمل بإعفاءات العقوبات الأمريكية بداية مايو/أيار الماضي.

وكانت مصادر إخبارية إيرانية قد أعلنت، قبل ثلاثة أيام، ما يفيد باتجاه ناقلة تحمل نحو مليون برميل من النفط إلى الصين.

التحايل على العقوبات

وقد أفادت مصادر صحافية عالمية، أمس الجمعة، بأن إيران تقوم بالالتفاف على العقوبات الأميركية وبيع نفطها “سرًا” عبر ماليزيا.

وكشفت صحيفة “نايكي” اليابانية، الجمعة- بناء على بيانات شركة تتبع الناقلات “تانكر تراكرز”- أن إيران تقوم بارسال نفطها إلى مضيق “مالاكا” في ماليزيا، ومن هناك يتم نقل النفط إلى ناقلات صينية كبيرة لإيصاله للمشترين.

وتقول إيران إنها ستحاول بشتى الطرق بيع نفطها. كما أخبر عبد الناصر همتي، رئيس البنك المركزي الإيراني، يوم الأربعاء الماضي، عن “ارتفاع في حجم الصادرات النفطية الإيرانية”.

وفي غضون ذلك، قال واندانا هاري، المدير التنفيذي لشركة بحوث نفطية في ماليزيا، إن صادرات النفط الماليزية إلى الصين ارتفعت الشهر الماضي بنسبة 86 في المائة، الأمر الذي يعزز احتمالية تسليم النفط الإيراني في الموانئ الماليزية إلى الناقلات الصينية ونقلها إلى الصين.

ارتفاع مؤقت

وقد استفادت إيران من تنفيذها وعودها بتهديد حركة الملاحة النفطية داخل مياه الخليج في حالة عجزها عن تصدير نفطها جراء العقوبات الأمريكية. ولكن يبدو أن هذه التهديدات العملية لم تأت بالنتائج المرجوة التي كانت تطمح إليها طهران، وعلى رأسها زيادة أسعار النفط بما يعوض السعر المرتفع حجم التصدير الأقل.

وحول ذلك، يقول الخبير الأمريكي، سايمون هندرسون، في تقريره لمعهد واشنطن، أنه حتى مع الارتفاع الحاد الذي شهدته الأسعار في الثالث عشر من حزيران/يونيو نتيجة الهجمات التي يُرجح أن تكون إيران مسؤولة عنها، يبدو أن سعر النفط سيتراجع على المدى الطويل.

وأُفيد عن مخاوف في سوق النفط من تباطؤ الاقتصاد العالمي، وهذا يعني انخفاضاً في الطلب على النفط أو على الأقل نمو هذا الطلب بمستوى أقل من المتوقع. وتُعتبر الحرب التجارية المتنامية بين الولايات المتحدة والصين عاملاً يعزز هذا المنظور.

كذلك، أن الأحداث الجغرافية السياسية لم تؤثر على ما يبدو على أسعار النفط، إلى أن وقعت هجمات الثالث عشر من حزيران/يونيو. فأزمة الخليج العربي، التي دفعت الولايات المتحدة إلى إرسال حاملة طائرات وقاذفات “بي-52” إضافية الشهر الماضي لم تتسبب بارتفاع الأسعار. وفيما يتعلق بانهيار إنتاج النفط في فنزويلا التي كانت لاعباً بارزاً في “منظمة الدول المصدِّرة للنفط” فقد امتصّته السوق بسهولة. وعلى نحو غريب، يستمر إنتاج النفط في ليبيا بالرغم من الحرب الأهلية الشرسة التي تُشنّ في ضواحي العاصمة طرابلس.

ولكن الوقت ليس ملائماً للشعور بالرضا. فالقيادة الأمريكية في العالم أصبحت اليوم موضع تشكيك أكثر مما كانت عليه، خصوصاً مع استفزاز إيران للمهارة العسكرية الأمريكية العالية. ومن ناحية النفط، لم يعد حلفاء الولايات المتحدة، على غرار المملكة العربية السعودية، يتقيدون بمبدأ “الأمن مقابل إمدادات نفط ملائمة بأسعار معقولة” كما كانوا يفعلون في الماضي.

ربما يعجبك أيضا