“فقاعة الصحراء”.. موجة حر غير مسبوقة تجتاح أوروبا

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

تتعرض أوروبا حاليًا لأقسى موجة حر منذ عقود، إذ تشير توقعات إلى أن حرارة الجو ستلامس الـ45 درجة مئوية في بعض المناطق بالقارة العجوز.

ويطلق الأوروبيون على موجة الحر هذه اسم “فقاعة الصحراء”، نظرا لقدومها من الصحراء الكبرى في قارة أفريقيا، وفقا للكثيرين منهم.

وبدأ تأثير الموجة الحارة في أوروبا، الإثنين، إذ ارتفعت درجة الحرارة إلى ما فوق الأربعين بدول مثل فرنسا.

ومن المتوقع أن تبلغ “فقاعة الصحراء” ذروتها، الجمعة، عندما تصل درجة الحرارة إلى 45 مئوية في نيم وكاربينترا، جنوب فرنسا، وفقا لموقع “سكاي نيوز عربية”.

وسجلت أعلى درجة حرارة بفرنسا في 21 يوليو 2003، ووصلت وقتها إلى 44 درجة مئوية، وقد خلفت موجة الحر في ذلك العام أكثر من 70 ألف حالة وفاة في عموم القارة الأوروبية.

كذلك تشهد ألمانيا أقسى موجة حر منذ 70 عاما، وذلك مع بلوغ درجة الحرارة نحو 39 مئوية، الأربعاء، وفق وسائل إعلام ألمانية.

واللافت في موجة “فقاعة الصحراء “الحارة أنها جاءت في شهر يونيو، أي قبل نحو شهر من موسم الحر الأوروبي المعتاد، بين أواخر يوليو وخلال أغسطس، بحسب صحيفة “الجارديان”البريطانية.

موجة غير مسبوقة

ارتفعت درجة الحرارة الأربعاء الماضي في كوشين ببراندنبرغ إلى 38 درجة، وهو رقم قياسي وصلت إليه درجة الحرارة في ألمانيا في يونيو/ حزيران.

كما سجلت درجة الحرارة في مدينتي رادزين في بولندا ودوكساني في جمهورية التشيك أرقاما قياسية جديدة بعد أن سجلت 38.2 درجة و38.9 درجة في المدينتين على التوالي.

وحتى في منطقة جبال الألب شاهقة الارتفاع، تجاوزت درجة الحرارة 30 درجة مئوية في بعض المناطق. كما سجلت درجات الحرارة مستويات غير مسبوقة في النمسا الأربعاء الماضي.

وارتفعت درجات الحرارة في مدن جنيف، وبيرن، وزيورخ السويسرية إلى مستويات ما بين 39 و40 درجة مئوية، وهي مستويات قياسية لم تصل إليها درجات الحرارة في هذه المدن من قبل.

وأغلق حوض للسباحة في مدينة غرينوبل الفرنسية رغم الموجة الحارة بعد حالة من الغضب بسبب ارتداء البوركيني، وهي ثوب سباحة يغطي جميع أجزاء جسم المرأة ترتديه المسلمات، وفقا لتصريحات عمدة المدينة.

في المقابل، يتوقع أن تتفادى بريطانيا المرحلة الأسوأ من الموجة الحارة مع إمكانية ارتفاع درجة الحرارة في بعض المدن، منها العاصمة لندن، إلى 30 درجة السبت المقبل.
 

حرائق ووفيات

اندلع حريق غابات في إقليم كتالونيا الإسباني، الخميس، بسبب ارتفاع درجة الحرارة، والذي وصفته سلطات الإقليم بأنه “الأسوأ في عشرين سنة”.

واتجه مئات من عناصر مكافحة الحريق إلى الغابات المشتعلة للقيام بمهام الإطفاء والسيطرة على النيران.

وقد اشتعلت النيران في حوالي أربعة آلاف هكتار من غابات كتالونيا، وهي المساحة المرشحة للزيادة إلى 20 ألف هكتار وسط تصاعد درجات الحرارة، وفقا لسلطات الإقليم.

وأجلت السلطات ثلاثين شخصا من منازلهم، كما أغلقت خمسة طرق.

وكان مسؤولون في إسبانيا قد حذروا من أن هناك “خطر كبير” لاحتمال اندلاع حرائق غابات في بعض المناطق.

في غضون ذلك، أطلقت فرنسا، التي عانت من موجة حارة ألقي عليها اللوم في وفاة نحو 15 ألف شخص في عام 2003، تحذيرا باللون “البرتقالي”، الذي يمثل الفئة الثانية من التحذيرات المتعلقة بارتفاع درجات الحرارة.

وشغلت مدينة باريس نوافير المياه ورشاشات المياه المتصلة بصنابير، كما أجلت بعض المدارس الاختبارات بينما أغلق بعضها بسبب الموجة الحارة.

وفي مدينة تولوز، التي تجاوزت فيها درجة الحرارة 41 درجة الخميس، بدأت المؤسسات الخيرية توزيع المياه على المشردين في شوارع المدينة.

وتؤثر درجات الحرارة على أحد السجون الفرنسية الذي يبلغ عدد نزلائه 72 ألف نزيل، وقال فرانسوا بيس، الذي يعمل في مراقبة شؤون السجون، لشبكة تلفزيون بي إف إم الفرنسية إن بعض المحتجزين في هذا السجن يصفون زنزاناتهم “بالأفران”.

ونشرت شبكة التلفزيون الفرنسية تقريرا أشار إلى أنه “من المستحيل أن يوفر السجن تيار هواء للمحتجزين لأنهم لا يستطيعون فتح الأبواب. وقرر سجن فرينسيس رش ساحة السجن بخراطيم المياه لتلطيف الهواء.”

التغير المناخي والمنخفضات

عن سبب هذا الارتفاع المفاجئ في درجات الحرارة بأوروبا، نقل موقع “سكاي نيوز عربية”، عن أستاذ المناخ والأرصاد الجوية، علي قطب، إن التغير المناخي، له دور في ارتفاع درجات الحرارة، لكنه ليس المسبب الرئيسي، فهذه الموجات تحدث منذ سنوات.

وأرجع قطب هذه الموجة الحارة إلى منخفضات جوية تتكون في الصحراء الكبرى، التي تتعرض لأكبر إشعاع شمسي، ويتزامن مع ذلك حدوث ما يعرف بـ”المنخفض الهندي الموسمي”، الذي يبدأ في الهند بأبريل، ويبلغ ذروته في يونيو ويوليو بالصحراء الأفريقية وشبه الجزيرة العربية، ويسبب موجات حر تصل أوروبا.

وأوضح أن وجود هذه المنخفضات مجتمعة يؤدي إلى ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة بجنوب أوروبا وغربها.

ورأى قطب أن وقت الموجة طبيعي، إذ حدث بعد 21 يونيو وهو بداية الصيف.

وحتى يتم تلافي تأثير هذه الموجة الحارة في أوروبا، فإنه ينصح بالإكثار من شرب السوائل، وتجنب التعرض للشمس والبقاء في الأماكن المفتوحة وارتداء الملابس ذات الألوان الفاتحة، وفق الخبير في الأرصاد الجوية.

ومن المتوقع أن تزداد شدة الموجة الحارة التي تتعرض لها أوروبا في الوقت الراهن ليمتد أثرها إلى بعض الدول، من بينها فرنسا، وإسبانيا، وسويسرا، لتتجاوز درجة الحرارة 40 درجة مئوية اليوم الخميس.

ربما يعجبك أيضا