المفوضية الأوروبية … تدابير جديدة لمواجهة الخطاب المتطرف على الإنترنت

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

تشكل وسائل الإعلام، المطبوعة والمرئية، التصورات لدى الرأي العام، ويلعب الإنترنت، وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي، دورًا حيويًا في تشكيلِ الرأي والسلوك. ورغم أنّ وسائل التواصل الاجتماعي عادةً ما تكون مجهولة، فإنها قد تخضعُ لاستخدامٍ منظم عبر ما يطلق عليه الدعاية الشعبوية الزائفة ومن آلياتها نشر تعليقات على المقالات، عبر الإنترنت، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، تعطي انطباعًا بأنها لأفراد عشوائيين من الجمهور، بينما تكون، في الواقعِ، جزءا من حملات ممولة ومنظمة بشكل جيد.

اقترح المجلس الأوروبي، مؤخرًا، سن لائحةٍ بشأنِ “منع نشر المحتوى الإرهابي عبر الإنترنت”. وتم اعتمادُ المسودة الأولية المقدمة من المفوضية الأوروبية، مع بعض التغييراتِ. وتهتم مبادرةُ الشبكة العالمية (GNI) بالتأثيراتِ غير المقصودة للاقتراح، وترغب، بالتالي، في طرح عددٍ من القضايا. ونحن نحثُّ البرلمان الأوروبي على معالجة هذه القضايا من خلال دراسة الاقتراح. يدرك أعضاء مبادرة الشبكة العالمية، ويقدرون، الأدوارَ المشروعة للاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في توفير الأمن، ويشاطرونه هدفَ التصدي لنشر المحتوى الإرهابي عبر الإنترنت.

منصة لمكافحة الإرهاب عبر الإنترنت

قدمتِ المفوضيةُ الأوروبية، في 18 سبتمبر 2018، اقتراحًا، بناءً على مبادراتٍ على مستوى الاتحاد الأوروبي لتعزيزِ التعاون التطوعي لمقدمي الخدمات، لوقف نشر المحتوى الإرهابي عبر الإنترنت، وعلى رأسها تلك الخاصةُ بمنتدى الإنترنت، التابع للاتحاد الأوروبي، ووحدة الإحالة لمحتويات الإنترنت، التابعة للاتحاد الأوروبي.

يعكسُ الاقتراحُ، أيضًا، أصداءَ التطوراتِ الوطنية المستمرة التي تذهب خطوةً أبعد من ذلك في فرض التزاماتٍ، مدعومةٍ بغراماتٍ كبيرة – على مزودي الخدمة، تهدفُ لحملهم على إزالة المحتوى غير القانوني، ومنع إعادة التحميل، في أسرع وقت، مثل قانون (NetzDG) الألماني “قانونٌ ألماني يهدفُ إلى مكافحةِ التحريض، ونشر الأخبارِ الوهمية، على شبكاتِ التواصل الاجتماعي الذي تم اعتماده في يونيو 2017. يتمُّ تطبيقُ اللائحة على “مقدمي خدمات الاستضافة” (HSPs)، المعروفة باسم “مقدمي خدمات المعلومات التي تتمثل في تخزين المعلومات المقدمة من قبل، وبناء على طلب مقدم المحتوى، وفي إتاحة المعلومات المخزنة لأطرافٍ ثالثة”.

مكافحة الإرهاب عبر الإنترنت بالقانون

تختص المادةُ الرئيسة (المادة رقم 21) من توجيه الاتحاد الأوروبي؛ بشأن مكافحة الإرهاب، بسنِّ تدابير لمكافحة تحريض الجمهور، بما في ذلك عبر الإنترنت، وتنصّ على ما يلي:

 يجوز للدول الأعضاء، عندما يكون من غير الممكن إزالة المحتوى المشار إليه في الفقرة 1 من مصدرها، أن تتخذ تدابير لمنع وصول هذا المحتوى إلى مستخدمي الإنترنت داخل أراضيها.

 يجب وضع تدابير الإزالة والحجب باتباع إجراءاتٍ شفافة، وتوفير ضمانات كافية، على وجه الخصوص، لضمانِ قصر تلك التدابير على ما هو ضروري ومتناسب، واطلاع المستخدمين على سببِ اتخاذ هذه التدابير، تساعد القواعد الجديدة التي اقترحتها المفوضية على ضمانِ إزالةِ المحتوى الإرهابي عبر الإنترنت بسرعة.

القواعد الجديدة لحذف المحتوى المتطرف

قاعدة الساعة الواحدة أي إزالة المحتوى المتطرف في غضونِ ساعة من الإبلاغِ عنه

 تعريف واضح للمحتوى الإرهابي

 توخي العناية والحرص

 زيادة التعاون

 ضمانات قوية

 زيادة الشفافية والمساءلة

 فرض عقوبات مالية قوية ورادعة

كيفية تطبيق دوريات الرقابة على الإنترنت

تم إطلاق منتدى الإنترنت التابعِ للاتحاد الأوروبي، في ديسمبر 2015. تقوم قاعدة بياناته التجريبية، التي يتم تشغليها بالتعاونِ مع شركاتِ “يوتيوب” و”تويتر” و”مايكروسوفت”، بجمعِ “بصماتٍ رقمية” (رموزٍ) للمحتوى الذي يحملُ مؤشراتِ أنَّه ذو طابعٍ “إرهابي” أو “متطرف”، وبمجرد تحديدِ المحتوى، يتم منعُ تحميلِ الصور أو مقاطع الفيديو على هذه المنصات، وتهدف فلاتر التحميل إلى ضمان تحديد المحتوى غير المرغوب فيه، وإزالته بسرعة أكبر. هذه الشركاتُ هي جزء مما يُعرف بمنتدى الإنترنت التابع للاتحاد الأوروبي، الذي اجتمع للمرة الثانية في شهر ديسمبر الماضي 2019. من خلالِ هذه المبادرة لمكافحةِ الإرهاب، تعتزمُ المفوضية الأوروبية تشجيع شركات الإنترنت على القيام، بين جملةِ أمورٍ أخرى، برصدِ المحتوى على منصاتها بمزيدٍ من التكثيف.

الخلاصة:

كثّفت وكالات الاستخبارات الأوروبية جهودَها في مواجهةِ معضلةِ الإرهابِ بأشكالٍ مختلفة، ونوَّعت جهودَها الراميةَ إلى منعِ العملياتِ الإرهابية، واستنزاف تنظيماتها، ووقف قدراتها على التجنيد؛ سواء داخل الاتحاد الأوروبي، أو في المناطق الاستراتيجية المحيطة بالقارة الأوروبية؛ وفي مقدمتها أفريقيا؛ خاصةً القسم الشمالي منها المتاخم لأوروبا.

طوَّر الاتحادُ الأوروبي العديدَ من المؤسسات الأمنية والسياسية والقانونية، لمحاولة قمع الإرهاب على الأراضي الأوروبية، ورغم ذلك استمر هذا التهديد في التصاعد بوتيرةٍ سريعة في السنوات الأخيرة. إنّ مبادئ العمل الاستخباراتي الأوروبي – الدقة، الفطنة، وتجنب انتهاكات حقوق الإنسان- سليمةٌ، لكن التحدي الآني لأوروبا هو التعامل مع عودةِ المقاتلين الأجانب، ومحاولة إعادة – تأسيس البنية القانونية التي تضررت بشدة ضد تمويل الإرهاب.

ربما يعجبك أيضا