“الإيكو”.. طريق دول غرب أفريقيا نحو سوق مشتركة

حسام عيد – محلل اقتصادي

بعد 30 عامًا من الانتظار، حلم دول تجمع غرب أفريقيا يتحول إلى واقع، مع إطلاق عملة موحدة تحت مسمى “إيكو” بدءً من عام 2020.

جاء ذلك في الإعلان الختامي، للقمة الـ55 لرؤساء دول وحكومات المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “الإيكواس”، والتي انعقدت بالعاصمة النيجيرية أبوجا، وانتقلت خلالها رئاسة “الإيكواس” من الرئيس النيجيري محمد بخاري، إلى نظيره النيجري محمد إسوفو.

خطوة إيجابية نحو إقامة سوق مشتركة واتحاد جمركي واحد، لكن البعض يراها غير واقعية، وقد تكون كارثية بالنسبة لاقتصادات المجموعة.

الإيكو.. عملة مرنة

وتبحث “الإيكواس” منذ 3 عقود وضع عملة موحدة تكون مشتركة بين الدول الأعضاء فيها، والبالغ عددها 15 دولة، تعاني اقتصاداتها من تباطؤ في معدلات النمو.

وكان اسم العملة الموحدة للمجموعة تم تداوله منتصف شهر يونيو الماضي، خلال اجتماع لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية، بالعاصمة الإيفوارية أبيدجان.

وقال موقع وكالة “بلومبيرج” إن العملة الجديدة ستصدر ابتداءً من يناير المقبل، مضيفا أنها ستعتمد على نظام سعر صرف مرن.

وستعمل “إيكواس” الآن مع مؤسسة غرب أفريقيا النقدية ومعهد غرب أفريقيا النقدي والبنوك المركزية للإسراع في تنفيذ خارطة طريق العملة الموحدة.

العملة الجديدة سيتم ربطها باليورو، وفقًا لمعدل سعر صرف الفرنك مقابل اليورو الذي يستخدمه نحو 8 دول في التجمع كعملة رسمية لهم، وهي بنين وبوركينا فاسو وغينيا بيساو وساحل العاج ومالي والنيجر والسنغال وتوجو.

خلق سوق مشتركة

يبقى الهدف البارز من عملة “الإيكو” تعزيز التجارة والنمو عبر سوق مشتركة بين الدول الأعضاء لمجموعة “الإيكواس” أسوة بالتجربة الأوروبية.

وتوصل وزراء مالية “الإيكواس” ورؤساء البنوك خلال اجتماعهم في أبوجا إلى اتفاق مبدئي يسمح لسكان تلك الدول باستعمال عملة “إيكو” في معاملاتهم التجارية اليومية، مؤكدين أن البداية ستكون بين الدول التي تكون اقتصاداتها متوازنة.

كما تسعى دول المجموعة مستقبلًا، إلى إقامة سوق مشتركة واتحاد جمركي واحد من شأنه، زيادة حجم التبادل التجاري بين دول المنطقة.

فرنسا ترفض

تلك الخطوة التي ستكون من المتوقع رمزًا سياسيًا لدول التجمع، رفضتها دولة فرنسا التي كانت تحتل معظم دول غرب أفريقيا.

ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية تصريحات عن مسؤولين حكوميين،”أنه وفقا لتحليلات اقتصادية، فإن إطلاق عملة موحدة بين دول غرب أفريقيا يعد مخاطرة اقتصادية كبيرة”.

فيما أوضح موقع قناة “بي إف إم تي في” التلفزيونية الفرنسية أنه من غير المرجح إطلاق هذه العملة في أوائل 2020، على اعتبار أن عددا من الدول لا تستوفي المعايير والشروط المطلوبة للانضمام إلى مستخدمي “الإيكو”، أبرزها اعتماد سياسة نقدية قادرة على السيطرة على التضخم وعجز الميزانية.

من جهته، كشف موقع “تي في 5 موند” الفرنسي أن إطلاق هذه العملة أمر غير واقعي، مشيرًا إلى أن دول المجموعة لا تدرك المخاطر التي قد تواجهها بسبب هذه العملة الموحدة وآثارها على اقتصاد المنطقة.

وقال عبد الرحمن سار، الخبير النقدي السابق في صندوق النقد الدولي، إنه يتعين على قادة دول غرب أفريقيا رسم سياسة نقدية واضحة قبل الإقدام على مثل هذه الخطوة الكبيرة.

وتابع: “كل الخبراء أجمعوا على أنه يجب تأجيل موعد إطلاق هذه العملة أو التخلي عن فكرة نظام سعر الصرف المرن”.

وأردف قائلا: “الدول الثمانية التي تستخدم الفرنك، والذي يكون سعره معادلًا لليورو، ليست لها مصلحة اقتصادية في الانضمام إلى هذه العملة الموحدة، لاعتبارات اقتصادية وسياسية”.

وبين أن “إنشاء بيئة اقتصادية جديدة هو خيار سياسي بالدرجة الأولى، على اعتبار أن أغلب دول هذه المنطقة ما تزال تتعامل بعملة تركها المستعمر الفرنسي، وبالتالي فإن هذه العملة تعني خلق قطيعة نهائية مع مخلفات الاستعمار”.

وشهدت الأعوام الماضية تظاهرات كثيرة في عدد من العواصم الأفريقية احتجاجًا على عملة الفرنك الأفريقي، حيث يعتبرها المحتجون مظهرًا من مظاهر استمرار الاستعمار الفرنسي وسببًا في التخلف الاقتصادي.

ربما يعجبك أيضا