قمع متزايد.. الصين تفصل أطفال الإيغور عن عائلاتهم

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي 

في الوقت الذي يعاني فيه العالم من تأثير الإرهاب، ويبذل قصارى الجهد في محاولة لانحسار العمليات الإرهابية، تأتي الصين لتتخذ إجراءات يصفها البعض بأنها ممنهجة ضد أقلية الإيغور. واتخذت بكين سياسات عنصرية متعددة من أجل تغيير هوية مسلمي الإيغور ما بين التغيير الديموغرافي ومعسكرات إعادة التأهيل وتقييد هامش الحريات الشخصية لأبعد الحدود، الأمر الذي تزداد معه، التداعيات العكسية المحتملة لهذا الكم من التمييز والتقييد في صورة إرهاب أكثر عنفًأ وخلق مجال للصراع بين الإسلام والبوذية.

في خطة أخرى أكثر قمعية ووحشية، تقوم الصين بشكل متعمد بفصل الأطفال المسلمين عن عائلاتهم والبيئة الدينية واللغوية الخاصة بهم وتضعهم في مناطق بعيدة في إقليم شينجيانغ، وفقا لبحث أجري مؤخرا. ويتم وضعهم في مدارس داخلية ضخمة مصممة خصيصًا لهذا الغرض كجزء من “حملة حكومية منسقة” لتوفير “رعاية بدوام كامل أو قريب من دوام كامل” لجميع الأطفال في سن مبكرة جدًا.

وبينما يحتجز مئات آلاف المسلمين في معسكرات ضخمة فإن حملة كبيرة لبناء المدارس الداخلية تجري على قدم وساق.

وحشية بكين.. معسكرات تأهيل” الإيغور

تقول السلطات الصينية، إنه يجري “تأهيل” الإيغور في مراكز تأهيل مهني من أجل مساعدتهم على مواجهة التطرف الديني. لكن الأدلة تظهر أن الكثيرين يحتجزون لمجرد تعبيرهم عن إيمانهم الديني، كأن يمارسوا شعائر الصلاة أو ترتدي النساء الحجاب، أو بسبب وجود صلات مع تركيا.

مثل هذه الأزمات تبرز معضلة تواجه الصين ضد الأقليات التي تقطن بها وعلى رأسها الإيغور، وقد نشرت بعض المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان تقارير عن التعامل الصيني مع أقلية الإيغور والتي يصفها البعض بـ”القمعية” ومن تلك السياسات: منع بعض الإيغور من تأدية فريضة الصيام بشهر رمضان، بالإضافة إلى حظر آخر للحجاب العام بين نساء الإيغور واللحى الطويلة بين الرجال الإيغوريين، تظهر مدى تحامل الدولة الصينية في التعامل مع الإسلام كدين، حسبما أشار تقرير منظمة هيومن رايتس المعني بحقوق الإنسان بإقليم التبت في الصين.

علاوة على ذلك، يحتاج المصلون من الإيغور إلى التسجيل الإجباري في أقرب مراكز الشرطة لتأدية صلواتهم اليومية أو الأسبوعية، بحسب تقرير لمجلة “الإيكونوميست”، وأصدرت السلطات الصينية تعليمات صارمة للسكان المحليين بعدم إعطاء 29 اسمًا إسلاميًا لأبنائهم، حتى داخل المساجد، تجري دروس حول صناعة الشيوعي الجيد.

الإيغور الذين يعيشون فى مقاطعة شينجيانغ بشمال غرب الصين هم جماعة مسلمة تركية، تتراوح سجالات العداء ما بينها وما بين الحكومة المركزية في بكين، من حيث اختلاف القيم السائدة في الإقليم عنها في بكين، بجانب التطلع للحصول على حكم ذاتي أو الانفصال عن الصين كليًّا.

القمع والعنف.. علاقة طردية

ولمثل تلك السياسات أن تخلق جيلًا متطرفًا من مسلمي الإيغور الذين ينفثون عن غضبهم بين الحين والآخر بعمليات تفجيرية داخل الإقليم نفسه، أو خارجه، وعلى الرغم من ذلك تظل الأغلبية من الإيغور ترفض السياسات العنيفة ضد اضطهاد الحكومة الصينية ومحاولتها تغيير الإقليم ديمجرافيًا.
 
من ناحية قاطني الإقليم، تزداد مخاوف الإيغور من سياسة التغيير الديمغرافي التي تتبعها الصين بإلاقليم، وبالتالي صعوبة المحافظة على الثقافة التقليدية السائدة به أمام موجة الهجرة الداخلية الكثيفة التي شهدت وصول أكثر من 1.2 مليون من المستوطنين الصينيين إلى المنطقة خلال العقد المنصرم، ويرغب الكثير من الإيغور في حكم ذاتي أوسع مما هو موجود حاليًا. وبعضهم يرغب في إقامة دولة مستقلة.
 
ويتعرض الإيغور للمضايقات في حياتهم اليومية إذ من المحظور عليهم تمامًا، في مؤسسات الدولة بما فيها المدارس، الاحتفال في أيام عطلهم الدينية أو دراسة النصوص الدينية أو أن يظهر الشخص دينه من خلال مظهر شخصي ما، فالحكومة الصينية هي التي تختار من يمكن أن يصبح رجل دين، وما النسخة المقبولة من القرآن، وأين يمكن أن تعقد التجمعات الدينية، وماذا يمكن أن يقال فيها، حسبما أشارت “هيومن رايتس”.

وختامًا، فإن السياسة الصينية في تعاملها مع مسلمى شينجيانغ أحد دوافع تصاعد نزعة التطرف والإرهاب لدى بعض مواطنى الإقليم، واللجوء إلى تنظيمات إرهابية لأجل ممارسة أعمال إرهابية ضد الدولة التي تنتهج سياسات قمعية ضد مواطنيها.

فالعنف لا يولد إلا العنف، وينبغي أن تتبع سياسات أخرى أكثر احتواء، وانتهاج سياسات أخرى لتلبية احتياجات الإقليم، والبعد عن سياسة العنف والترهيب لسياسة التمكين، والاستمرار في الأساليب القمعية سيخلق المزيد من الإرهابيين في جنوب شرق آسيا، الأمر الذي قد ينتج عنه تحول وجهة الإرهابيين إلى تلك المنطقة.

ربما يعجبك أيضا