اتفاق الخرطوم.. طبول التغيير تقرع في السودان

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

ملامح التوافق بين المجلس العسكري الانتقالي وإعلان قوى الحرية والتغيير في السودان بدأت تظهر في تصريحات كلا الطرفين مع عزمهما المضي قدما في التفاهمات. رئيس المجلس العسكري خرج ليؤكد التزام العسكري بجميع التعهدات وأن العمل يسير على قدم وساق لمرحلة تأسيسية لبناء سودان جديدة

تصريحات البرهان كشفت بعض الشيء عن مستقبل المجلس العسكري الانتقالي في المرحلة المقبلة، فقد أكد أن العسكر قد يبتعدون عن الحكم بعد انقضاء الفترة الأولى وأن المجلس العسكري سيتم حله بعد تشكيل المجلس السيادي. لكن البرهان طمأن الشعب بأن الجيش والأجهزة الأمنية يقفون سداً منيعاً لحماية البلاد وممتلكاته.

مجلس السيادة.. الخطوة الأهم

تبدو الخطوة الأهم والجوهرية في الاتفاق هي تشكيل مجلس السيادة باختيار رئيس الوزراء من قبل قوى التغيير ومن ثم اختيار الوزراء من بين الترشيحات المقدمة.

من بين الأسماء المرشحة لاعتلاء منصب رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك الخبير الاقتصادي والحاصل على الماجستير والدكتوراة من جامعة مانشستر البريطانية، والذي عمل في مواقع دولية مهمة وشغل منصب كبير الاقتصاديين للجنة الاقتصادية لأفريقيا ومديراً اقليميا في المعهد الدولي للديمقراطية.

ترحيب دولي وإقليمي

هذا الاتفاق لاقى اتفاق الخرطوم بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى التغيير على ترتيبات المرحلة الانتقالية والمجلس السيادي ترحيبا إقليميا ودوليا واسعا، حيث عبرت كل من المملكة العربية السعودية والإمارات ومجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية عن الترحيب بما تم التوصل إليه متمنين أن تكون هذه البداية الإيجابية فرصة لصياغة ملامح مستقبل أفضل للشعب السوداني.

بدورها أشادت حركة الاحتجاج الرئيسية بالاتفاق وقالت أن لجنة من الخبراء ستسوغ نصه النهائي الأسبوع المقبل مؤكدة أنها لا تحمل أية أجندة إقصائية وأن المرحلة المقبلة هي للمصالحة وليس للانتقام.

 أحلام ومخاوف الشعب السوداني

تمر الساعات ومعها تهدأ الأصوات الاحتفالية لتحل نبرة الترقب مصحوبة بالتفاؤل مكانها.. فالجميع مدرك أن الاتفاق الذي تم إنما هو خطوة أولى ويبقى الأمل الحقيقي معلق بما سيليه من خطوات تطبيقية.

أحلام ومخاوف الشارع تجد مكان لنفسها اليوم في بنود الاتفاق المبرم بين المجلس العسكري والمعارضة وهو الشق الذي أجج مشاعر التفاؤل إلا أنه يبقى شقا نطريا بانتظار ما ستفسر عنه الأسابيع المقبلة.

أولى القرارت ستعلن عن لجنة فنية مشتركة تتولي مهمة إقرار الترتيبيات الأخيرة في مهمة بدأت صباح السبت وتنتهى بعد 48 ساعة. بعدها من المفترض أن يتم الإعلان عن أسماء المجلس السيادي والمجلس الوزاري وضع أسبوع واحد للانتهاء منها .

تقاسم السلطة.. ملف شائك

بالتناوب سيتولى المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير رئاسة المجلس السيادي في وضع سيستقر بعد 90 إذ من المفترض أن يتم الإعلان عن تشكيلة المجلس التشريعي الذي سيتولى السلطة الحقيقية في البلاد.

سلطة يبقى بند نسب تقاسمها من العناوين الشائكة بالإضافة إلى مراجعة القوانين وتسوية ملفات الماضي في معادلة سودانية ليست بالسهلة ومع ذلك فالكل مجمع على أن مهمة الـ1000 ميل تبدأ بخطوة.

فقد أحيا الاتفاق الذي جاء نتيجة ضغوط دولية وإقليمية الآمال في انتقال سلمي للسلطة في بلد يشهد نزاعات داخلية وأزمة اقتصادية خانقة. تضمن الاتفاق مجلسا سياديا من 11 عضوا من قوة مدنية تضم كفاءات وطنية مستقلة ومرحلة انتقالية لمدة 3 سنوات و6 شهور. يشمل الاتفاق أيضا إجراء تحقيق دقيق وشفاف ومستقل في الأحداث العنيفة التي عاشتها البلاد في الأسابيع الأخيرة.

رغم قطع خدمة الإنترنت، إلا أن نبأ الاتفاق بين المجلس العسكري الحاكم في السودان والمعارضة انتشر كالنار في الهشيم فخرج الآلاف  في شوارع العاصمة الخرطوم ومدن أخرى للاحتفال بالخطوة الأولى نحو إنهاء عقود من الديكتاتورية.. إذن مرحلة جديدة في تاريخ السودان تبدو على بعد خطوات فقط لتصبح أمراً واقعاً بالنسبة للشعب السوداني.

ربما يعجبك أيضا