خلال الأيام المقبلة .. واشنطن تكشف عن تحالف دولي لحماية الملاحة البحرية

يوسف بنده

رؤية

في الرابع والعشرين من شهر يونيو الماضي، قال وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، إنه سيسعى إلى تشکيل “تحالف عالمي” ضد إيران، خلال رحلته إلى الشرق الأوسط.

وقال الوزير الأميركي بعد مغادرته واشنطن: “سنتحدث معهم بشأن ضمان التوافق الاستراتيجي وكيفية تشكيل تحالف عالمي؛ تحالف ليس فقط بين دول الخليج ولكن أيضًا في آسيا وأوروبا”.

وأضاف أن التحالف يجب أن يقف ضد “أكبر داعم للإرهاب في العالم”.. وهو الوصف الذي يستخدمه المسؤولون الأميركيون للإشارة إلى الجمهورية الإسلامية.

تحالف عسكري

الثلاثاء الماضي، قال رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال جوزيف دانفورد إن الولايات المتحدة تريد تشكيل تحالف عسكري في غضون أسبوعين لحماية الملاحة البحرية في مضيقي هرمز وباب المندب، بعد الهجمات التي تعرضت لها ناقلات ومنشآت نفطية، جرى تحميل إيران المسؤولية عنها.

وحسب تقرير صحيفة الشرق الأوسط، جاءت تصريحات دانفورد في أعقاب شهادته أمام الكونغرس واجتماعين بشأن تشكيل هذا التحالف، عقدهما مع كل من وزير الدفاع بالوكالة مارك إسبر ووزير الخارجية مايك بومبيو. وكانت أوساط سياسية وعسكرية قد تحدثت خلال الأيام القليلة الماضية عن جهود مكثفة تبذلها واشنطن مع عدد من الدول الإقليمية والدولية لتشكيل تلك القوة، على أن توفر لها الولايات المتحدة سفن القيادة وعمليات المراقبة والاستطلاع.

وأوضح دانفورد أن التواصل جار مع تلك الدول لتشكيل هذه القوة البحرية، قائلا إنه “من المحتمل أن نحدد خلال الأسبوعين المقبلين الدول التي لديها الإرادة السياسية لدعم هذه المبادرة، وسنعمل بعد ذلك بشكل مباشر مع الجيوش لتحديد الإمكانات التي ستدعم ذلك”.

يأتي هذا التطور في أعقاب تصريحات متكررة للرئيس الأميركي دونالد ترمب، أعلن فيها أن بلاده لا تسعى إلى الحرب مع إيران، لكنها سترد على أي هجمات ضد قواتها ومصالحها في المنطقة. وطالب ترمب مرارا من الدول التي تعتمد على شحنات النفط القادم عبر مضيق هرمز أن ترسل قوات بحرية لحماية السفن، لأن بلاده “ليست معنية ولن تتضرر من تعطيل الملاحة في هذا المضيق” بعدما استغنت عمليا عن نفط المنطقة.

وتهدد إيران بإغلاق مضيق هرمز الذي يمر منه قرابة خمس النفط العالمي، وتستفيد منه خصوصا الصين وكوريا الجنوبية والهند واليابان، ما لم تتمكن من تصدير نفطها. وهو ما تسعى إليه واشنطن التي أعلنت نيتها عن تصفير تصدير النفط الإيراني، كوسيلة ضغط على طهران لحملها على التفاوض على اتفاق نووي جديد. وأكدت واشنطن مرات عدة أنها ستواصل تلك السياسة، في مواجهة محاولات طهران استمالة دول كبرى كالصين لاستيراد النفط منها.

وقالت نيكول تومبسون، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، إن واشنطن على تواصل دائم مع بكين للحفاظ على سياسة أقصى الضغوط الاقتصادية على النظام الإيراني، بعد نشر تقارير وصور عن قيام ناقلات نفط عملاقة بتفريغ شحنات نفط في موانئ صينية مصدرها إيران.

مشاركة الصين

ويطرح تشكيل قوة الحماية البحرية احتمال مشاركة الصين فيها، ما قد يشكل أحد التنازلات المتبادلة بين واشنطن وبكين، ومحاولة إدارة الرئيس ترمب الحفاظ على تماسك الالتزام الدولي بالعقوبات التي فرضتها على إيران. غير أن اقتراح دانفورد أن تشمل الحماية البحرية مضيق باب المندب أيضا، يشير إلى أن الولايات المتحدة قلقة بعدما شن الحوثيون الذين تدعمهم إيران هجمات عدة في البحر الأحمر، من تكرار تلك الهجمات وتوسيعها في باب المندب الذي يمر منه نحو أربعة ملايين برميل نفط يوميا، فضلا عن السفن التجارية الأخرى التي تعبر قناة السويس من وإلى البحر الأحمر.

وقال دانفورد إن الولايات المتحدة ستوفر سفن القيادة والسيطرة، لكنه أكّد أن دولا أخرى ستوفر سفنا لتسيير الدوريات، على أن تشمل المرحلة الثالثة توفير أفراد من التحالف لمرافقة سفن بلادهم التجارية. وأضاف دانفورد أنه يتوقع من تلك الدول أن تقوم بأعمال الدورية والمرافقة، مشيرا إلى أن حجم القوة سيتحدد استنادا إلى عدد الدول التي ستشارك في تشكيل قوة التحالف. وقال إن الأمر سيكون قابلا للتطور، فإذا كان عدد الدول صغيرا يمكن أن يكون لدينا مهمة محدودة، لكن يمكن توسيعها إذا انضمت دول إضافية.

وإذا نجحت واشنطن في تشكيل تحالف دولي وقيادته لحماية خطوط الملاحة البحرية في منطقة الخليج، فسيكون تطورا بارزا في سياق المواجهة مع إيران، ويحرمها من تنفيذ تهديداتها ويعرضها لمواجهة مع المجتمع الدولي والقوى الكبرى فيه.

وكانت واشنطن قد حملت طهران المسؤولية عن الهجمات التي وقعت في الشهرين الماضيين على ناقلات نفط، وإسقاطها طائرة استطلاع أميركية من دون طيار قرب مضيق هرمز، ما دفع الرئيس الأميركي إلى إصدار أوامر بتوجيه ضربة ضدها، لكنه تراجع عنها في اللحظة الأخيرة.

وصدر أحد أول ردود الفعل على الاقتراح الأميركي من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي أبقت مشاركة بلادها في التحالف الدولي المرتقب مفتوحة. وقالت ميركل أمس عقب لقائها رئيس الوزراء الفنلندي الجديد، أنتي ريني، في برلين، إن “المناقشات سارية، بالطبع ستشارك فيها ألمانيا أيضا، لكن لا يمكنني حاليا قول شيء عن الأمر، لأنه لم يتم بعد”. وأضافت ميركل، وفق وكالة الأنباء الألمانية، أنه سيُجرى الإبقاء على الحوار نظرا للوضع في مضيق هرمز، مؤكدة أنه لا يوجد أي قرارات في هذا الشأن حتى الآن.

بدورها، نقلت صحف بلجيكية أن بروكسل لم تتوصل بعد بطلب رسمي للالتحاق بهذه القوة البحرية المرتقبة. فيما نقلت صحيفة “هت لاتست نيوز” الهولندية عن وزيرة الدفاع أنيكا بيلفيلد قولها إن “القرار النهائي (لهولندا) سيصدر في غضون أسابيع قليلة”، منوّهة إلى أن هذه القوة ستمكّن من تأمين السفن التجارية في المنطقة.

ربما يعجبك أيضا