“فيس بوك” ليست الأخيرة.. “جوجل” تنضم إلى سلسلة فضائح الشركات الأمريكية

حسام السبكي

حسام السبكي

ما إن تنخمد نيران فضيحة لإحدى الشركات الأمريكية، العاملة في مجال التكنولوجيا الرقمية، حتى نستيقظ على فضيحة جديدة، تتداولها وسائل الإعلام الدولية، لتتصدر عناوينها، صفحات كبريات الصحف والمواقع الإخبارية.

آخر تلك الفضائح، وربما ليست الأخيرة، كانت من عملاق محركات البحث العالمية، “جوجل”، الكارثة هذه المرة، لا تكمن في محرك البحث فحسب، وإنما عبر خدمة “مساعد غوغل” أو (Google Assistant)، والتي كشفتها مؤخرًا، مؤسسة البث الإذاعي والتلفزيوني البلجيكية، لتضاف إلى حماقة “بيانات كيمبريج أنيليتيكا” التي كانت بطلتها شركة “فيس بوك” قبل أعوام.

فضيحة Google Assistant

يبدو أن فضيحة “فيس بوك”، لم تكن الدرس الكافي، لتتعلمه مختلف الشركات الأمريكية، وفي طليعتها العملاق الأمريكي “جوجل”.

فقد كشفت مؤسسة البث الإذاعي والتلفزيوني البلجيكية، الناطقة باللغة الهولندية، في تقريرٍ لها، أن المستخدمين لخدمة “مساعد جوجل” (Google Assistant)، باتوا أكثر عرضة للتجسس من قبل “جوجل”.

وبحسب التقرير، فإن جوجل يسجل المحادثات والأصوات التي تُسمع داخل البيوت حيث يعيش المستخدمون، ويرسلها إلى موظفين، من البشر هذه المرة، لا إلى برامج مزودة بخوارزميات، للتدقيق فيها.

وبشكلٍ أوضح، يتهم التقرير على نحوٍ جزئي جهاز “جوجل هوم” بتسجيل محادثات من دون موافقة المستخدم.

ويعد جهاز “جوجل هوم” أول (جوجل بيت) أحد الأجهزة الذكية التي تنتجها الشركة الأمريكية، واحدًا من بين أجهزة أخرى مزوّدة بتقنية “مساعد جوجل” الموجودة أيضاً على الهواتف العاملة بنُظُم أندرويد.

ويضيف التقرير، أن نحو ألف تسجيل صوتي تعود لمستخدمين تمّ تسريبها والمحيّر فيها أحياناً أن جوجل قام بحفظها، من دون أن يطلب منه المستخدم أي شيء، فالمعتاد، عندما تريد التحدث إلى “مساعد جوجل” الموجود في آلة “جوجل هوم” ما عليك إلا إلقاء السلام عليه. ولكن التقرير البلجيكي يقول إنه في حالات كثيرة لم يطلب المستخدم شيئاً، وكان جوجل يسجل.

وما يدعو إلى القلق بحسب المصدر، هو أن جوجل يحوّل بعض التسجيلات إلى “موظفين” عاملين في الشركة، وهذا يعني أن هناك احتمالاً أن يكون أحد ما قد سمع كلّ ما جرى بين جدران بيتك أو شقتك أو حتى في سيارتك.

وقام صحفيون يعملون في مؤسسة البث الإذاعي والتلفزيوني البلجيكية بالاستماع إلى أكثر من ألف مجتزأ من تلك التسجيلات، وهم يقولون: إن 153 محادثة منها لم يكن يجب أن تسجَل أساساً، حيث إن المستخدمين لم يتحدثوا إلى الأجهزة بالدرجة الأولى، فبحسب التقرير، إن عبارة “حسناً جوجل” لم تستخدم في 153 حالة، ومع ذلك قامت الآلات بتسجيل كل ما يحدث بالقرب من مستخدميها.

أما عن فحوى التسجيلات، فوفقًا للمؤسسة الإعلامية البلجيكية، فإن عملية فرز التسجيلات التي حصلت عليها بيّنت أنها تحتوي على “نقاشات غرف نوم”، أو بمعنى أدق، تحوي نقاشات حميمية بين أشخاص تربطهم علاقات شخصية.

كما احتوت أيضًا على حوارات بين الأهالي والأطفال، وعلى مناقشات عبر الهاتف بين رجال أعمال، وكان فيها كمية هائلة من المعلومات “الخاصة”، بحسب تعبير المصدر نفسه.

وسريعًا، قررت “جوجل” الاعتراف بالفضيحة، ملقية باللوم على موظف هولندي يعمل لصالحها، حيث رأت الشركة الأمريكية العملاقة أن الموظف الذي كان من واجبه مراجعة التسجيلات، قام بتسريبها إلى الإعلام.

وفي بيان نشرته على مدونتها، قال ديفيد مونسيز، المتحدث باسم الشركة: “نراجع بشكل شامل نظم الحماية التي نقدّمها لمستخدمي “مساعد جوجل” حالياً، وسنعمل على تشديد حماية البيانات الفردية كي لا يقع أي استغلال مستقبلاً”.

أما فيما يتعلق بالحالات التي يبلغ عددها 153 والتي قامت فيها الأجهزة بتسجيل أصوات البيت والناس من دون استخدامها، قال مونسيز: “أحياناً يكون هناك بعض الأصوات والضجة في الخلفية التي قد يتلقاها الجهاز بطريقة خاطئة. اتخذنا سلسلة من الإجراءات التقنية لمنع وقوع هذا الأمر”.

فضائح أخلاقية

إذا تجاوزنا عما سبق، باعتبارها فضائح تجسس، أو انتهاكا للخصوصية، فقد تسبب “جوجل” نفسه، في فضائح أخرى، تسبب كشف بعضها في وقوع حالات طلاق!.

فقد تسبب تطبيق “خرائط جوجل” أو (Google MAP)، في اكتشاف رجل بيروفي خيانة زوجته، حين لجأ لاستخدام التطبيق للوصول إلى منزله بطريق مختصر.

فعندما أراد الرجل أن يخطط طريقه في شوارع العاصمة البيروفية ليما مستخدما تطبيق خرائط جوجل، أوقعه حظه العاثر، في مشاهدة بعض الصور لامرأة ترتدي ملابس شبيهة تماما بملابس زوجته، قبل أن يتأكد لاحقا أنها هي.
 
ثلاث صور للمرأة ذاتها ترتدي ملابس شبيهة بملابس زوجته وفيها ملامح من زوجته، تجلس على أحد المقاعد وهي تداعب شعر شخص آخر أرخى برأسه على حضنها.

الصور صدمت الزوج الذي قال: إن ما لفت انتباهه هو أن المرأة كانت ترتدي ملابس مشابهة تماما لملابس زوجته.

وعلى الرغم من أن الحكاية تعود إلى عام 2013، إلا إن الزوج الغاضب واجه زوجته بالدليل (الصور) لإثبات خيانتها، له، وهي لم تنكر الأمر، واتفقا على الطلاق، وهو ما حصل بالفعل لاحقا؟

كما تسبب التطبيق ذاته، في فضيحة أخرى، عندما التقطت صورة لامرأة عارية تغطي نفسها بمنشفة وهي تقطع أحد الشوارع باتجاه شاطئ في البرازيل.

وبعيدًا عن الفضائح، فقد تسبب “خلل فني”، في حرج شديد، لـ4 أشخاصٍ، اتخذوا من شاطئ ليبلون في البرازيل مكانًا يتبادلون فيه الأحاديث، ويستمتعون بالأجواء بكل براءة.

لكن الصورة التي ظهرت على “جوجل ماب” حولت الأمر إلى شيء غريب، بعد أن ضاع جذع المرأة، ودخل جذع الرجل مكانه فأصبحا كأنهما توأمين سياميين متلاصقين عند أسفل الظهر، تقريبا.

ويبدو أن خطأ في سرعة التقاط الكاميرا للصورة أدى إلى “خلل في الشخصين”.

عقاب قاس ينتظر فيس بوك

بعد الفضائح والتحقيقات، لابد من الحساب والعقاب، فقد أفادت وسائل إعلام أمريكية أن لجنة التجارة الاتحادية الأمريكية وافقت على تسوية قيمتها خمسة مليارات دولار مع فيس بوك، بشأن تحقيقها في طريقة التعامل مع بيانات المستخدمين، في غرامة تمثل حوالي 9% من إيرادات عملاق التكنولوجيا في 2018.
 
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال، اليوم السبت، أنه من المتوقع أن تتضمن التسوية قيودا حكومية على طريقة تعامل فيس بوك مع البيانات الشخصية للمستخدمين، كما وصفت الغرامة بأنها الأكبر الموقعة من قبل اللجنة الأمريكية على شركة تكنولوجيا، إذ بلغت أكبر غرامة سابقة 22.5 مليون دولار كانت موقعة ضد جوجل عام 2012.
 
وبحسب “رويترز” تجرى اللجنة تحقيقا فى مزاعم بأن فيس بوك تبادلت على نحو غير ملائم البيانات الشخصية 87 مليون مستخدم مع شركة كمبردج أناليتيكا البريطانية للأبحاث السياسية التى تم إشهار إفلاسها عقب الفضيحة.

جدير بالذكر، منظمة مراقبة الخصوصية في إيطاليا، أعلنت في أواخر يونيو الماضي، تغريم “فيس بوك” مليون يورو (1.13 مليون دولار) بسبب فضيحة بيانات كيمبريج أنيليتيكا.

وأوضحت المنظمة الحكومية في بيان، أنها حددت أن 57 إيطاليا قاموا بتحميل تطبيق “هذه حياتك الرقمية” من خلال الولوج لحساب فيسبوك، ونتيجة لذلك، حصل التطبيق على بيانات حوالي 215 ألف مستخدم إيطالي.

كانت شركة مراقبة حماية البيانات البريطانية قد خلصت إلى أن كامبريدج أناليتيكا قد قامت بجمع بيانات من فيسبوك بشكل غير مناسب لمساعدة حملة دونالد ترامب الرئاسية الناجحة في 2016.

ربما يعجبك أيضا